ظريف: تحية وسلام لكل الجيران.. هذه هي رسالة إيران
الوسط - المحرر السياسي
قال وزير الشئون الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد جواد ظريف "أقولها بكل ثقة بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تطمح سوى إلى السلام والمحبة"
وفيما يلي كلمة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف التي نشرتها صحيفة الانباء الكويتية:
بمناسبة انعقاد مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في الكويت الشقيقة الصديقة نوجه الرسالة التالية:
ما واجبنا تجاه الظروف الراهنة التي تعيشها المنطقة؟ هذا أحد الأسئلة التي ما برحت تشغل ذهني لا باعتباري وزير الشؤون الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية فحسب بل بصفتي انسانا مسلما يشعر بحساسية إزاء مصير الآخرين.
إن منطقتنا تمر بأحد أصعب ظروفها وهذه الظروف تمخضت عن انطباعات ورؤى وتصورات عناصر إقليمية ودولية عن بعضها البعض وكذلك ما نتج عن تفاعلات وتحديات حقيقية في الساحة السياسية.
في مجال الانطباعات فإن عدم الثقة، سوء الظن وبقية المشاعر السلبية كالخوف والقلق من موقع ومكانة الآخرين أدت إلى تبلور ظروف ومناخات نفسية ثقيلة.
أما في الشأن الميداني فإن بعض المظاهر كالحروب الداخلية والعمليات الإرهابية والعنف السياسي والقبلي والطائفي والتنافس لشراء الأسلحة والتنافس الإستراتيجي بين لاعبي خارج الإقليم والإقليم والوطن وداخل الوطن جعل الحياة اليومية للناس العاديين في المنطقة أمرا عسيرا وربما متعذرا وغير ممكن أدى إلى تهجير البشر إلى الشتات وتضاعف عدد المشردين وألحق بهيكلية المجتمعات وتركيب المناطق خسائر فادحة لا تحمد عقباها، وبعبارة مقتضبة فإن الوضع السائد في ربوع المنطقة وخيم ويسير من سيئ الى أسوأ.
إن هذه الحالة الوخيمة التي تعيشها المنطقة يجب ان تتغير وأن هذا التغيير ممكن، وإني مؤمن تماما بإمكانية إيجاد هذا التغيير والتطور في المنطقة، وأن هذا الإيمان له جذوره في معتقداتي الدينية واستيعابي العلمي وخبراتي الميدانية والعملية.
ان أكثر الحروب شراسة واشد النزاعات الدموية يمكن معالجتها وحلها بالإيمان والاعتماد على المشيئة الإلهية والتدبير والتعقل واستثمار الطاقات التي وهبها الله للإنسان.
إن العديد من الحروب والصراعات في الماضي قد حسمت وانتهت، وأن الصراعات المؤلمة التي يشهدها عالمنا اليوم يجب ان تنتهي كذلك.
ومن المؤكد بغية تحسين ظروف المنطقة يمكن اتخاذ قرارات جادة والقيام بمبادرات عاجلة، وقبل كل شيء يجب الاهتمام بأسلوب وطريقة نظرتنا للقضايا الإقليمية.
ان كافة الحروب والمصالحات تتبلور في الأذهان بداية، ومن اجل تغيير ظروف المنطقة وأوضاعها يجب ان نذعن أولا بأن مصيرنا جميعا كسكان هذه المنطقة مشترك ولا يتجزأ، وان عالم اليوم في كل مكان وكذلك في منطقتنا مرتبط ومتصل ببعضه البعض.
وعلى هذا الأساس وكخطوة تالية علينا أن نعيد النظر في انطباعاتنا تجاه بعضنا.
إن الانطباعات الخاطئة هي التي تحدد مسار العمليات والمبادرات الخاطئة.
في مجال الملف النووي فإن الانطباعات السلبية التي تصور أن إنهاء المسألة النووية الإيرانية وإزالة العقوبات والسلوكيات المتعجرفة التي تمارس ضد بلادنا ستؤدي الى زعزعة مواقع بعض الجوار الإسلامي في المنطقة والعالم، هذا الانطباع قد زاد من حجم التضخيم الإعلامي بل وحتى من الصراعات والحروب الإقليمية وهو ما كان من دواعي الأسف في العالم الإسلامي.
هذا في حين أن حسم هذه الأزمة المصطنعة وإبعاد المنطقة عن الصدام العسكري هو لصالح السلام وتكريس الاستقرار والتنمية في ربوع منطقتنا ولصالح كل الدول الإسلامية.
إن الانطباع والفهم الخاطئ والخطير الذي يبثه من يضمر السوء لنا جميعا عبر أوهام مغلوطة ومن خلال رصد انتقائي لبعض التصريحات غير الواقعية التي يبثها الإعلام وتكون ركيزة لهذا القلق والوهم هو أن إيران تطمح لإحياء امبراطوريتها التاريخية.
وان هذا الأمر باطل لا صحة له ويهدف إلى إثارة الرعب وهو معد ومصمم لتكريس العنف بين دول المنطقة.
وأقولها بكل ثقة بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تطمح سوى إلى السلام والمحبة والوئام لجوارها وللعالم كله وكما ذكرت سلفا أؤكد من جديد بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وانطلاقا من القواسم المشتركة الدينية والثقافية والتاريخية ومبادئ التعايش السلمي والقواعد السائدة على حسن الجوار ووفقا للتحديات المشتركة، فإنها على استعداد للحوار والحصول على حلول مستدامة للتحديات الإقليمية وتعزيز وتقوية العلاقات مع العالم الإسلامي والعربي بشكل عام ومع جوارها العربي بشكل خاص.
إن هذا الحوار يجب أن ينطلق على أساس الأصول العالمية المشتركة وبعض الأهداف المشتركة وأهمها: احترام السيادة والسلطة والاستقلال السياسي لكل الدول وعدم إمكانية تغيير الحدود الدولية وعدم التدخل في الشأن الداخلي لبقية الدول والحل السلمي للخلافات ومنع التهديد أو استخدام القوة ودعم السلام والاستقرار والتقدم والسعادة في المنطقة.
إن مثل هذا الحوار يمكن أن يكون بشكل هادف ومنظم في إطار مجموعة تحاور إقليمية وأن يشمل الفهم المشترك والتواصل المتبادل على مختلف المستويات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني وأن يضم المواضيع التالية: مبادرات بناء الثقة والأمن، مكافحة الإرهاب والتطرف والصراع الطائفي وضمان حرية الملاحة وتدفق النفط بحرية وبقية المصالح في الخليج الفارسي والحفاظ على البيئة في المنطقة.
إن هذا الحوار الإقليمي باستطاعته كذلك أن يشمل إيجاد آليات لعدم الاعتداء والتعاون الأمني الإقليمي.
لا أحد بإمكانه ان يغير جغرافية الجوار من خلال تضخيم الأزمات لكننا في استطاعتنا ومن خلال التعاون والتفاهم أن نصنع مستقبلا افضل لشعوب المنطقة لو عملنا بعزم وإرادة سلمية وان الله سيكون معنا.