الاستدامة وأوضاع العمال... تحديان هائلان للمونديال القطري
الدوحة - د ب أ
رغم قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بنقل بطولة كأس العالم 2022 إلى فصل الشتاء تجنبا لدرجات الحرارة العالية التي يشهدها فصل الصيف في قطر، يصر المسئولون في قطر ويؤكدون التزامهم بتطوير أنظمة التبريد المبتكرة وتضمينها في جميع الاستادات المرشحة للبطولة.
والحقيقة أن المنظمين في قطر وفي مقدمتهم اللجنة العليا للمشاريع والإرث بقيادة حسن الذوادي يرون في استادات البطولة أكثر من تحد لابد من عبوره في الفترة المقبلة لإبهار العالم بقدرة قطر على استضافة المونديال في مواجهة كل حملات التشكيك التي واجهها الملف القطري منذ فوزه بحق الاستضافة قبل سنوات.
ويأتي التحدي الخاص بالاستدامة في مقدمة أولويات اللجنة العليا للمشاريع والإرث المسؤولية عن جميع المشروعات الخاصة بالاستادات والبني الأساسية التي تخدم البطولة.
كما يمثل ملف ظروف العمال في هذه الاستادات أحد التحديات الكبيرة التي يواجهها مسئولو اللجنة المنظمة ويعطونها أهمية بالغة لاسيما بعد الحملة التي تعرضت لها قطر في الفترة الماضية بدعوى ظروف العمال السيئة وهي المشكلة التي يسعى المنظمون للتغلب عليها بشكل عملي من خلال التأكيد على تحسين ظروف العمل والعمال في كل مناسبة يتاح فيها هذا أمام وسائل الإعلام العربية والغربية.
وكانت اللجنة التنفيذية بالفيفا قررت قبل أسابيع قليلة نقل مونديال 2022 بقطر من فصل الصيف إلى الشتاء.
ولكن الذوادي قال بعد هذا القرار الذي اتخذ في آذار/مارس الماضي ، إن "الخطط الخاصة بمونديال قطر تسير حسب ما كان مخططا لها سابقا والعمل في تقنيات التبريد ما زال جاريا كما كان مقررا من قبل".
وأضاف "ملتزمون به كما يجري العمل في كل المخططات السابقة وفق ما تم الاتفاق عليه".
وقالت اللجنة المنظمة "نؤكد مضينا قدما بالالتزام الذي قطعته دولة قطر بتطوير تقنية التبريد المبتكرة وتضمينها في جميع الاستادات المرشحة لاستضافة مونديال قطر 2022... هذا الالتزام يأتي رغم تغيير موعد الاستضافة وإدراكنا لإمكانية عدم وجود حاجة لتشغيل هذه التقنية خلال مباريات البطولة التي ستقام في شهري تشرين ثان/نوفمبر وكانون أول/ديسمبر".
وبرر المنظمون في قطر هذا بأن تطوير وتشغيل تقنيات التبريد الحديثة والصديقة للبيئة لم يكن لاستخدامها خلال مونديال 2022 فحسب وإنما أيضا لترك إرث مستدام لدولة قطر ولبلدان المنطقة وباقي الدول ذات الطقس المشابه.
ويحرص الذوادي ومسئولو اللجنة المنظمة دائما على تأكيد حرصهم وحرص قطر على هذا التحدي الخاص بالاستدامة والإرث.
وكان توضيح هذا التحدي أحد المحاور المهمة والرئيسية في مشاركة وفد من اللجنة العليا للمشاريع والإرث بافتتاح النسخة الأولى من مؤتمر كولسيوم للاستادات الرياضية والذي استضافته مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية بحضور عدد كبير من أبرز المصممين المعماريين والمهندسين في المجال الرياضي في الولايات المتحدة.
وقدم الوفد عرضين تعريفيين تناول الأول منهما مسار الأعمال في الاستادات المرشحة لاستضافة مونديال 2022 والتي أعلن عن تصميماتها حتى الآن والإرث الذي ستتركه للمجتمع بعد البطولة فيما تضمن العرض الثاني شرحا تفصيليا عن استاد الريان الذي دشن تصميمه الجديد في الدوحة قبل أيام.
