إتفاق حدودي بين الهند وبنغلاديش ينهي معاناة عشرات آلاف السكان
الوسط - المحرر السياسي
وقعت الهند وبنغلاديش، أمس السبت (6 يونيو/ حزيران2015)، اتفاقا حدوديا تاريخيا من شأنه أن يتيح لعشرات آلاف الأشخاص الذين يقيمون في جيوب على الحدود بين البلدين اختيار جنسية لهم، بعد حرمانهم من الهوية الوطنية طيلة عقود، وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأحد (7 يونيو/ حزيران 2015).
ووقع وزيرا خارجية البلدين بروتوكولا وتبادلا وسائل إقراره من أجل دخول اتفاق الحدود البرية حيز التنفيذ، وذلك بحضور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي يقوم بزيارة إلى دكا ونظيرته الشيخة حسينة. وقام رئيسا الحكومة بتدشين خطي حافلتين يربطان دكا بأربع مدن في شرق الهند ضمن سلسلة اتفاقات من المتوقع أن يوقعها البلدان لتعزيز العلاقات الثنائية بينهما.
وطغى الاتفاق من أجل التوصل إلى حل نهائي للحدود التي تمتد على طول 4 آلاف كلم شرق الهند على الزيارة الأولى لمودي إلى دكا، منذ انتخابه في مايو (أيار) الماضي. وفي الوقت الذي لا تزال فيه علاقات الهند مع الصين وباكستان تشهد خلافات حدودية، فإن توقيع اتفاق الحدود البرية سيحل مشكلة كانت تلقي بظلالها على العلاقات بين البلدين منذ استقلال بنغلاديش عن باكستان في عام 1971.
وكان تدخل الهند لصالح المقاتلين الانفصاليين حاسما في تحديد مجرى النزاع وتقيم الحكومات المتتالية في بنغلاديش علاقات وثيقة مع نيودلهي. إلا أن الاتفاق حول الجيوب الـ162 وغالبيتها أشبه بجزر نتيجة اتفاقات على ملكية الأراضي قام بها قادة محليون منذ قرون كان صعبا في العقود الماضية. ووافقت بنغلاديش على الاتفاق منذ عام 1974، إلا أن البرلمان الهندي لم يقره سوى الشهر الماضي، مما مهد الطريق أمام توقيع الاتفاق، أمس، بين مودي ونظيرته الشيخة حسينة.
وبموجب الاتفاق ستتبادل الدولتان أراضي بحيث يتم تسليم 111 جيبا إلى بنغلاديش و55 إلى الهند. وسيتاح للسكان في الجيوب الاختيار بين العيش في الهند أو بنغلاديش مع إمكانية حصولهم على الجنسية التي يختارونها في الأراضي الجديدة على أن تزول الجيوب. ويقدر عدد السكان في هذه الجيوب بـ50 ألف شخص وهم يعانون من نقص في الخدمات الأساسية، مثل المدارس والعيادات الطبية، بسبب عدم ارتباطهم بحكوماتهم.
وشبه مودي الذي استقبلته الشيخة حسينة في المطار، الاتفاق بتفكيك جدار برلين، قائلاً إنه «لحظة حاسمة في علاقاتنا مع بنغلاديش». ورحبت بنغلاديش أيضا بالتوقيع المرتقب، وقال وزير خارجيتها ا.ه. محمود علي أنه «سيفتح صفحة جديدة» في العلاقات.
ومن جهته، اعتبر وزير الخارجية الهندي س. جيشنكار أن الاتفاق سيساعد على مكافحة تهريب الأشخاص والمخدرات والعملات. وصرح جيشنكار أمام صحافيين بأن «الجيوب كانت في الماضي مناطق خارجة عن سيطرة أجهزة الأمن. وغالبا ما كان العناصر الذين يهددون الأمن والنظام يستغلونها». وأضاف: «وعليه، فإن الوضوح والانضباط الناجمين عن ترسيم الحدود بوضوح سيساعدان على جعل الحدود بين البلدين أكثر أمنا».
ويسعى مودي إلى لعب دور قيادي أكبر في جنوب آسيا، وذلك إزاء تزايد نفوذ الصين. وقال مسؤولون من الجانبين إن زيارة مودي ستؤدي إلى توقيع قرابة 20 اتفاقا من أجل تعزيز علاقات التجارة والنقل، من بينهما اتفاقات حول حركة البضائع عبر الحدود ومشاريع السكك الحديد.
وقال وزير الخارجية البنغلاديشي محمود علي أمام صحافيين إن «هذه الاتفاقات من شانها توسيع التواصل والتجارة على الصعيد الإقليمي. ونحن نعمل على إنشاء ممرات للتحرك بسهولة من أجل التجارة الداخلية بين البلدين».
وقبل ساعة فقط على وصول مودي، وقعت شركتا «ريلاينس باور» و«اداني» العملاقتان اتفاقات إطار مع الهيئة الوطنية للكهرباء في بنغلاديش لاستثمار قرابة 5 مليارات دولار في قطاع التيار الكهربائي.
وأعلن المتحدث باسم «ريلاينس باور» سيف الحسن أن «كبار المسؤولين في الهيئة الوطنية للكهرباء في بنغلاديش وقعوا الاتفاقات في دكا من أجل توليد 4600 ميغاواط من الطاقة». إلا أنه ليس من المتوقع تحقيق اختراق حول تقاسم مياه نهر تيستا الذي يمر عبر البلدين.
وستكون المحادثات بين مودي وضياء موضوع تركيز المراقبين خصوصا على خلفية النداءات المتكررة التي توجهها زعيمة المعارضة من أجل تنظيم انتخابات جديدة، دون أن تلقى تأييدا.
واستبعد مسؤولون هنود أن يقوم مودي بوساطة بين حسينة وضياء، إلا أنهم أشاروا إلى أنه سيحث ضياء على وضع حد للهجمات التي تستهدف الحكومة. وقتل الكثير من الأشخاص بهجمات بعبوات ناسف استهدفت عربات منذ دعت ضياء إلى مقاطعة وسائل النقل في مطلع العام الحالي.
وامتنعت الهند عن توجيه انتقادات لإعادة انتخاب الشيخة حسينة في يناير (كانون الثاني) 2014 في اقتراع قاطعته المعارضة، واعتبره الغرب «فاقدًا للمصداقية».