نقد الذات يحصن الحراك الشعبي ويدفع في اتجاه المزيد من المكاسب
الغريفي: السلطة تملك أدوات إنتاج الإصلاح السياسي... وللشعب دورٌ فاعل
الدراز - محرر الشئون المحلية
نبه السيد عبدالله الغريفي في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز أمس الجمعة (27 مارس/ آذار 2015)، الى أن «السلطة تملك كل الأدوات من أجل إنتاج الإصلاح السياسي، ومن أجل الدفع بعملية البناء والتغيير»، منبهاً أيضاً إلى أن «دور الشعب في عملية الإصلاح وبناء الوطن هو دور فاعل وكبير، ومتى غاب هذا الدور تعقدت حركة الإصلاح، وارتبكت عملية البناء».
وتحت عنوان «لكي نحمي الوطن من الأزمات»، قال الغريفي: «إذا كانت السلطة تؤمن كل الإيمان بأن الإصلاح السياسي ضرورة كبرى لهذا الوطن، وإذا كان الشعب يؤمن كل الإيمان بأن الإصلاح السياسي ضرورة كبرى لهذا الوطن، وإذا كانت السلطة والشعب يؤمنان بضرورة أن يُحمى الوطن من الأزمات، والاحتقانات، والخلافات، والصراعات، ومن كل ما يسيء إلى أمنه، وهدوئه، واستقراره، وإلى شرفه، وكرامته، وعزته، وإذا السلطة والشعب يؤمنان بضرورة أن تتحول الشعارات، والخطابات، والكلمات إلى إرادات جادة، وعزائم صادقة، وممارسات فاعلة وخطط متحركة، فلماذا لا تتآلف الإرادات، ولا تتلاحم القدرات، ولا تتآزر الطاقات، ولا تتلاءم الإمكانات من أجل خير، وصلاح، وعزة، وأمن هذا الوطن؟».
وأضاف «صحيح أن يقال: إن السلطة هي التي تملك كل الإمكانات، وكل القدرات، وكل الأدوات من أجل إنتاج الإصلاح السياسي، ومن أجل الدفع بعملية البناء والتغيير، إلا أنه صحيح أيضًا أن يقال: إن دور الشعب في عملية الإصلاح وبناء الوطن هو دور فاعل وكبير، ومتى غاب هذا الدور تعقدت حركة الإصلاح، وارتبكت عملية البناء».
وقال الغريفي: «حينما نتحدث عن الإصلاح والبناء والتغيير نتحدث عن حقوق شعب، ومصالح شعب، وكرامة شعب، وشرف شعب، وإرادة شعب، وحرية شعب، ووحدة شعب، وأمن شعب، فمن حق الشعب - وفق منظور الإصلاح - أن يكون حاضرًا حضورًا حقيقيًا في العملية السياسية، ومن حق الشعب أن يعبّر عن رأيه، ومن حق الشعب أن ينتقد أداء السلطة، ومن حق الشعب أن يطالب، أن يحتج، أن يتظاهر، ولكن ليس من حقه أن يمارس عنفًا، وتطرفًا، وإرهابًا، وليس من حقه أن يكون مزاجيًا، عبثيًا، منفلتًا، وليس من حقه أن يكون معوقًا لأي جهد في الاتجاه الصحيح».
واستدرك قائلاً «هذا لا يعني أن يسمح لكل من يريد أن يسيء لحراك الشعب أن يقول ما يشاء، وإن كان في هذا القول الكثير من الظلم والزور والبهتان، فما أكثر ما قيل عن الحراك، بلا إنصاف، ولا نزاهة، ولا موضوعية، وفي المقابل لا يجوز أن نتعقد من محاسبة الحراك، ونقده، فمن الطبيعي أن تحدث أخطاء واشتباهات، وعثرات، ومخالفات، لو فعلنا ذلك لكنا جانين على الحراك، وعلى قواه السياسية، لأن المراجعة الدائمة، ومحاسبة الأخطاء، ونقد الذات يحصن الحراك، ويرشد الخطى، ويقوّم الأداء، ويدفع في اتجاه المزيد من المكاسب، وفي اتجاه الوصول إلى الأهداف».
