جامعة البحرين: دراسة تدعو لحماية صغار المساهمين في الشركة من تعسف الكبار
الصخير ـ جامعة البحرين
دعت دراسة علمية في جامعة البحرين إلى حماية صغار المساهمين من تعسف كبار المساهمين في الشركات المساهمة من خلال تعزيز مشاركتهم في إدارة الشركة بشكل فعال، ووضع قوانين لحمايتهم، مؤكدة أن الإجراءات التي اعتمدتها التشريعات المعاصرة لا تفي بحق صغار المساهمين في الإدارة.
وأوصت الدراسة العلمية، التي قدمها الطالب في برنامج دكتوراه القانون الخاص بجامعة البحرين سامر الزعبي استكمالاً لمتطلبات نيل درجة الدكتوراه، بإحلال التصويت على أساس المساهمين الحاضرين بدلاً من الأسهم الممثلة بالحضور، واعتماد عضوية مجلس الإدارة على أساس الكفاءة والخبرة وليس على أساس امتلاك الأسهم.
وذهب الباحث الزعبي إلى أهمية فصل الملكية عن إدارة الشركة، وأن تكون عضوية مجلس الإدارة وظيفة لا يشترط فيها ملكية نصاب معين من الأسهم، مقترحاً تكوين هيئة رقابية موازية لمجلس الإدارة يتم اختيارها من بين المساهمين بصرف النظر عن مقدار مساهمتهم، يناط بها مراقبة أعمال مجلس الإدارة، وضمان مشروعية قرارته، ومنحها حق اقتراح تعيين وعزل أعضاء المجلس بناء على أسباب تقتنع بها الجمعية العمومية.
وشدد الباحث على ضرورة كفالة المساواة المطلقة بين المساهمين في كافة الحقوق الإدارية، ولا يستثنى من ذلك سوى توزيع الأرباح السنوية، والحق في الحصول على نسبة من صافي تصفية الشركة عند حلها.
وناقشت الأطروحة - التي تعد أول أطروحة دكتوراه في كلية الحقوق - يوم الخميس الماضي لجنة امتحان تكونت من: عضو هيئة التدريس في كلية الحقوق بجامعة البحرين الأستاذ الدكتور سالم غميض مشرفاً، وأستاذ القانون التجاري في جامعة قطر في دولة قطر الدكتور مصلح الطراونة ممتحناً خارجياً، ورئيس قسم القانون الخاص في كلية الحقوق بجامعة البحرين فاضل صالح ممتحناً داخلياً.
ورأى الباحث سامر الزعبي أن قوانين الشركات في التشريعات المعاصرة - على تفاوت فيما بينها - لا تزال أسيرة الفكر التقليدي ولا تزال في مجملها تقيم أحكامها على أساس غلبة رأس المال، فكبار المساهمين يستحوذون على أغلب الأسهم، وبالتالي يمتلكون أغلب الأصوات في الجمعية العمومية (..) أي أصبحوا هم من يضع السياسات العامة، وهم من يقوم على تنفيذها، فأصبحت سلطات الشركة التنفيذية والتشريعية بيدهم".
وأكد أنه "في ظل الأطروحات الحديثة، كان لا بد من فتح مجال أوسع لكافة المساهمين لإدارة الشركة بغض النظر عن قيمة مساهمتهم، إذ يجب أن تكون العبرة لشخص المساهم وليس لعدد الأسهم، فالأسهم لا تنجب أفكاراً، ولا ترسم سياسات".
وقال الباحث الزعبي: "على الرغم من الاعتراف بصعوبة إثبات التعسف في العديد من الحالات، إلا أن آثاره لا يمكن إنكارها، فبالإمكان رصد آثارها على صغار المساهمين من خلال عدم توزيع الأرباح بحجة تكوين الاحتياطات، والمغالاة في مكافآت أعضاء مجلس الإدارة وغيرها".
ولفت إلى أن "المشرع البحريني - أسوة بباقي المشرعين - تبنى فكرة الإدارة التقليدية للشركات المساهمة بجميع مظاهرها، وأعطى للمساهمين كافة الحقوق الإدارية المعروفة في التشريعات المعاصرة، وهي: الاطلاع على الوثائق والمستندات، وحضور اجتماعات الجمعية العامة، وأخيراً التصويت"، مؤكداً أن "تلك الحقوق لا تضمن لصغار المساهمين الحد الأدنى من المشاركة الفعالة في إدارة الشركة".
وذهب الزعبي إلى أن "حق التصويت بصورته المألوفة، لا يعدو أن يكون حقا صورياً، لأنه يعطي لحملة أغلبية الأسهم وحدهم اتخاذ القرار؛ لكون التصويت وفقاً لعدد الأسهم".
وأوصى الباحث في أطروحته بالتدخل بشكل عاجل وتعديل بعض الأحكام المتعلقة بالشركات المساهمة التي تعد خروجا صارخاً عن مقتضيات العدالة والمساواة في المعاملة، ومن بين تلك الأحكام تعديل نص المادة (84) الذي أعطى الحق للمؤسسين أن يكتتبوا بأسهم لا تقل عن 10٪ من رأسمال الشركة، ومؤدى هذه الفكرة – بحسب الباحث - أن المؤسسين الذين هم في الغالب من كبار المساهمين سيتمكنون من تحصين إرادتهم في مواجهة صغار المساهمين، وذلك دون النظر إلى ما قد تؤول إليه حقوق صغار الملاك، وهذا مخالف لمبدأ المساواة بين المساهمين.
وحاول الباحث سامر الزعبي في دراسته تمكين صغار المساهمين من القيام بدور أكبر في إدارة شركاتهم من خلال إعادة النظر في أحكام الشركات، وصياغة أحكامها بما يكفل حماية حقوق المساهمين، وتمكينهم من القيام بدور فاعل في إدارة الشركات بما يحقق مصالحهم ويحمي حقوقهم، انطلاقاً من مبدأ أن الاشتراك في الإدارة يضمن حماية الحقوق الأخرى.