مؤتمر"القرائية للجميع" يبحث تطوير معايير لغة الضاد وأساليب تعليمها وتعلّمها
المنامة - مؤسسة الفكر العربي
تحت رعاية رئيس مجلس أمناء وقف عيسى بن سلمان التعليمي الخيري سموّ الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة، بحضور وزير التربية والتعليم ماجد علي النعيمي، عقدت مؤسّسة الفكر العربي في إطار مشروعها "الإسهام في تطوير تعلّم الّلغة العربية وتعليمها عربي 21"، مؤتمراً مشتركاً بالتعاون مع الجمعية العربيّة للقراءة "تارا"، تحت عنوان "القرائيّة للجميع"، وذلك في فندق كراون بلازا في مملكة البحرين، بحضور رئيس ديوان سموّ وليّ العهد خليفة بن دعيج آل خليفة، والشيخ عضو مجلس أمناء مؤسّسة الفكر العربي خالد علي التركي، ومسؤولين عن إدارة المناهج التربوية، وخبراء مختصّين باللغة العربية والتطوير التربوي، وممثّلين عن جمعيّات ومؤسّسات ثقافية، وممثّلين عن دور النشر العربيّة، وكتّاب، ورسّامين، ومعلّمي لغة عربية من مدارس مختلفة، وطلّاب كليّات المعلّمين، والفائزين بـ"جائزة كتابي".
افتتحت المؤتمر القائم بأعمال عميد كلية البحرين للمعلمين هنادا طه، مديرة مشروع "عربي 21" وممثّلة "تارا"، بكلمة ترحيبية نوّهت فيها بالرّعايةِ البهيّةِ للمؤتمرِ من قبل رئيسِ مركزِ أمناءِ وقفِ عيسى بن سلمان للتعليم الخيري سموِّ الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة، كما رحّبت وزيرِ التربية والتعليم ماجد علي النعيمي على تشريفِه المؤتمر وإيمانِه الجمِّ بأهميةِ تطويرِ تعليمِ اللغةِ العربية.
وأكّدت طه أن المؤتمر يأتي تكريساً لأهميةِ مفهومِ القرائيةِ في اللغةِ العربية، وهو مصطلح حديث نسبياً ونعني به القدرةَ على فهمِ الكلماتِ وفهمِ العالم.
وعرضت لمفهومين أساسيين مرتبطين بتطويرِ تعليمِ اللغةِ العربية وتعلّمِها، الأول هو أهمية تبنّي فلسفة تعلّمِ اللغة المبني على المعايير، ذلك أن فلسفةِ المعايير الموحّدةِ تعني أنّه باستطاعةِ كلِّ طالبٍ التعلّمَ والتمكّنَ من المعايير، بغضّ النظر عن خلفيةِ أسرتِه المادية والثقافية ومدرسته، وغيرِها من عواملِ الفرزِ التي يعاني منها طلابُ الوطنِ العربي، فضلاً عن أنه يوحّدُ المفاهيمَ الأساسيةَ، فنصِلُ إلى نوعٍ من المساواةِ التعليميةِ، بحيث نعطي أبناءَ اللغةِ العربيةِ لغةً موحَّدةً وموحِّدةً ومعارفَ وُمفاهيمَ أساسيةً ترتبطُ بعصرِهم لا بعصرِنا، وبحاجاتِهم لا بحاجاتِنا. ثانياً وجود ضرورة قوميةُ الآن لتغييرِ "الدور" الذي تلعبُه اللغةُ العربيةُ في حياتنا، فدورُ اللغةِ ليس انكفاءً على دراسةِ ما هو "غير طبيعي" كالصرفِ والنحوِ والبلاغةِ، وإنما هو انغماس في الدورِ الطبيعيِ للغةِ، وهو تسخيرُ اللغةِ لفكِّ رموزِ الكلامِ ولفهمِ العالمِ من حولِنا، وبالتالي يتغيّرُ "الدور" الذي تلعبُه اللغةُ لتصبحَ الأداةَ التي بها نمكّنُ المتعلّمَ من الإطلالةِ على عوالمَ مختلفةٍ وشاسعةٍ.
ثم ألقى الوزير النعيمي كلمة، أشاد فيها بجهود مؤسّسة الفكر العربي الدؤوبة والمتميّزة في مجال الارتقاء بالفكر المستنير والعمل التربوي بعامّة، وفي مجال النهوض بالتربية اللغوية بخاصّة، ونوّه بجهود الأمير خالد الفيصل الذي أنشأ مؤسّسة الفكر العربي وجعلها واقعاً قائماً يخدم الأمّة العربية.
