قطر توقع صفقة رافال غداً... والدبلوماسية الفرنسية تكرس نجاحها
باريس – أ ف ب
مع توقيع صفقة بيع 24 مقاتلة فرنسية من نوع رافال لقطر غداً الاثنين (4 مايو/ أيار 2015) بحضور الرئيس فرنسوا هولاند، تتأكد نجاعة الاستراتيجية الدبلوماسية-التجارية الفرنسية التي استفادت ايضا من امتعاض دول الخليج العربية من السياسة الاميركية بادارة باراك اوباما.
وخلال اسابيع عدة تمكنت شركة داسو لصناعة الطائرات من انهاء عشر سنوات من الفشل في تسويق هذه الطائرة المتطورة ووقعت ثلاث صفقات مهمة مع الخارج : 24 طائرة لمصر في شباط/فبراير، و36 اخرى للهند بعد شهرين، و24 طائرة لقطر، اي ما مجموعه 84 طائرة.
وقال الرئيس الفرنسي "انه نجاح" ليس لشركة داسو وحدها "بل ايضا للسلطات الحكومية والدبلوماسية الفرنسية" كما انها "بشرى سارة" للاقتصاد الفرنسي.
وكانت شركة داسو عجزت طوال السنوات العشر الماضية عن بيع اي طائرة رافال للخارج، وبقي سلاح الجو الفرنسي زبونها الاول والوحيد.
وتابع هولاند "حامت الشكوك طويلا حول هذه الطائرة، وربما كانت هناك رغبة بالتسرع"، في انتقاد ضمني لسلفه نيكولا ساركوزي الذي حاول جاهدا تسويق هذه الطائرة الفرنسية من دون جدوى.
وكانت البرازيل آخر من تردد في شراء رافال عام 2013، خصوصا انها تعتبر اغلى ثمنا من منافساتها في سوق السلاح.
ويرى المحلل برونو ترتري الخبير في مؤسسة الابحاث الاستراتيجية الفرنسية ان هناك اربعة عوامل ساهمت في اتمام الصفقات الاخيرة.
العامل الاول هو مشاركة هذه الطائرة بعمليات قتالية في مناطق حرب مثل افغانستان والساحل الافريقي وليبيا والعراق، حيث حققت "نجاحات مؤكدة".
العامل الثاني هو التنسيق الممتاز بين الحكومة والشركة المصنعة "والعمل بعيدا عن الاضواء وتجنب الاعلانات المتسرعة".
العامل الثالث، ودائما بحسب ترتري، يتمثل في كون "النجاح يجر النجاح، ومع موافقة مصر كرت السبحة".
اما العامل الرابع والاخير فهو "مرتبط بشكل خاص بدول الخليج العربية التي تعتبر ان هولاند كان ثابتا في مواقفه، وهي تقدر كثيرا موقفه الحازم صيف 2013 عندما كان مصمما على تأديب" الرئيس السوري بشار الاسد على استخدامه الاسلحة الكيميائية، لولا تراجع الادارة الاميركية ممثلة بالرئيس باراك اوباما، مع ان الاخير كان كرر مرارا ان استخدام الاسلحة الكيميائية "خط احمر".
ويضيف هذا المحلل ايضا "ان دول الخليج وخصوصا العربية السعودية لم تهضم التخلي السريع للادارة الاميركية عن الرئيس المصري حسني مبارك في شباط/فبراير 2011 وشكل هذا الامر صدمة لها".
من جهته يقول فرنسوا هيسبورغ رئيس المؤسسة الدولية للدراسات الاستراتيجية في لندن "كل دول المنطقة تتذكر ما حصل عندما اجتاحت تركيا عام 1974 القسم الشمالي من قبرص، فاوقف الاميركيون تسليم قطع غيار للطائرات التركية من صنع اميركي".
واضاف هيسبورغ "كما تبين لدول الخليج ان فرنسا كانت متشددة في مفاوضاتها مع ايران" حول الملف النووي لطهران "في حين كان الاميركيون اكثر ليونة".
وقال وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان في مقابلة نشرت الاحد في صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" ان فرنسا "في هذه المنطقة من العالم تنتهج استراتيجية منسجمة ومفهومة".
ويبدو ان فرنسا عرضت نفسها لانتقادات من منظمات للدفاع عن حقوق الانسان لدى توقيعها هذه الصفقات. وعندما وقعت فرنسا صفقة رافال مع مصر حذرت منظمة العفو الدولية من نقل تكنولوجيا الى "نظام يمارس قمعا لا مثيل له منذ ثلاثين عاما".
كما لا يمكن تجاهل التأثير الاقتصادي لصفقات رافال هذه حيث تعاني فرنسا من نمو متكاسل. وقال وزير الدفاع الفرنسي في هذا الاطار ان صادرات السلاح الفرنسي في ارتفاع مضطرد خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث كانت بقيمة 4،8 مليارات يورو عام 2012 لتصبح 6،9 مليارات عام 2013 و8،1 مليارات عام 2014، وهي وصلت قبل منتصف العام الحالي 2015 الى "اكثر من 15 مليار يورو".