وتعد مشاركة اللجنة العليا في المؤتمر فرصة قيمة لعرض صورة حقيقية للخطوات المبهرة التي تقطعها قطر في طريق إنجاز مشروعات متميزة هندسيا لاستضافة المونديال والإرث المستدام الذي تهدف إلى تركه بعد البطولة.
وقال مهندس أول إدارة التصميمات باللجنة عبد العزيز المولوي "من المهم أن تبقى الشركات الدولية على اطلاع بالتقدم الملموس الذي تحرزه قطر على صعيد الاستعداد لتنظيم المونديال. إن استقطاب هذه الشركات العالمية للتعاون معها في إنجاز مشروعات البطولة سيعود بالنفع على المنطقة من خلال الاستفادة من خبراتها الطويلة في هذا المجال وتعزيز القيمة النوعية التي نمتلكها".
وشهد المؤتمر مشاركة واسعة من مهندسي بطولتي كأس العالم 2014 بالبرازيل و2018 بروسيا إضافة إلى معماريين وفنيين من مدن أورلاندو وأتلانتا وفانكوفر حيث ناقش الجميع حالات عدة لاستادات ومشروعات رياضية مختلفة والإرث الذي تركته لمجتمعاتها.
أما التحدي الآخر وهو ظروف العمال فقد شهد في الآونة الأخيرة تطورات عدة حيث وافق المنظمون في قطر خلال 2014 على عدة إجراءات لتحسين أوضاع العمال الوافدين على قطر من أجل المشاركة في أعمال الإنشاءات بهذه الاستادات وهو ما أدى لتزايد أعداد العمال الوافدين على قطر في الشهور الأخيرة.
وأطلع المنظمون عددا كبيرا من وسائل الإعلام والصحفيين، على هامش اجتماعات الاتحاد العربي للصحافة الرياضية في الدوحة مؤخرا، على بعض من هذه التحسينات في ظروف العمال وفي مقدمتها أماكن الإقامة وذلك خلال زيارة إلى منطقة العمل باستاد "الوكرة" الجديد.
وأبدى كثير من الإعلاميين والضيوف اطمئنانهم إلى الظروف الخاصة بإقامة العاملين في الاستاد خاصة وأن مقر إقامتهم هو نفس المقر الذي كان يقيم فيه الرياضيون خلال مشاركتهم في دورة الألعاب العربية بقطر قبل سنوات قليلة.
وفي مقر الإقامة ، رصد الإعلاميون وجود ناد صغير يشتمل على حوض للسباحة وصالة جيمانيزيوم وبعض وسائل الترفيه وممارسة الرياضة وأكد المسئولون أنها مخصصة لمن يريد ممارسة رياضته أو هوايته المفضلة.
ويشتمل مقر الإقامة على عدة مبان ذات طوابق محدودة العدد وملحق بكل وحدة سكنية مكانا لتجهيز الأطعمة الخفيفة إضافة لمبنى مخصص لمطعم عام يتناول فيه العمال وجباتهم الأساسية يوميا.
وأكد المهندسون المشرفون على العمل في موقع الاستاد أن ساعات العمل في الاستاد منذ بدئها وحتى الآن بلغت نحو مليون ساعة عمل وأن العمال يبدأون نشاطهم في ساعة مبكرة من النهار ثم يحصلون على راحة في ساعات القيظ بوسط النهار قبل استئناف عملهم في وقت متأخر من النهار عقب تناولهم وجبة الغداء والحصول على قسط من الراحة.
كما أكد المشرفون في موقع العمل وجود جرس إنذار مزود بترمومتر تنطلق معه صافرة الإنذار بمجرد وصول درجة الحرارة إلى حد معين يكون من الصعب العمل فيه ليترك العمال منطقة العمل سريعا دون تقيد بمواعيد العمل الرسمية وذلك ليلجأ الجميع إلى مقرات الإقامة بعيدا عن درجات الحرارة العالية لحين تحسنها ومن ثم يسمح لهم بالعودة إلى العمل.