وإذ ركّز الوزير النعيمي على أهمّية اللغة العربية في حفظ هويّة الأمّة ولونها الثقافي، وفي بناء الشخصية العربيّة الأصيلة المعتزّة بأمّتها وثقافتها، تحدث بإسهاب عن استراتيجية القرائية المتكاملة التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين، وذلك من أجل النهوض باللغة العربية وتعليمها، بما في ذلك أنظمتها ومهاراتها، وذلك من خلال محتوى أصيل وأساليب ملائمة من شأنهما أن ينمّيا لدى المتعّلمين القدرة على بناء المعنى، والتعبير عنه والتواصل بشأنه في سياقات ومقامات حقيقية حيّة، وبما يرسّخ الهويّة الوطنية والانتماء العربي، ويعزّز قيم التسامح والحوار وينمّي مهارات التفكير والإبداع.
وعرض النعيمي لجهود المملكة في مجال تطوير تعليم اللغة العربية، والتي تتمثّل في ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من تطوير مستمرّ لمناهجها، وتدريب نوعيّ لمعلّميها، ومتابعة إشرافية ورقابية لتعليمها في جميع المدارس الحكومية والخاصة، وعناية بتعليمها للناطقين بغيرها، وذلك من منطلقات قومية ودينية وتربوية واجتماعية، وتعزيز حبّ اللغة واستخدامها، وتربية التفكير والإبداع بها، وتقييم مستوى الأداء اللغوي عن طريق الامتحانات الوطنية والمشاركة في الاختبارات الدولية، وحرص على الاحتفاء باللغة العربية وبخاصة في يومها العالمي الذي خصّصته اليونسكو، فضلاً عن التواصل مع المجلس الدولي للغة العربية، والإسهام في صياغة قانونها الذي يحكم استعمالها في الدول العربية والإسلامية.
وألقى الشيخ خالد علي التركي كلمة باسم مؤسّسة الفكر العربي نيابة عن رئيس مجلس إداراتها الأمير بندر بن خالد الفيصل، ناقلاً تحيات صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس المؤسّسة، ومؤكّدا على الاهتمام بقضية تطوير تعليم وتعلّم اللغة العربية كقضية أساسية تستحقّ كل الدعم، إدراكاً من مؤسّسة الفكر العربي للحاجة الماسّة لتغيير المنحى الكلاسيكي المُستخدم حالياً.
وأشار إلى أن المؤتمر سيركّز على مسألتين في غاية الأهمية، الأولى تتعلّق بمفهوم تعليم وتعلّم اللغة العربية المبني على المعايير، وهو مفهوم يعدّ سبقاً في مجال تطوير تعلّم وتعليم اللغة العربية، ذلك أن المعايير تشكّل إطاراً لمجموع المعارف والمهارات والكفايات العملية المتوقّع من الطالب معرفتها والقدرة على القيام بها، فضلاً عن أن المعايير توضح طرائق تقويم وتقييم تلك المعارف بشكل محاذٍ، من هنا فإن أي مشروع حقيقي للتطوير، لا بدّ أن ينطلق من مفهوم التعلّم المبني على المعايير. ثانياً يتميّز المؤتمر بفكرة العمل المؤسّساتي المشترك من أجل هدف نبيل وملحّ، وذلك من أجل حشد الرؤى وتوضيح الممارسات العالمية الناجحة لتكون نواة للعمل على رؤية جديدة لتعليم وتعلّم اللغة العربية. وختم بشكر مملكة البحرين قيادة وشعباً على حسن استضافتهم للمؤتمر، كما شكر مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية على دعمها وتمويلها لمشروع "عربي 21".
بعدها احتفت المؤسّسة بالفائزين بـ"جائزة كتابي 2015" لأدب الطفل العربي في دورتها الثالثة، وسلّم وزير التربية ماجد بن علي النعيمي الفائزين والمتحدّثين والرعاة دروعاً تكريمية. والفائزون هم: رنا عناني، هدى حدادي، هديل ناشف، أسامة مزهر، مهند العاقوص، طيبة عبد الله، سمر محفوظ برّاج، منى يقظان، ميرا المير، شهاب الدين المشرّف، عاصم إبراهيم، ضلاً عن الممثّلين عن دور النشر التالية: دار كلمات، دار العالم العربي للنشر والتوزيع، دار البراق لثقافة الطفل، دار الساقي، هدهد للنشر. ثم قدّمت الكاتبة رنا عناني قراءة من كتابها الفائز "صاروخ إلى الفضاء".
بعد ذلك بدأت أعمال المؤتمر بحلقة نقاشية تحت عنوان " تعلّم اللغة العربية المبني على المعايير"، شارك فيها كلٌ من سالي التركي، وهنادا طه ومريم الهاشمي وبول تاكر.
ثم عُقدت ورش عمل المتخصّصين، وتحدّث فيها كلّ من محمد المومني عن "أدب الأطفال: الطريق إلى القرائية"، وهالة صادق حول "دور التكنولوجيا في صف اللغة العربية"، ومازن الشيخ عن "دور البصريات في تعلّم العربية"، وبشرى قدورة حول "اعتماد نظام المعايير في تطوير دور الحضانة للأطفال".