ألف مقاتل من عشائر محافظة الانبار العراقية ينضمون إلى "الحشد الشعبي"
عامرية الفلوجة (العراق) - أ ف ب
انضم أكثر من ألف من أبناء العشائر السنية في محافظة الانبار في غرب العراق، إلى قوات الحشد الشعبي التي تقاتل إلى جانب القوات الأمنية ضد تنظيم "داعش"، في مسعى لجعل "الحشد" المؤلف بمعظمه من فصائل شيعية، ذات قاعدة تمثيلية مذهبية أوسع.
وشارك مسؤولون سياسيون وامنيون وزعماء عشائريون اليوم الجمعة (8 مايو/ أيار 2015)، في عرض كبير في قاعدة عسكرية في بلدة عامرية الفلوجة، لتعزيز دور عشائر الانبار، كبرى محافظات العراق، في القتال ضد التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة من البلاد منذ حزيران/يونيو.
وقال محافظ الانبار صهيب الراوي خلال العرض "لا حياة بعد اليوم مع القتلة والمجرمين... لا حياة بعد اليوم مع من تطلخت ايديهم بدماء العراقيين... مع المتطرفين والجهلة وتجار الدماء".
واضاف الراوي متوجها الى عشائر الانبار "ليكن يومنا هذا اعلان ثورة عارمة ضد داعش"، وهو الاسم المختصر الذي يعرف به التنظيم.
ويسيطر التنظيم على مساحات واسعة في الانبار، حتى منذ ما قبل الهجوم الذي شنه في العراق في حزيران/يونيو. وتقع مدينة الفلوجة واحياء من مدينة الرمادي، مركز المحافظة، تحت سيطرة الجهاديين منذ مطلع 2014.
ولجأت القوات العراقية، اثر انهيار بعض قطعاتها العسكرية في وجه هجوم حزيران/يونيو، الى مقاتلين من فصائل مسلحة في محاولة لاستعادة المناطق التي سقطت بيد التنظيم. ويشكل "الحشد الشعبي" مظلة لهذه المجموعات، وهي في معظمها فصائل شيعية مسلحة.
وتسعى حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي الى استمالة عشائر الانبار للوقوف بجانب القوات الامنية ضد التنظيم الذي يسيطر على مناطق معظمها ذات غالبية سنية، ونزع الصبغة المذهبية عن الحشد.
ويحمل مئات من ابناء العشائر السنية في الانبار السلاح ضد التنظيم منذ اشهر للدفاع عن مناطقهم، الا انهم يشكون ضعف التسليح والدعم الحكومي. كما قاتل بعضهم خلال الفترة الاخيرة تحت مظلة الحشد، الا ان احتفال الجمعة هو الاعلان الرسمي لبدء عملية الانتساب اليه.
واشار الراوي الى ان توجيهات العبادي، وهو القائد العام للقوات المسلحة، تقتضي بانضمام ما يصل الى ستة آلاف من عشائر الانبار الى الحشد.
وتأتي هيكلية الانتساب الجديدة في محاولة لتفادي المشاكل السابقة التي واجهت محاولات تسليح ابناء عشائر الانبار، ومنها الفساد والفوضى وفقدان الاسلحة. ولهذا الغرض، شكلت لجنة تضم ممثلين لمكتب المحافظ والجيش العراقي و"هيئة الحشد الشعبي".
وقال الراوي للصحافيين "لن تكون ثمة عشوائية وفوضى كما في الماضي".
واوضح مسؤولون ان عدد الذين انضموا الجمعة بلغ 1100 مقاتل، وسيتلقون اسلحة في قاعدة الحبانية العسكرية في الانبار. ومن المقرر ان ينال هؤلاء اجرا شهريا يوازي 650 دولارا اميركيا.
وقال عمر ممدوح (24 عاما)، وهو احد المنتسبين الجدد، "نحن قادرون على الانتصار على داعش (...) لكننا نحتاج الى الاسلحة".
ومن المشاركين في العرض فتية لا يتجاوز سنهم 15 او 16 عاما.
وأدت مشاركة مقاتلي الفصائل الشيعية في القتال الى جانب القوات الامنية، دورا حاسما في استعادة السيطرة على بعض المناطق، لا سيما منها مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، مطلع نيسان/ابريل.
وبعد ايام من ذلك، اعلن العبادي ان "المعركة القادمة" ستكون استعادة السيطرة على كامل محافظة الانبار. الا ان مشاركة الفصائل الشيعية، التي تتهم بارتكاب اساءات في بعض المناطق التي تستعيد السيطرة عليها، قد تثير حفيظة السكان السنة في الانبار.
وسرعت الولايات المتحدة، التي تقود تحالفا دوليا ينفذ ضربات جوية ضد التنظيم في العراق وسوريا المجاورة، من وتيرة تسليم بعض الاسلحة للحكومة العراقية، على ان تقوم الاخيرة بتخصيصها للانبار. كما يتواجد مئات المستشارين الاميركيين في قواعد عسكرية عراقية في المحافظة، للمشاركة في التدريب وتقديم المشورة حول قتال تنظيم "داعش".
وشهدت العلاقات بين سكان الانبار والحكومة العراقية توترا شديدا في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي يتهمه خصومه باتباع سياسة اقصاء وتهميش بحق السنة، وهو ما يرى محللون انه ساهم في تسهيل سيطرة تنظيم "داعش" على مناطق واسعة من البلاد.
ووجه محافظ الانبار الجمعة تحية الى العبادي الذي خلف المالكي في رئاسة الحكومة الصيف الماضي، وحاول اتباع سياسة اكثر تصالحية.
وقال الراوي "لقد وجدنا فيك (العبادي) اخا عزيزا كريما ابيا تحمل هم العراق، كل العراق".
واطلق على المقاتلين الذين انتسبوا اليوم تسمية "كتيبة النهروان"، نسبة الى المعركة الشهيرة التي جرت في القرن السابع الميلادي قرب بغداد، والتي ينظر اليها كونها ذات رمزية توحيدية.