"التحطيب"... لعبة فروسية فرعونية يمارسها صعايدة مصر في الموالد الدينية
الأقصر – د ب أ
ينشط مئات المصريين خلال شهر شعبان من كل عام هجري في ممارسة لعبة العصا أو التحطيب، كما يطلق عليها البعض .
وتعد لعبة العصا هي اللعبة الشعبية الأكثر شهرة في قرى صعيد مصر لما تحويه تلك اللعبة التاريخية، التي ترتبط بما عرفه المصريون القدماء من ألعاب ورياضات وفنون، من ممارسات فردية تبرز فروسية المتنافسين من اللاعبين الذين يقطعون مسافات بعيدة لممارسة لعبتهم المفضلة وسط الموالد الدينية والشعبية.
ومن ابرز الموالد التي تنتشر فيها لعبة التحطيب، العارف بالله سيدى عبد الرحيم القنائي بمدينة قنا والعارف بالله سيدى ابى الحجاج الأقصري ومولدي أبو القمصان و أبو ظعبوط والعزب الجهلان في الأقصر ومولد سيدى الفرغلي في اسيوط ، وغيرها من الاحتفالات الشعبية بموالد الأولياء والعارفين في مختلف المدن والقرى المصرية.
ولفت انتشار لعبة العصا أو التحطيب بين أبناء المدن والقرى، أنظار السلطات الحكومية فنظمت وزارة الثقافة وسلطات محافظة الأقصر مهرجانا قوميا للعبة ، يقام سنويا في ساحة معبد الأقصر الفرعوني بمشاركة لاعبين يمثلون مختلف محافظات الصعيد.
وتقول الباحثة المصرية منى فتحي إن لعبة العصا أو التحطيب يرجع تاريخها الى عصور الفراعنة الذين سجلوا ممارستهم لتلك اللعبة على جدران آثارهم وهى لعبة قتالية تحولت الى لعبة استعراضية خلال العقود الماضية، وأصبحت تقام لها مسابقات خاصة تجمع عشرات اللاعبين المحترفين من جميع المحافظات بوجود محكمين او شيوخ اللعبة .
وأشارت إلى أنهذهاللعبة مستمدة من الأصول الفرعونية القديمة، وقد صور الفراعنة هذه اللعبة على جدران معابدهم وكانوا يهتمون بتعليمها للجنود ويختلف نسبيا شكل وخطوات اللعب الان عما سبق، كما أن العصا المستخدمة في اللعب في عصور الفراعنة والتي وجد نقوش لها على جدران معابد الأقصر تتكون غالبا من نبات البردي المعجون الذي لا يؤذى الخصم او المنافس او يؤدى الى الموت.
وأضافت أن لعبة التحطيب لها ارتباط وثيق برياضة الفروسية على وجه التحديد إذ تقوم على التقاء فارس بفارس مما يجعلها تقترب أيضا في مظهرها العام من عوالم المنافسات الرياضية ،إذ تمثل الرياضة مصدرا اساسيا لعناصر هذه اللعبة و عاملا فاعلا في طريق نشأتها .
وقالت إن الراقص أو لاعب العصا يحتاج إلى قوة الرد و سرعة المبادرة عند النزول إلى حلقة التحطيب التي تتكون من فرقة للمزمار ولاعبين اثنين يمسك كل منهما بعصا بجانب المتفرجين و العوال، الذي يدير الحلقة .
واوضحت الباحثة منى فتحي أنه داخل حلقة التحطيب تجد المكر و المغامرة و العزة و الخداع و البطولة في آن واحد، و بالرغم من أن التحطيب هي رقصة تروح عن النفس و تبهج الروح إلا أنها تنطوي على مخاطر احداث الوفاة - أيضا - فإذا ماغفل الراقص عن مراقبة حركات منافسة لجزء من الثانية أثناء الرقص داخل الحلقة - عندئذ سوف يتلقى ضربة عصا في أي جزء من جسده .
وأشارت إلى أن المهارة في لعبة العصا لمن يصد ضربات منافسة و يبادر بضربات راقصة متوالية و أطرف ما في ضربات رقصة العصا أو لعبة التحطيب أنها ضربات ذات ايقاع راقص.