العدد 4652 بتاريخ 02-06-2015م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


الشبكات الاجتماعية تتنصت على عادات التصفح والتسوق

صحيفة الشرق الأوسط (2 يونيو / حزيران 2015)

هل تفاجأت بظهور مقترحات لبناء صداقة في شبكتك الاجتماعية المفضلة لشخص قرأت عنه قبل أيام في إحدى الصفحات الإلكترونية؟ هل أجريت بحثا حول شركة ما لعملك أو دراستك ثم تفاجأت بتكرار ظهور إعلانات أو اقتراحات في الشبكات الاجتماعية تطلب منك الإعجاب بصفحات تلك الشركات ومتابعة أخبارها؟ هل تصفحت منتجا ما في متجر إلكتروني، لتتفاجأ بكثرة ظهور إعلاناته في «يوتيوب» بعدها؟

هذه الأمور لم تحدث بمحض الصدفة، بل إنها مرتبطة بتقنيات خفية وظيفتها مراقبة تحركات المستخدمين في الإنترنت عبر النظم المشتركة بهدف عرض الإعلانات التي تتناسب مع رغبات المستخدمين، الأمر الذي قد يُشعرهم بفقدان خصوصيتهم.

* ملفات تعقب مخفية

لدى تصفح المواقع، يتم تكوين ملفات نصية جديدة في جهاز المستخدم اسمها «كوكي» Cookie، والتي يمكن تعريف وظيفتها بتخزين بعض الإعدادات اللازمة لعرض تلك المواقع، وعملها بشكل صحيح، بالإضافة إلى بعض المعلومات الصغيرة الأخرى. ويمكن للموقع قراءة هذا الملف الصغير في كل زيارة لتخصيص التجربة وفقا لإعدادات جهاز المستخدم واختياراته السابقة. وبالنسبة للمواقع التي يسجل فيها المستخدم اسم الدخول وكلمة السر، فمن المفترض أن تُحذف هذه الملفات الصغيرة بعد تسجيل الخروج أو إغلاق المتصفح، ولكن من الصعب على المستخدم العادي معرفة ما إذا كان الموقع يقوم بذلك بالفعل أم لا.

وكمثال على ذلك، أطلقت شبكة «فيسبوك» زر «الإعجاب» Like للجميع ليستخدموه في مواقعهم للتفاعل مع الزوار. ويقدر عدد الصفحات التي تستخدمه حاليا بنحو 13 مليون صفحة. وبإمكان شبكة «فيسبوك» قراءة هذا الملف لدراسة وفهم نزعات التصفح الخاصة بكل مستخدم يزور الصفحة، وما الذي أعجبه وما الذي لا يرغب فيه، وذلك للترويج لإعلان ما أو شخصية مشهورة تدير حملة ترويجية لنفسها من خلال الشبكة. وليس من الضروري أن ينقر المستخدم على الزر لإيجاد أو تعديل الملف، حيث يكفي أن يزور المستخدم تلك الصفحة لمرة واحدة لإيجاد الملف، والذي سيتم تعديل محتواه في حال ضغط المستخدم على زر الإعجاب.

وتجدر الإشارة إلى أن بإمكان المستخدمين اختيار عدم تتبع تحركاتهم عبر الإنترنت، ولكن بعض الشركات، مثل «فيسبوك»، تقوم بالفعل بالتوقف عن قراءة وتعديل ملفات التتبع للزيارات، ولكنها في الوقت نفسه توجد ملفا جديدا طويل الأمد وظيفته تحديد ما إذا كان المستخدم قد اختار عدم تتبعه، ومن دون أن تستطيع الشبكة معرفة هوية ذلك المستخدم، الأمر المحير بسبب عدم وجود سبب ظاهر يستدعي إيجاد هذا الملف، أو ما هي المعلومات التي ستستفيد منها شركة «فيسبوك» جراء ذلك.

