دوي انفجارات يهز سماء الخرطوم.. والجيش يعلن إسقاط هدف مجهول
الوسط - المحرر السياسي
هزت أصوات انفجارات عنيفة سماء مدينة أم درمان السودانية، سمعت في أنحاء واسعة من العاصمة الخرطوم، وأثارت ذعر وتكهنات السكان، في حين أكدت مصادر إسرائيلية غير رسمية، أمس، النبأ، مشيرة إلى أن طائرات حربية إسرائيلية قصفت موقعا عسكريا سودانيا في أم درمان. وادعت تلك المصادر تدمير مصنع لصواريخ «سكود» طويلة المدى وقافلة تنقل الأسلحة في بداية انطلاقها باتجاه قطاع غزة. لكن تل أبيب نفت رسميا ما تناقلته وكالات الأنباء عن هجوم لطائراتها الحربية على السودان، حسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم الخميس (7 مايو/ أيار 2015).
وأعادت هذه الحادثة إلى أذهان السودانيين سيرة دوي تفجير مصنع اليرموك الحربي السوداني وتناثر شظاياه في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، بعد استهدافه بطائرات حربية إسرائيلية. وقال الجيش السوداني إن «قاعدة مختار الجوية التابعة له تلقت إخطارًا من إحدى محطاتها عن (هدف جوي عبارة عن جسم مضيء) يطير على ارتفاع منخفض فوق منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال أم درمان».
وأكد الجيش في بيان صحافي صادر عن الناطق باسمه العقيد الصوارمي خالد سعد تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن قوات الدفاع الجوي التي كانت في حالة استعداد قصوى، وبالتعاون مع مركز الملاحة الجوية بمطار الخرطوم، وبعد أن تأكدت من خلو المنطقة من الطيران المدني، وفرض حظر الطيران حول المنطقة، تعاملت مع الهدف الجوي وأسقطته.
وأوضح البيان أن قوات الدفاع الجوي أصابت الهدف الذي وصفه بأنه «استطلاعي تصويري»، فتفتت في بعض الأحياء السكنية بأم درمان، دون أن يسبب أي إصابات بين المواطنين، بيد أن الجيش جدد القول إنه لم يحدد هوية الهدف، وأنه ما زال يبحث ويتقصى عنها.
وسمع سكان الخرطوم في وقت متأخر من ليل أول من أمس أصوات انفجارات أضاءت شمال مدينة أم درمان، بالقرب من قاعدة وادي سيدنا العسكرية، وقال شهود عيان قرب المنطقة «إنهم سمعوا دوي انفجارين قويين وانشطار جسم مضيء في سماء المدينة أعقبه سماع صوت مرتفع»، وأفادوا أن قوات من الدفاع الجوي تعاملوا مع أهداف يرجح أنها طائرة مقاتلة بمنطقة، وأن مسؤولين في الجيش توجهوا لمكان الحادث.
من جهته، طمأن المتحدث باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد المواطنين بقوله «الأوضاع تحت السيطرة»، ونفى أحاديث تم تداولها بكثافة بين المواطنين، بأن هناك «محاولة انقلابية»، أو حدوث اشتباكات بين القوات العسكرية، أو أي هجوم خارجي، وأضاف «تصدي الدفاع الجوي يؤكد يقظته واستعداده لمواجهة أي هدف معاد».
وشكك خبير عسكري تحدث لـ«الشرق الأوسط» مشترطًا عدم ذكر اسمه، في دقة الرواية الرسمية، وقال إن «مضادات الدفاع الجوي عادة لا تطلق نيرانها على أهداف غير معروفة، وإن التصدي للأهداف الجوية يتم عبر خطوط ثلاثة خطوط، تبدأ بدخول الهدف المجال الجوي للبلاد، وبعد أن تكشف الرادارات حجم الجسم وهويته منذ لحظة دخوله أجواء البلاد توجه المعنية للتعامل معه، بما يجعل من القول إنه مجرد هدف ضوئي غير دقيق تمامًا»، وأضاف: «أنت لا تطلق النار على هدف جوي قبل أن تعرفه، ومن يفعل هذا يجب أن يحاسب»، مرجحًا روايات شعبية تتحدث عن أن الانفجار قد يكون أمرًا داخليًا في الجيش السوداني، أو تمويهًا قصدت به السلطات صرف الأنظار عن حدث لا تريد الكشف عنه، أو حتى شغل مواقع التواصل بأخبار مفبركة يكشف عدم دقتها لاحقًا للتأثير على مصداقيتها.
ونقلت وسائل إعلام ومواقع على الإنترنت، أن سلاح الجو الإسرائيلي شن غارة جوية في السودان، ونسبت إلى مصادر عسكرية قالت إنها «موثوقة»، إن أم درمان تعرضت لغارة جوية، كما نقلت صحف إسرائيلية، أن الخرطوم زعمت التصدي لطائرة إسرائيلية دون طيار حاولت استهداف مناطق عسكرية سودانية الليلة الماضية، وأن قوات الدفاع الجوي السودانية أسقطتها.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي أن الجيش الإسرائيلي نفى علمه بإسقاط طائرة دون طيار تابعة له، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي درج على عدم التعليق على أي اتهامات بشأن اعتداءات طيرانه على أهداف سودانية بما في ذلك تدمير مصنوع اليرموك الحربي جنوب الخرطوم.
ولا تعد الاتهامات السودانية لإسرائيل باستهداف أهداف داخل أراضيه جديدة، فقد اتهمت الخرطوم علنًا الطيران الحربي الإسرائيلي، بقصف مصنع اليرموك الحربي وتدميره كليًا في أكتوبر (تشرين ثاني) 2012، ولم تؤكد أو تنف السلطات الرسمية الإسرائيلية العملية حتى الآن.
ولقي رجل مصرعه في انفجار سيارة في مدينة بورتسودان شرق البلاد في مايو (أيار) 2012، وألقت الحكومة السودانية باللائمة على ضربة صاروخية إسرائيلية ولم تعلق عليها إسرائيل هي الأخرى.
كما لم تنف أو تؤكد إسرائيل مسؤوليتها عن انفجار في شرق البلاد عام 2011م وأودى بحياة شخصين، أو مقتل عدد من المواطنين عام 2009 كانوا على متن عربة «بك أب» تحت الزعم أنهم مهربو سلاح إلى غزة.
وحسب روايات إسرائيلية فإن القصف الجديد، الليلة قبل الماضية، استهدف وفقا للمصادر الإسرائيلية غير الرسمية، مصنعا يتم فيه إنتاج صواريخ «سكود» متطورة، وبعيدة المدى. كما استهدف مخزنا ضخما للسلاح وقافلة لنقل الأسلحة، ضربت وهي تغادر تخوم المصنع، وأن معلومات تفيد بأن وجهة هذه القافلة كانت سيناء المصرية، ومن هناك نحو قطاع غزة. وردا على سؤال بخصوص كيفية وصولها إلى القطاع في وقت تنتشر فيه القوات المصرية بشكل كثيف في سيناء، أجاب مسؤول عسكري سابق: «لا شك في أن القوات المصرية تمكنت من توجيه ضربات قاسية للمهربين على هذا المسار، ولكنهم يبتدعون من جديد وسائل وطرق تهريب جديدة، عبر البحر وعبر الأنفاق القليلة المتبقية». وفي رد على سؤال آخر حول صمت الحكومتين الإسرائيلية والسودانية، قال الضابط الإسرائيلي: «الصمت أصبح نهجا لدى الجميع. أيضا حزب الله يتبعه. فالصمت يسهل على الأطراف بألا ترد على الضربات».