حملة اعتقالات لنشطاء عرب الأحواز واحتجاز أكثر من 75 متظاهر
نيويورك - منظمة العفو الدولية
قالت منظمة العفو الدولية آمنستي وهيومن رايتس ووتش اليوم الأربعاء (29 أبريل/ نيسان 2015) إن قوات الأمن والمخابرات الإيرانية اعتقلت واحتجزت العشرات من عرب الأحواز، وبينهم عدد من الأطفال، في ما يبدو أنه حملة قمعية متصاعدة في إقليم خوزستان بإيران.
وبحسب نشطاء وأقارب للمحتجزين، تمت العديد من الاعتقالات في الأيام القليلة السابقة على الذكرى العاشرة للمظاهرات الحاشدة المناهضة للحكومة التي اجتاحت الإقليم ذا الأغلبية العربية في أبريل/نيسان 2005. وقال أقارب للمحتجزين إن الاعتقالات تمت بدون تصريحات قضائية على أيدي مجموعات من المسلحين الملثمين المنتسبين إلى أجهزة الأمن والمخابرات في إيران، وعادة ما كانت تأتي في أعقاب مداهمات لمنازل نشطاء عرب الأحواز في ساعات متأخرة من الليل أو ساعات مبكرة من الصباح. وقد أبدت المنظمات الحقوقية القلق من احتمالات اعتقال أشخاص لمجرد ارتباطهم برأي سياسي ظاهري، أو للتعبير السلمي عن المعارضة، أو لمجاهرتهم باستعراض هويتهم وثقافتهم العربية.
وقالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في آمنستي: "إن نطاق حملة الاعتقالات بحق نشطاء عرب الأحواز في الأسابيع الأخيرة، كما يظهر من التقارير، يثير أشد الانزعاج. وبدلاً من اللجوء إلى الاعتقالات الجماعية، يتعين على السلطات الإيرانية أن تفرج عن المحتجزين لمجرد التظاهر السلمي أو التعبير عن الرأي، وأن تسارع إلى توجيه الاتهام لأي شخص آخر ارتكب مخالفة جنائية معترف بها، وأن تضمن حصوله على محاكمة عادلة وإلا فلتفرج عنه".
وقالت المنظمتان إن على السلطات الإيرانية أن تزود عائلات جميع المحتجزين بمعلومات عن مكانهم ووضعهم القانوني.
قال نشطاء من عرب الأحواز خارج إيران لـ آمنستي وهيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن اعتقلت ما لا يقل عن 78 شخصاً، وربما أكثر من 100، منذ منتصف مارس/آذار 2015 في مدينة الأهواز، العاصمة الإقليمية لخوزستان، والبلدات والقرى المحيطة، في أعقاب مظاهرات سلمية في معظمها. وقالوا إن صفوف المعتقلين تضم أشخاصاً يشتبه في قيامهم بدور قيادي في تحريك المظاهرات المحلية. ولم تقدم السلطات الإيرانية سبباً للاعتقالات ولا كشفت عن وضع المحتجزين أو مكانهم، مما يعرضهم لخطر متزايد من التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة بحسب المنظمتين الحقوقيتين.
اعتقلت قوات الأمن حاتم عبيات، وهو ناشط عمره 35 عاماً من بلدة الحميدية، في 6 أبريل/نيسان بعد مداهمة منزله في الثانية صباحاً، بحسب حسين مؤيدي، وهو صديق لعبيات يقيم خارج إيران. ومنذ ذلك الحين لم تقدم السلطات إلى عائلة عبيات أي معلومات عن مكانه أو وضعه القانوني. قال مؤيدي إن السلطات دأبت على اعتقال عبيات سنوياً منذ 2005، قبل ذكرى أبريل/نيسان، واحتجازه في الحبس الانفرادي بمركز احتجاز يتبع وزارة المخابرات في الأهواز، بدون تواصل مع عائلته أو محاميه طوال عدة أسابيع. وقال مؤيدي إن عبيات تعرض أثناء اعتقالات سابقة للضرب المبرح والتعذيب للحصول على "اعترافات" بشأن "علاقاته مع دول أجنبية" و"انخراطه في نشاط مسلح"، ثم تم الإفراج عنه بكفالة ضخمة.
وقال مؤيدي إن عبيات كان يقول لمستجوبيه دائماً إنه لا يؤيد النشاط المسلح ولا يطلب سوى الحقوق المكفولة للأقليات في الدستور الإيراني. ويتمثل النشاط الرئيسي لعبيات، الذي يمتلك محلاً للجزارة في الحميدية، في تنظيم الاحتفالات بالعيد وغيرها من المظاهر الثقافية، وتشجيع الشباب على ارتداء الزي العربي التقليدي والمشاركة في مظاهرات سلمية مناهضة للحكومة.
