مستشار الحكومة السويدية: تجاوزنا الأزمة مع الرياض ونتجه لتعزيز الحوار ومكافحة الإرهاب
الوسط - المحرر السياسي
قال يان هننجيسون، مستشار الحكومة السويدية لحوار الحضارات والأديان، إن استوكهولم والرياض تجاوزتا الأزمة وتتجهان لتعزيز الحوار ومكافحة الإرهاب، باعتباره الوجه الآخر لـ"الإسلاموفوبيا"، وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأحد (26 أبريل / نيسان 2015).
وأضاف هننجيسون في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن السعودية بذلت جهودا مقدرة لتعزيز الحوار ومكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن الإساءة الكاريكاتيرية للنبي محمد، أسوأ استغلال لمعنى حرية التعبير، الأمر الذي يتطلب تجريم من يرتكب مثل هذه الخطيئة بالقانون.
وقال هننجيسون: «للبلدين علاقات تاريخية عميقة، ولهما الاستعداد للعمل معا يدا بيد لتعزيز الحوار بين الشرق والغرب وبين المسلمين وغير المسلمين، فضلا عن جهود مشتركة لمكافحة الإرهاب وتغليب صوت العقل لأجل جني ثمار الحوار دائم».
ولفت مستشار الحكومة السويدية إلى أن الهدف من الزيارة، تعزيز الحوار بين السويد والعالم الإسلامي من خلال السعودية ومنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وهي امتداد لعمل جبار بدأته من قبل أربعين عاما، مشيرا لزيارته السعودية لأول مرة عام 1977.
وأوضح مستشار الحكومة السويدية أنه بحث مع الدكتور إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي اتفاقية، جاهزة ببنودها للتوقيع عليها، معتبرها بداية ثنائية بين السويد ومنظمة التعاون الإسلامي وطريقا جديدا للعمل المشترك، للمشورة وتبادل الخبرات، وباب يفتح أمام مرحلة مقبلة، ستكون حافلة بالأحداث المهمة.
وقال مستشار الحكومة السويدية: «وأنا حاليا بصدد بحث سبل تطبيق الاتفاقية، حيث إن تعميق التفاهم بين العالم العربي الإسلامي بصورة عامة والعالم العربي بصورة خاصة، وبين البلاد الإسكندفانية في شمال القارة الأوروبية بما فيها السويد».
ووفق مستشار الحكومة السويدية، فإن الاتفاقية تنظم العلاقة بين السويد والعالم الإسلامي وفي مقدمته السعودية، وخاصة أن السويد تحضن حاليا أكثر من 400 ألف مسلم، من أصل 70 جنسية، وطبعا البلاد الإسلامية الـ57 دولة أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، ولكل دولة منها أكثر من مهاجر في السويد، في ظل نقص فيما يخص الإلمام بعلوم ومبادئ الإسلام وفهم الفقه والأخلاقيات.
وقال: «هناك معاهد للتعليم ومنظمات للتربية الإسلامية أسسها مسلمون في السويد، وهذا يعتبر نموذجا يمكن أن يكون بمثابة الدعوة للإسلام، من خلال الاحتكاك والاهتمام بالمجتمع الجديد، والإحساس بالمسؤولية نحو الغير، واحترام الجيل الجديد للوالدين والعمل من أجلهما ومنحهما حقوقهما».
ووفق هننجيسون، فإن التحدي الأكبر، يتمثل في الاهتمام بالإسلام وبفهمه، واحترام المسلمين لتنوير من أراد أن يحارب الإسلام بما يعرف بـ«الإسلاموفوبيا»، مبينا أن هؤلاء هو أكثر فعالية في تنويرهم لأن الشباب المسلم الموجود في السويد، يتمتعون بأخلاق عالية وضمير يقظ وحي، وهم أصلح سلاح لمن يتصدى لـ«الإسلاموفوبيا».
وكمستشار للحكومة السويدية، يعتقد هننجيسون، أن مهمته تعزيز العلاقات المتعددة الأطراف.. «حيث إنني أمثل السويد بتحالف الخبراء بالأمم المتحدة، والسعودية من الدول التي تساهم ماليا للتحالف».
وعن الدور المنتظر من حوار الحضارات والأديان في إطفاء فتيل الفتنة بين الأديان قال هننجيسون: «لا بد من مشروع حواري فكري أو ديني كأساس لحوار رسمي بصورة ممتدة، أو بصورة علمية، حيث إن العلاقات الشخصية والصداقة أمر مهم بجانب بعد الرؤية والنظر».
وقال: «لا أعتبر نفسي مجرد مستشرق، بل دبلوماسي من أجل الحوار مع العالم الإسلامي، في ظل خلفية أكثر من 35 عاما في الدراسات الشرقية والإسلامية، حيث أقمت في جنوب الهند لأعوام بين المسلمين هناك، وأقمت ستة أعوام في الإسكندرية بمصر، واشتغلت مع الكثير من المسلمين والمسيحيين، في سوريا ولبنان وفلسطين، فكل هذا ساعدني ولكن لو بدأت هذا العمل منذ 25 عاما لم أكن مؤهلا لأداء الدور».
وأضاف: «لدينا الآن مشروعان مع المسلمين في السويد، المشروع الأول مكافحة (الإسلاموفوبيا) وهذا لن ينجح إلا في حالة تضافر الجهود للتعاون بين مؤسسات الدولة جميعا والشعب السويدي والجاليات الإسلامية، فمكافحة (الإسلاموفوبيا) يتطلب مكافحة التطرف والإرهاب، ونحن مهتمون بهذه المشكلة».
وقال: «لكن في الوقت نفسه لا بد من تعزيز التعاون القريب مع المسلمات والمسلمين في السويد والعمل معنا في مكافحة الإرهاب والتطرف ونبذ المواعظ التكفيرية لإنهاء ظاهرة الإرهاب، فالإرهاب و(الإسلاموفوبيا) وجهان متلازمان»، مشيرا إلى انتشار الإرهاب بين جماعات دينية أخرى مختلفة تمثل عددا من الأديان.
وعن رأيه حول استغلال بعض الجماعات مصطلح حرية التعبير، بنشر صور كاريكاتيرية مسيئة للرسول والنبي العربي محمد، قال هننجيسون: «هذا بالفعل سوء استغلال لمصطلح حرية التعبير، وفيه استغلال لمعنى الحرية النبيل، وذلك لا بد من وضع خط أحمر، حيث كل حرية، سواء أكانت دستورية أو عقلانية فهي مرتبطة بمسؤولية لا توجد حرية مطلقة إلا مشروطة بمسؤولية».
وقال هننجيسون: «القانون موجود، فلو كفّرت الآخر أو ميزته على أساس الدين والعرق، فهذه جناية وجريمة في القانون، وهذا كفاية، ولكن المطلوب الآن احترام الإسلام والمسلمين من القلب والدواخل، لأنك تراهم محترمين ومواطنين مثلك ويشاركون بهمة في بناء المجتمع السويدي، وليسوا أعداء السويد، بل سويديون مسلمون ولهم انتماء وطني».