* تحايل وتصيد

ورغم وجود قوانين صارمة تمنع الشركات التي تعمل في الاتحاد الأوروبي من تتبع وسرقة بيانات المستخدمين من دون علمهم، فإن بعض الشركات تنقل البيانات سحابيا إلى مراكز بيانات مختلفة حول العالم «لدواعي الصيانة وتحديث البرمجيات»، الأمر الذي قد ينجم عنه نقل البيانات إلى دول لا تفرض تلك القوانين، وبالتالي إمكانية تحليل المرغوب من البيانات، وإعادتها إلى مراكز البيانات في البلدان الصارمة «من دون انقطاع الخدمة» عن المستخدمين، ومن دون أن يشعروا بذلك. هذا، وتخزن بعض الشبكات الاجتماعية بعض صفحاتها (وخصوصا صفحات قائمة الأصدقاء) في أجهزة خادمة تابعة لشركات معلنة، الأمر الذي ينجم عنه قدرة تلك الشركات على قراءة ملفات الـ«كوكيز» الخاصة بالمستخدمين من دون تحميل الشبكة الاجتماعية أي مسؤولية قانونية تجاه تسريب البيانات.

وتجدر الإشارة إلى أن بعض المتاجر الإلكترونية قد تغير من سعر المنتج نفسه وفقا للموقع الجغرافي للمستخدم (يتم زيادة السعر إن كانت منطقة المستخدم تعتبر من مناطق أصحاب الدخل المرتفع)، وتاريخ تصفحه ونظام التشغيل المستخدم (تزيد بعض المواقع الأسعار إن كان جهاز المستخدم يعمل بنظام التشغيل «ماك أو إس»، نظرا لأنه يدل على وجود دخل أعلى من المعدل، على خلاف الشراء من الهواتف الجوالة)، أو حتى معدل أسعار المنتجات التي اشتراها المستخدم من المتجر نفسه في السابق، فيما يعرف بـ«التسعير الديناميكي» Dynamic Pricing.

وتستطيع بعض هذه المتاجر معرفة ما إذا زار المستخدم متاجر إلكترونية أخرى وقارن سعر المنتج قبل زيارة المتجر الذي يراقب تحركات المستخدم، أو زار مواقع متخصصة بمقارنة أسعار المنتجات بين المتاجر الإلكترونية، ليخفض ذلك المتجر السعر فورا بهدف إغراء المستخدم للشراء منه، ليصبح «متجرا ذكيا»! ولكن بعض المواقع لا تغير السعر، بل تقدم عروضا إضافية وفقا لذلك، مثل شحن المنتج مجانا أو تقديم كوبونات لتخفيض أسعار عمليات الشراء التالية، وغيرها.

* تحول جذري

ولكن انتشار الأجهزة الجوالة قد يحد من هيمنة ملفات الـ«كوكيز»، الأمر الذي جعل شركات كبرى، مثل «غوغل» و«آبل» و«فيسبوك»، تطور نظما جديدة لذلك، حيث حدّت «آبل» من قدرات هذه الملفات في البداية لدى إطلاق «آيفون» في عام 2007 لحماية مشاركة المعلنين الكثير من معلومات المستخدمين (يدعم متصفح «سفاري» الخاص بـ«آبل» إيجاد وتعديل هذه الملفات بشكل كامل بهدف عرض الصفحات وتشغيل الخدمات «كما ينبغي»)، مع عدم قدرة الملفات الموجودة على الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل «آندرويد» معرفة التطبيقات التي يستخدمها المستخدم، الأمر الذي كان نقطة إيجابية لصالح خصوصية المستخدمين.