وتم اعتقال مصطفى حيدري، وهو شاب عمره 17 عاماً من حي كوي علوي في مدينة الأهواز، يوم 7 أبريل/نيسان، على ما يبدو لدوره في تخطيط مظاهرة سلمية للاحتفال بذكرى 15 أبريل/نيسان. قال عمه عبد الرحمن حيدري، المقيم خارج إيران، لـ آمنستي إنه على اتصال بالعائلة في كوي علوي، وقد أبلغوه بأن العشرات من أفراد شرطة مكافحة الشغب المسلحين والملثمين، بزي أسود، اقتحموا منزل العائلة في الثانية من صباح 7 أبريل/نيسان واعتقلوا الشاب. ورفض الرجال إبراز تصريح بالاعتقال أو تقديم سبب له، بحسب عبد الرحمن حيدري، الذي أضاف أن السلطات لم تقم منذ ذلك الحين بتقديم أي معلومات عن مكان مصطفى حيدري وحالته، رغم تكرر طلبات العائلة المقدمة إلى المقر الإعلامي لوزارة المخابرات في الأهواز.
قال عبد الرحمن حيدري إن عائلته أبلغته بأن شرطة مكافحة الشغب قامت في الليلة نفسها باعتقال عدد من الرجال الآخرين من الحي، ومنهم جارا مصطفى حيدري، باسم بطراني ومحمود سواري، اللذين شاركا أيضاً في التخطيط لمظاهرة للاحتفال بالذكرى.
وقد جاءت جولة الاعتقالات الأخيرة في خضم الغضب الذي اجتاح الإقليم عقب وفاة يونس عساكرة، وهو بائع جائل من عرب الأحواز أشعل في نفسه النار في 13 مارس/آذار 2015 احتجاجاً على قيام سلطات البلدية بإزالة نصبته لبيع الفاكهة وتدميرها. حرم عساكرة من علاج الطوارئ الكافي، والنقل إلى طهران بسبب نقص التمويل، وتوفي جراء إصاباته يوم 22 مارس/آذار، كما قال مصدر مطلع على تفاصيل حالته لـ هيومن رايتس ووتش. وعندئذ خرج متظاهرو عرب الأحواز إلى الشوارع بأعداد كبيرة في مدينة خرمشهر الإقليمية. وثمة تقارير تفيد بأن السلطات ضيقت مراراً على عائلة عساكرة، بما في ذلك تأخير تسليم الجثمان للعائلة واحتجاز والده وشقيقه مؤقتاً قبل دفنه.
وكانت مظاهرة قد اندلعت قبل وفاة عساكرة بعدة أيام أمام ملعب غدير في الأهواز، بعد قيام شباب معظمهم من عرب الأحواز برفع لافتة أثناء مبارة لكرة القدم بين فريق "الهلال" السعودي وفريق "فولاد" المحلي في ملعب غدير بالأهواز، وكانت اللافتة تقول: "كلنا يونس!" وعندئد قامت الشرطة باعتقال عدة عشرات من الشباب، واعتدت عليهم بالضرب على الظهر والرأس. ويبدو أن الشرطة اختصت باستهدافها الشباب الذين يرتدون أزياء عربية تقليدية.
وإيران، كدولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ملزمة باحترام الحق في حرية التعبير (المادة 19) والتجمع السلمي (المادة 21). كما أن عليها ضمان عدم حرمان الأقليات العرقية واللغوية من "حق التمتع بثقافتهم الخاصة ... أو استخدام لغتهم، بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم" (المادة 27). وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ضمانات مشابهة، بما فيها المادتان 2 و15 اللتان تعترفان بالحق في المشاركة في الحياة الثقافية دون تمييز.
ويتمتع إقليم خوزستان، الذي يوجد به قسم كبير من الاحتياطيات النفطية والغازية الإيرانية، بتجمع سكاني عربي كبير، يقدر بـ2,5 - 5 مليون. ورغم موارد الإقليم الطبيعية وثراءه إلا أنه مبتلى بحرمان اقتصادي واجتماعي جسيم ومعدلات عالية من تلوث الماء والهواء. وقد زعم الكثيرون من عرب إيران، المتركزين في مناطق الأطراف الحضرية الفقيرة التي تعوزها المرافق الأساسية، أن الحكومة تميز ضدهم على نحو ممنهج، وخاصة في مجالات التوظيف والإسكان والوصول إلى المناصب السياسية وممارسة الحقوق الثقافية والمدنية والسياسية. كما أن عجزهم عن استخدام لغتهم الأم كوسيط للتعليم الابتدائي يمثل بدوره مصدراً لإحباط وسخط بعيد الغور.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بدلاً من تشديد القمع، ينبغي للسلطات أن تتصدى لمظالم عرب الأحواز طويلة الأمد الناجمة عن التمييز المترسخ والحرمان من الحقوق الثقافية، إذ إن الاعتقالات والسجن التعسفي لن يعملا على إخفاء مظالم عرب الأحواز".