حماس تستنفر أجهزتها وتلاحق المحسوبين على "داعش"
الوسط - المحرر السياسي
ذكرت مصادر فلسطينية مطلعة، أن الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس، شنت خلال اليومين الماضيين، حملة اعتقالات واسعة في صفوف متشددين في قطاع غزة، يعتقد أنهم يقفون وراء عمليات تفجير وقعت في القطاع خلال الأسابيع القليلة الماضية، ونفذت بعد خلاف كبير نشأ بين الحركة الإسلامية وتنظيم داعش، بسبب توغل الأخير في مخيم اليرموك في سوريا بداية الشهر الحالي، وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الجمعة (24 أبريل / نيسان 2015).
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الحملة طالت 13 من عناصر المتشددة، على الأقل، يجري التحقيق معهم حول علاقتهم بتفجيرات غزة، فيما تم استدعاء عشرات آخرين معروفين لأجهزة حماس بمناصرتهم تنظيم داعش. وتشير الاعتقالات التي بدأتها حماس إلى تدهور كبير في العلاقات بين الحركة التي تحكم قطاع غزة، وبين المتشددين بعد فترة طويلة من الهدوء الذي تلا مواجهات «كسر عظم» بين الطرفين.
وكانت الأجهزة الأمنية التابعة لحماس، أعلنت، هذا الأسبوع، الاستنفار في غزة، وقامت بنشر حواجز ليلية في معظم مناطق القطاع، لفرض الأمن فيه ومراقبة العناصر المتشددة. واتخذ القرار في أعقاب سلسلة من التفجيرات استهدفت الجمعة والسبت مقر الحكومة الفلسطينية، ومحيط مكتب النائب العام، وبوابة المقر الرئيسي للأونروا، ومقر «السرايا» (مجمع الأجهزة الأمنية السابق).
وثمة اعتقاد واسع لدى الأجهزة الأمنية التابعة لحماس، بأن عناصر متشددة مؤيدة لتنظيم داعش هي التي تقف وراء التفجيرات، بعدما اعتقلت حماس في الأسبوع الأول من هذا الشهر، منظرين لـ«داعش» كانوا يدافعون عن اقتحام التنظيم لمخيم اليرموك. وفيما نظمت حماس مرارا، مسيرات ضد «مجازر داعش» في اليرموك، شوهدت شعارات لـ«داعش» في غزة تتحدى حماس.
وكان مسؤولون في «داعش» في سوريا دعوا إلى مواجهة الحركة الإسلامية في غزة. وكتب أبو أنس المصري، أحد المتشددين المصريين في «داعش»، على أحد المواقع الجهادية، يقول: «رسالة إلى إخواننا في الدولة الإسلامية، وخصوصا ولاية سيناء: الموحدون في غزة يتعرضون لحملة خسيسة من حماس للنيل منهم، فكونوا معهم». ومن غير المعروف ما إذا كان يوجد تنظيم بالمعنى الحرفي لـ«داعش» في غزة. وتقول حماس إنه لا يوجد مثل هذا التنظيم في القطاع.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، نظم نحو مائتين من الشبان في قطاع غزة، مسيرة منددة بالإساءة إلى الرسول الكريم، وهاجموا فيها فرنسا وتعهدوا بالانتقام منها، على خلفية مهاجمة متشددين للمجلة التي أساءت للرسول. وكان هذا أول ظهور علني لمناصرين وجهوا التحية إلى زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، وحملوا الرايات السوداء التابعة لتنظيم. آنذاك، اتهم الموقع الإعلامي الرسمي لحركة فتح، حركة حماس، لتسهيل مهمة «تنظيم داعش الإرهابي» على حد وصفه، وقال: إن منظمي المسيرة كانوا تحت حماية شرطة حماس وبإذن مسبق منها.
ورد إياد البزم المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة، بقوله «إن حرية الرأي والتعبير مكفولة في إطار احترام القانون والمحافظة على الأمن والنظام العام والحفاظ على الممتلكات العامة». وقبل ذلك، في ديسمبر من العام الماضي، وزعت بيانات في غزة تحمل اسم تنظيم داعش، وتدعو النساء إلى الالتزام باللباس الشرعي وإلا سَيكُنَّ عرضة وأولياء أمورهن لمحاكمة شرعية. وجاء ذلك بعد شهرين من استخدام اسم «داعش» في تفجير في المركز الثقافي الفرنسي في غزة.
أما أول ظهور لمناصري «داعش» في غزة، فكان في فبراير (شباط) من العام الماضي، عندما أعلن مسلحون في فيديو قصير مناصرة التنظيم.
وقالت مصادر قريبة من المتشددين لـ«الشرق الأوسط»، أن غالبية مناصري «داعش» الذين يؤمنون بنهجه، خرجوا من رحم المنظمات المتطرفة فعلا، وراحوا يؤمنون بـ«داعش» أكثر من جماعاتهم.
والعلاقة بين حماس والمتطرفين بشكل عام في غزة، متوترة للغاية، وشهدت على مدار السنوات الماضية مدا وجزرا وصل، في كثير من الأحيان، إلى إراقة الدم.
ومنذ تسلمت حماس قطاع غزة في 2007، بدأت حربا ضروسا ضد الجماعات المتشددة، فقتلت بعض قادتها وأبرزهم قائد الجماعة ومنظرها أبو النور المقدسي في 2009 داخل أحد المساجد، واعتقلت آخرين، بينما كانت الجماعات المتشددة ترد بإطلاق صواريخ تجاه إسرائيل، متحدية حماس، وتعلن عملها المتواصل لهدم حكمها، وإقامة إمارة إسلامية بدلا منه في غزة.
وتعد حماس الجماعات المتشددة جماعات تكفيرية، وتتهمها بضرب النسيج المجتمعي، وتنفيذ أعمال قتل وحرق واستهداف لأشخاص ومؤسسات ومحال تجارية، وتصفها بـ«بذور الإرهاب»، وهو أمر نفاه المتشددون الذين لا يعترفون بحكم حماس وإسلاميته وكانوا يصفونه بالحكم «الدنيوي القائم على المصالح».
وزادت العلاقة توترا في 2012 بعدما اتهم المتشددون حماس بمساعدة أجهزة المخابرات المصرية في التحقيق مع عناصرهم في غزة حول التطورات في سيناء.
ولكن الطرفين اتفقا مع نهاية عام 2013، بشكل غير معلن، على مبادرة تهدئة برعاية رجال دين من دول عربية، وتضمنت منح المتشددين حرية العمل السياسي والعسكري والدعوي والاجتماعي وتنظيم الفعاليات المختلفة، إضافة إلى وقف عمليات الاعتقال والملاحقة كافة، وتشكيل هيئة مشتركة لمتابعة أي إشكاليات قد تقع وتتسبب في إحداث أزمات جديدة، والتزام الجماعات المتشددة بالتهدئة وقرارات حكومة حماس في هذا السياق، وما تجمع عليه الفصائل، ووقف التصريحات من جانبهم التي تقوم على التخوين والتكفير ضد حماس أو حكومتها، وعدم تنفيذ أي أعمال تخريبية داخلية في القطاع والالتزام بالحوار الدائم.