وذكر الغريفي أنه «بمقدار ما تحرك السلطة إمكاناتها، وأدواتها في إنتاج الإصلاح الجاد، والسلطة تملك كل الإمكانات والأدوات، وبمقدار ما يحرك الشعب حضوره الفاعل في دعم الإصلاح، وهو يملك كل القدرة على الحضور الصادق. وبمقدار ما تتعاون إمكانات السلطة وقدرات الشعب، وبمقدار ما تتقارب الإرادات، وتنشط اللقاءات والتفاهمات الجادة، بمقدار ذلك كله تكون الخطى قد اقتربت من الإصلاح اقترابًا حقيقيًا».
وأشار الغريفي إلى أنه «إذا تكرست المفاصلة - وهي خطأ استراتيجي كبير - تعقدت الخطوات، وتأزمت القناعات وتعطلت الخيارات، وترشحت التأزيمات»، وتساءل «ما الذي يكرس المفاصلة؟».
وأوضح الغريفي أن «قوى الشارع المعارض تتهم السلطة كونها اعتمدت الخيار الأمني المتشدد، والسلطة تتهم هذه القوى، كونها قاطعت العملية السياسية، إذًا هنا مشكلة فهم ورؤية وقناعة، كيف تعالج هذه المشكلة؟، قطعًا لا تعالج بالأدوات الأمنية، ولا بالانفعالات، وإنما باللقاء والتفاهم والحوار».
ورأى أن «لغة الإقناع هي الكلمة الطيبة وليست الرصاصة الطائشة، هي المحبة وليست الكراهية، هي التسامح وليست التشدد، هي المصالحة وليست المفاصلة، وإذا كان هناك التباسات في الرؤية أو تباينات في القناعة، فإن للعلاج وسائل حكيمة أقل كلفة من الوسائل الأمنية الباهظة الثمن، ومن المواجهات والمصادمات والتشنجات، فمطلوب من السلطة أن تعتمد هذه الوسائل الحكيمة، وكذلك من الشعب وقواه المعارضة».
وتابع الغريفي «قد يقال: إن هنا حراكًا سياسيًا، سلميًا، رشيدًا، حضاريًا، نظيفًا، محقًا، صادقًا، إلا أنه ما استطاع أن يحقق أهدافه أو أن يقترب منها، وما ازدادت السلطة منه إلا شدة وقسوة، أنا واثق كل الثقة - وبعونه تعالى وتسديده - أن هذا الحراك السلمي الرشيد سيفرض ضرورة التعاطي معه، لأنه لا خيار إلا هذا التعاطي، ففيه كل الخير، وكل الصلاح، وكل الأمن لهذا الوطن، وما عدا ذلك، فإن الأوضاع سوف تتجه إلى المزيد من التأزيم والتعقيد وإلى المزيد من الأثمان الباهظة، والمآلات المكلفة، وهذا ما لا يتمناه كل غيور على مصلحة هذا الوطن، ربما أن الكثير من المجريات المتحركة لا تدفع نحو التفاؤل، فها هي قضية المعتقلين تتفاعل، وها هي قضية الشيخ علي سلمان حاضرة في وجدان هذا الشعب وفي حراكه، فكم تمنينا أن تحسم هذه القضية بالشكل الذي يدفع في اتجاه التهدئة وإنتاج الأمل، إلا أن ما حدث من استمرار توقيف الشيخ علي سلمان أصابنا بالكثير من القلق والشك في وجود رغبة جادة في علاج الأوضاع، والخروج بهذا البلد من أزمة طالت وطأتها، ومع كل هذا القلق والشك سنبقى مصرين على مسار التهدئة والتواصل وإنهاء كل المؤزمات والموترات مادمنا مخلصين لهذا الوطن».