السياسة الكويتية: لحم الحمير المحرم يغزو الأسواق
الوسط - المحرر السياسي
كثرت في بعض الدول العربية, ومنها الكويت, خلال الايام الاخيرة فضائح بيع لحم الحمير على انها لحم غنم او بقر, فاذا كان المصريون انشغلوا اخيرا بفضيحة مزرعة الفيوم, ففي الكويت اقفلت البلدية ملحمتين بعدما ضبطت فيهما لحم حمير, علما ان الكويت وفقا لاحصاءات الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية لا يوجد فيها حمير, فكانت المفاجأة باعترافات احد الجزارين الموقوفين على ذمة القضية انهم يستوردونها من المملكة العربية السعودية ويذبحونها في احد جواخير كبد و”تباع طازجة” للمستهلكين ،وفق ما ذكرت صحيفة السياسة الكويتية اليوم الجمعة ( 12 يونيو/ حزيران 2015).
صحيح ان كليوباترا كانت تستحم بحليب الحمير من اجل الابقاء على بشرتها طرية, وايضا كما كتب بعض المؤرخين كانت تحاول جعلها بيضاء لانها كانت سمراء البشرة, غير انه لم يذكر في كل الكتب عن الفراعنة عن ذبح الحمير واكلها, حتى في الجاهلية, قبل الاسلام, لم يكن مستساغا اكل لحم الحمير الا في المجاعة, وهو ما ذهب اليه الكاتب العراقي فاضل الربيعي في كتابه “شقيقات قريش” ان العرب في اوقات المجاعة اجبروا على اكل لحم الحمير, وفي ايام الرخاء كانوا يمتنعون عن ذلك لانهم يرون ذلك منكرا.
واذا كانت الفضيحة المصرية الاكثر دويا لان المزرعة التي ضبطت فيها مسلخ لذبح وتقطيع الحمير تورد اللحم الى العديد من المطاعم المشهورة في القاهرة والمدن المصرية الكبرى, بالاضافة الى عشرات الملاحم, فان فضيحة بيع هذا النوع من اللحوم في قطاع غزة المحاصر وتونس ولبنان وبعض مناطق سورية قد اثار ضجة ودفعت بمؤسسات الرقابة الى اتخاذ اجراءات قاسية ضد من يبيعونه, اما في مصر التي لا تزال منشغلة بفضيحة مزرعة الفيوم فيبدو ان المسألة بدأت تأخذ منحى سياسيا خصوصا بعد قول رئيس وحدة إنشاء الهيئة القومية لسلامة الغذاء الدكتور حسين منصور في مداخلة هاتفية مع احدى القنوات:”ما تخافوش لا هتنهقوا ولا هيحصلكم أي حاجة”, واضاف:”إن لحم الحمير مثله مثل أي لحم آخر, وإذا كان هذا اللحم ملوثا مثل اللحوم, التي تذبح داخل المجازر بطريقة سيئة وغير نظيفة ومن دون الإجراءات الصحية السليمة سيقع ضرره على الإنسان, ولو اتبعت الإجراءات الصحية السليمة في الذبح لن يكون له ضرر”.
واذ أكد “صعوبة التفريق بين لحم الحمير وأي لحم آخر, وبخاصة اللحم المفروم” فقد طالب العديد من الاعلاميين باقالته, فيما اعتبره اخرون يهوِّن من القضية ويسوِّق لبيع هذا النوع من اللحم لأن خبر العثور على 50 حماراً مذبوحاً و300 آخر جاهز للذبح في إحدى المزارع قبل أيام من حلول شهر رمضان, أثار ردود فعل غاضبة من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي, بالإضافة إلى اهتمام كبير من الإعلام المصري.
لكن يبدو ان رئيس وحدة سلامة الغذاء لم يطلع على الاحاديث النبوية والفتاوى الصادرة من اعلى المراجع الاسلامية في هذا الشأن, رغم اعترافه ان”بعض الشرائع تحرم اكل هذا اللحم”, وهو ما كانت وسائل الاعلام التونسية قد اعادت التذكير به العام الماضي بعد اكتشاف ملحمة تبيع لحم الحمير اذ افردت الصحف ووسائل الاعلام المرئية مساحات واسعة لتلك الفتاوى التي تحرم اكله قطعيا, ووفقا للشريعة الاسلامية فإن لحم الحمار الأهلي ولحم الحصان الحكم فيهما مختلف, ذلك أن لحم الحمر الأهلية لا يجوز أكلها, بينما الحصان مباح لا حرج في أكله, وهذا هو ما ذهب إليه جمهور علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة, إلا ما روي عن ابن عباس (رضي الله عنهما) من إباحة لحم الحمر, وإلا ما ذهب إليه الإمام مالك من حرمة لحوم الخيل, مستدلاً بأن الله تعالى ذكرها, اي الخيل, وبيَّن أنها معدة للركوب والزينة, ولم يذكر الأكل في قوله تعالى:”والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة”(النحل: 8), لكن ما ذهب إليه الجمهور من حرمة لحم الحمر الأهلية وحلية لحم الخيل هو الذي يجب الرجوع إليه, وهو الصحيح بدليل ما في الصحيحين وغيرهما من حديث أسماء بنت ابي بكر, اذ قالت: “نحرنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فرساً فأكلناه, وبدليل نهي الرسول (صلى الله عليه وسلم) يوم خيبر عن لحم الحمر الأهلية, وإذنه في الخيل, وهو في الصحيحين, أيضاً.
ومن المعروف أن النهي أصله التحريم, وما ورد من الأحاديث في إباحة لحم الحمر الأهلية أو تحريم لحم الخيل فهو ضعيف لا يقاوم ما في الصحيحين, وآية النحل المتقدمة لو سلم أن فيها متمسكاً للقائلين بتحريم لحم الخيل لكانت الأحاديث الصحيحة الثابتة رافعة لذلك الاحتمال ومبطلة لما توهم فيها من الاستدلال.