"الثقافة" تكرّس قيم الخير والجمال عبر معرض "كليلة ودمنة حكايات عبر الزمن"
المنامة - هيئة البحرين للثقافة والآثار
من وحي حكايات كليلة ودمنة الشهيرة، والحكمة الخالدة، يقدم معرض "كليلة ودمنة حكايات عبر الزمن" أول عروضه التفاعلية في متحف البحرين الوطني وبالتعاون مع متحف الأطفال بمدينة إنديانا بوليس الأميركيّة، ابتداءً من الجمعة (22 أبريل/ نيسان 2015) وحتى 30 سبتمبر/ أيلول، عبر بث الروح في شخصيات تلك الحكايات وعلاقاتهم والدروس والعبر المستقاة منها، تثريها رسومات أصليّة ودليل رقميّ لكل من تلك الحكايات، في حالة فنية قيميّة تقدم في عدّة قوالب تتناسب وأنماط وفئات عمرية متعدّدة.
يضم المعرض عددًا من القطع والمعروضات، التي تلامس حكاية كليلة ودمنة من عدة جوانب، الفنية منها، التاريخيّة، والقيمية الاجتماعية، وهو معرض يصحّ تسميته معرضًا للأطفال غير أن الدكتورة صبيحة الخمير أستاذة الفن الإسلامي، المدير المؤسس لمتحف الفن الإسلامي بالدوحة، المحاضِرة في الفنون الإسلامية بالمتحف البريطاني ومديرة هذا المعرض، تقول: "إنه معرض للأطفال والراشدين معًا، لأنه ينطوي على الحكمة. الحكمة مبسّطة، لكنها ليست بسيطة، لذلك فالمحتوى مقدّم بأسلوب يناسب الجميع، وبه من العمق بقدر ما يستطيع المتلقي المضي عمقًا".
تتوسط المعرض ورقة أثرية من المخطوط الأصلي لكتاب كليلة ودمنة، تعود ملكيّتها للشيخة حصّة آل صباح، ويعود عمرها للقرن الرابع عشر بترجمة ابن المقفّع، تعرض للجمهور بصحبة شاشة عرض تبَث من خلالها صورٌ لمجموعة من أوراق المخطوط الأصليّ التي لا تزال موجودة، وأماكن عرضها أو تواجدها حول العالم، ويقدم المعرض الذي يختار من حكايات كليلة ودمنة 3 حكايا تصوّرًا بصريًا للحكايات عبر رسومات مصاحبة لكل قصة من القصص التي تم اختيارها، إضافة إلى عدد من المقتنيات والمعروضات التي تحاكي صور الحيوانات وحضورها في الثقافات وأنثروبولوجيا المجتمعات الأخرى.
ويعتمد المعرض الوسائط الجديدة في تعاطيه وعرضه للنص والحكمة التي تعود لقرون عديدة مضت، عبر عروض الكاليدوسكوب لأشكال وصور ملونة من قصص كليلة ودمنة موضوعة بين ثلاث مرايا مسطحة تعطي أشكالاً جميلة ومدهشة تتغير عند أقل تدوير، وعروض الأنيميشن المصممة خصيصًا لهذا المعرض، تصوّر حكايات كليلة ودمنة، وتقدّمها للجمهور الذي سيحظى في هذا المعرض بأنماط تلقٍ متعددةٍ سمعيًا وبصريًا وحسيًا، كما يقدم المعرض مجموعة ألعاب تفاعليّة للأطفال، عبر اختبارات قيميّة، تضعهم في مواقف افتراضية، تتطلب إيجاد حلول، وتترك لهم الاختيار بين الأفعال الخيّرة وغير الخيّرة، وتعطيهم النتيجة بعد ذلك، بهدف ترسيخ قيم الخير والصدق والمحبة والوفاء، وكل ما أراد كاتب المخطوطة الأصلية أن يؤسس له منذ عدّة قرون، باعتبار أن القيم الإنسانية هي قيم أزلية وخالدة.
ولا يعد معرض "كليلة ودمنة حكايات عبر الزمن"، معرض الزيارة الواحدة، إذ تقام رفقته مجموعة من الفعاليات المصاحبة التثقيفية والترفيهية الهادفة، التي تجعل زيارته في كل مرة تجربة جديدة، من بينها محاضرة بعنوان "التراث والحداثة" تقدّمها صبيحة الخمير، وعدد من الورش المصاحبة المقدّمة للأطفال والتي تتنوع ما بين ورش كليلة ودمنة لتلوين الوجوه، ورشة إعادة التدوير، ورشت النحت وتشكيل الشخصيّات، ورشة رواية القصص، ورشة الدراما وغيرها، كما يضم المعرض مسرحًا يستعرض عددا من الحكايات البحرينية التراثية، والتي تنطوي على المبادئ والقيم الإنسانية ذاتها التي تتناولها قصص كليلة ودمنة، في إشارة إلى عمق وغنى الموروث الثقافي والإنساني البحرينيّ، وصلته بالثقافة العالمية، إضافة إلى خصوصيته المحلية، ويعدّ هذا المزج الفني والثقافي، انعكاسًا لرؤية هيئة البحرين للثقافة والآثار التي تحتفي هذا العام بالتراث، تحت شعار تراثنا ثراؤنا.
جدير بالذكر أن كتاب كليلة ودمنة يعدّ من نفائس الأدب العالمي الخالدة، وهو مجموعة قصص رمزية ذات طابع يرتبط بالحكمة والأخلاق يرجح أنها تعود لأصول هندية مكتوب بالسنسكريتية وهي قصة الفيلسوف بيدبا. كتاب يسرد مجموعة قصص خرافية أبطالها حيوانات، يهدف إلى النصح الخلقي والإصلاح الاجتماعي والتوجيه السياسي.
وكانت النسخة العربية من ترجمة ابن المُقَفَّع (142هـ، 759م)، ترجمها وزاد عليها بعض القصص، أما الترجمات التي نُقلت عن النص العربي مباشرة أو عن نصوص مترجمة عن النص العربي فهي: السريانية الحديثة، والإنجليزية، والفارسية الأولى ثم الثانية، والفارسية الهندية، والتركية واليونانية، والإيطالية، والعبرية، واللاتينية الوسطى، ثم اللاتينية القديمة، والأسبانية القديمة. أما الترجمات الأوروبية الأخرى، فأكثرها تُرْجم عن لغات وسيطة أخذت عن النص العربي مباشرة.