التبرع بالدم يوّحد السعوديين من القطيف إلى القصيم.. والمستشفيات تشهد إقبالاً كثيفاً
الوسط - المحرر السياسي
على مدى يومين متتاليين شهدت مستشفيات القطيف وبقية مستشفيات المنطقة الشرقية إقبالا منقطع النظير من آلاف الجمهور، الذين هرعوا للتبرع بالدم، من مختلف أطياف المجتمع السعودي، ورسموا صورة تضامنية لتعزيز اللحمة الوطنية، وتفويت الفرصة على المتطرفين.
وتلاقت مع هذه الدعوات مبادرات من مختلف أرجاء السعودية، كانت من بينها مبادرة أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز، وهو أيضا رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء بنوك الدم الخيرية، بإطلاق حملة للتبرع بالدم في جميع محافظات منطقة القصيم وجميع القطاعات الحكومية والأهلية، تبدأ بمقر إمارة منطقة القصيم اليوم الأحد، لدعم وتعزيز بنوك الدم في مستشفيات المنطقة الشرقية، وتوفير جميع أنواع فصائل الدم للمصابين في حادث التفجير الآثم الذي تعرض له أحد المساجد ببلدة القديح في محافظة القطيف.
وحسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم الأحد (24 مايو/ أيار 2015)، فإن الأمين العام للجمعية حمود بن عبد الله البطي أوضح أن «صدور توجيهات أمير منطقة القصيم بإعلان حملة التبرع بالدم بمقر إمارة المنطقة وجميع المحافظات الأخرى، لتمكين المواطنين من التبرع بالدم والإسهام في إنقاذ المصابين من الحادث الإجرامي الذي أسفر عن إصابة عدد من المواطنين الأبرياء، جاء ليؤكد أن هذه الحملة تأتي استشعارا للمسؤولية الوطنية تجاه المصابين من أبناء الوطن، وإسهاما إنسانيا لتوفير كميات من الدم للمصابين».
كذلك، أطلق وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل مبادرة للتبرع بالدم لصالح ضحايا التفجير الآثم في القديح، وتعبيرا عن التضامن الوطني، والتأكيد على أن الشعب السعودي نسيج واحد.
وكانت مستشفيات المنطقة الشرقية أعلنت الحاجة للتبرع بالدم، وشهدت في اليوم الأول خصوصا إقبالا منقطع النظير لم تتمكن من استيعابه، في وقت تؤكد فيه المصادر الطبية أنه ليس هناك عجز فعلي في بنوك الدم، لكن الحاجة ماسة لتوفير عينات وفصائل محددة، وكذلك دعم بنوك الدم باحتياطي لسد النقص المتوقع.
الإقبال الأكبر من المتبرعين شهده منذ الساعة الأولى مستشفى القطيف المركزي، الذي استقبل غالبية الحالات، مما جعل المستشفى يوجه الراغبين في التبرع بالدم إلى المستشفيات الأخرى خصوصا التي كان بها مصابون.
وبين وزير الصحة السعودي المهندس خالد الفالح، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك حرصا لدى الوزارة على أن تكون هناك وفرة في الدماء الجاهزة للنقل إلى المحتاجين لها في الظروف الاستثنائية، مبينا أن هناك دعما بكمية 150 وحدة دم تم توفيره للمستشفيات التي استقبلت المصابين. وشدد الفالح على أن بنوك الدم تعتبر مكتفية، ليس على مستوى المنطقة الشرقية فحسب بل في غالبية مناطق المملكة، خصوصا أن المملكة بشكل عام تمر بظروف حرب في الحد الجنوبي، مما يتطلب توفير الكميات الكافية في المستشفيات على الدوام، مع استقبال المتبرعين الجدد الذين يطلبون التبرع أثناء الحالات الطارئة.
وفي شأن ذي صلة، أوضح الدكتور مبارك بن عبد العزيز الملحم، المدير العام التنفيذي لمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، أنه «فور ورود نبأ حادث بلدة القديح الإرهابي، استنفرت إدارة المستشفى كل طواقمها الطبية والتمريضية والفنية والإدارية لتقديم العون والاستعداد لاستقبال أي حالات يتم تحويلها إلى المستشفى، كما تم على الفور وبالتنسيق مع الأجهزة الطبية إرسال فريق من الجراحين والأطباء، إضافة إلى كمية من أكياس الدم إلى بنك الدم والمستشفى المركزي بالقطيف».
وأشاد الملحم بموقف أبناء هذا الوطن من تلاحم قوي وسريع، وقال «هذا موقف ليس بالمستغرب على أبناء المملكة، حيث هرع الكثير من شباب الوطن من مدن الدمام، والخبر، والظهران، إلى المقرات التي خصصها المستشفى للتبرع بالدم والتي عملت إلى وقت متأخر من الليل (مبنى 6 ومبنى 100 وبنك الدم المتنقل بكورنيش الخبر) لاستقبال المتبرعين بالدم لمصابي الحادث الأليم. ويمثل هذا الإقبال الكبير في مناطق مختلفة ردا على جميع من شكك في لحمة أبناء هذا الوطن، ودليلا على فشل المقصود بهذه العملية الإرهابية وهو زرع الفتنة بين أفراد المجتمع، ليعلنوها صريحة أنهم شعب واحد ضد جميع أصناف الإرهاب».
من جانبه، أوضح الدكتور هاني الخالدي، المدير التنفيذي للشؤون الطبية والإكلينيكية بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، أن «المستشفى استقبل أول من أمس إحدى الحالات الحرجة التي تتطلب تدخلا جراحيا دقيقا، ضمن مصابي حادث القديح الإرهابي، وقد تطلب التدخل الطبي إجراء عمليات جراحية لإنقاذ المصاب نتيجة إصابته بعدد من الشظايا في الظهر، وقد تكللت العمليات التي أجريت بالنجاح، وبدأ المصاب في التماثل للشفاء».