وطورت هذه الشركات بدائل لحل هذه «العقبات»، حيث ربطت «آبل» البريد الإلكتروني للمستخدم بجميع خدماتها التي تعمل على الهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية والكومبيوترات الشخصية، وحتى حساب متجر «آي تونز». وتوجد الشركة مُعرفا خاصا اسمه «المُعرف للمعلنين» Identifier For Advertisers IDFA لكل مستخدم يستخدم أو يشتري من خدمات الشركة. وإن أرسلت شركة معلنة إعلانا ما لشركة «آبل» لتعلنه في شبكتها وفقا لشروط محددة، تستطيع «آبل» معرفة كل مستخدم بربط كل ما يقوم به ويستخدمه، ومعرفة الأجهزة والخدمات الأكثر استخداما لذلك المستخدم وعرض الإعلانات أمامه فيها. وتستخدم «غوغل» نظاما شبيها اسمه «معرف الإعلانات» AdID، حيث يهدف النظامان إلى حماية المستخدم من المعلنين، ولكنهما يضعان القوة بيد الشركات المالكة لهذه النظم.

وتعتمد الكثير من الشركات المعلنة على بيانات مفصلة من شركات أبحاث متخصصة، مثل «لايف رامب» LiveRamp و«إكسبيريان» Experian، حيث تستطيع الشركات المعلنة معرفة الكثير من البيانات حول العمليات اليومية التي يقوم بها شخص ما في الإنترنت بمجرد إدخال عنوان بريده الإلكتروني، مثل معرفة ما إذ قاد إعلان ما المستخدم إلى شراء المنتج من المتجر أم لا.

وعلى صعيد ذي صلة، قررت الحكومة الروسية مواجهة الهيمنة الأميركية على نظم التشغيل الخاصة بالكومبيوترات الشخصية والأجهزة المحمولة بالتعاون مع شركة «يولا» Jolla الفنلندية التي أسسها موظفون سابقون من شركة «نوكيا»، والتي تعمل على تطوير نظام تشغيل اسمه «سيلفيش» Sailfish مبني على نظام التشغيل مفتوح المصدر «لينوكس»، وذلك بهدف تطوير نظام تشغيل يتكامل مع الخدمات الإلكترونية الكثيرة للحكومة الروسية، وذلك عقب تسريبات حديثة حول تجسس الحكومة الأميركية على الدول الأخرى من خلال نظم التشغيل الأميركية الخاصة بالأجهزة المختلفة، والثغرات الأمنية الموجودة في تلك النظم.

* نصائح للحفاظ على الخصوصية

ينصح بتغيير خيارات الخصوصية في متصفح الإنترنت وقوائم خيارات نظام التشغيل للأجهزة الجوالة (تختلف الخيارات والقوائم وفقا للمتصفح ونظام التشغيل المستخدم) لمنع تخزين ملفات «كوكيز» في حال كان المستخدم لا يرغب في ذلك، مع القدرة على تحميل امتدادات Extensions للمتصفحات تحجب هذه الملفات لدى زيارة الموقع، أو بعد الانتهاء منه. ومن الامتدادات التي يمكن استخدامها على الكثير من متصفحات الكومبيوترات الشخصية لرفع مستوى الخصوصية RequestPolicy وHTTPS Anywhere وAdblock وBlueHell Firewall وNoScript وScriptSafe وFlashblock وDisconnect وDoNotTrackMe وGhostery.

ويمكن كذلك استخدام نظام التصفح السري (اسمه Incognito في متصفح «كروم»، و«التصفح الخاص» Private Browsing في متصفحات «سفاري» و«فايرفوكس» و«أمازون سيلك»، و«إن برايفيت براوزينغ» inPrivate Browsing في متصفح «إنترنت إكسبلورر»، و«النافذة الخاصة» Private Window في متصفح «أوبيرا») الذي لا يسجل تاريخ التصفح، ويمنع القدرة على حفظ ملفات مؤقتة أثناء التصفح، الأمر الذي من شأنه رفع خصوصية المستخدم، ولكنه لا يحجب قدرة المواقع على التعرف على موقع المستخدم من خلال عنوانه في الإنترنت IP من خلال الشركة المزودة للاتصالات. ويمكن تحميل واستخدام متصفح «تور» Tor الذي يخفي عنوان الإنترنت الخاص بالمستخدم ومزايا متصفحه، ليظهر المستخدم وكأنه يتصفح المواقع من مكان آخر.



أضف تعليق