الغريفي: لا خيار لإنقاذ البلد من أوضاعه إلا الحوار والتوافق والتعاون
أكد عالم الدين السيدعبدالله الغريفي أنه لا خيار لإنقاذ البلد من أوضاعه الثقيلة إلا الحوار والتوافق والتعاون، في سبيل بناء مستقبل واعد وآمن لهذا الوطن، مؤكداً أن ذلك اليوم ليس ببعيد «إذا صدقت النوايا، وأخلصت الجهود، وتحركت الإرادات الرشيدة».
وفي خطبته التي ألقاها قبل صلاة الجمعة في جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، قال الغريفي «ننتظر عودة كل الرموز والقادة الذين غيبوا في السجون، فالساحة في حاجة إلى حضورهم، وعطائهم، وكفاءتهم، وإخلاصهم لهذا الوطن، كما أنها في حاجة إلى أدوارهم الرشيدة البصيرة القادرة على أن تساهم في صنع الأمن كل الأمن في هذا الوطن، والحب كل الحب على هذه الأرض، والوحدة كل الوحدة بين مكونات هذا الشعب».
وهكذا يجب أن تلتئم كل القوى المخلصة من أجل إنتاج الحل القادر على إنقاذ البلد من أوضاع ثقيلة ظلت جاثمةً على صدره وأرهقته كثيراً، وكلفته أثماناً باهظةً ولا يمكن إنتاج هذا الحل إلا من خلال حوار جاد حقيقي صادق، فلا خيار إلا الحوار، ولا خيار إلا التوافق والتعاون في سبيل بناء مستقبل واعد وآمن لهذا الوطن الأصيل والذي احتضن عبر تأريخه كل المكونات في تعايش لا يعرف الكراهية والفتن والصراعات...
وتحدث الغريفي عن الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، مخاطباً إياه بالقول: «إننا ننتظرك بكل شوق أن تعود إلى موقعك في الساحة، لتمارس دورك في خدمة هذا الوطن، وفي الدفاع عن حقوق هذا الشعب. كما ننتظر عودة رفيق دربك رئيس شورى الوفاق السيدجميل كاظم، والذي كان له دور بارز في الساحة السياسية، وفي الحراك السلمي، بما يملكك من وعي وبصيرة، ونضج وقدرة كفوءة، وصدق وإخلاص واستقامة، وحب لهذا الوطن».
وتابع في حديثه عن سلمان «أمن الوطن في منظورك أن يتحقق الأمن لكل مواطن، أن يكون المواطن آمناً على دمه وماله وعرضه، أن يكون المواطن آمناً على حريته السياسية والاجتماعية، أن يكون آمناً على حقوقه المعيشية، أن يكون آمناً على أسراره وخصوصياته، أن يكون آمناً في سكنه وفي كل تحركاته وتنقلاته، أن لا يلاحق، أن لا يطارد، أن لا يسجن، أن لا يحاكم إلا بحق، هكذا يكون المواطن آمناً، وهكذا يكون الوطن آمناً».
وأضاف الغريفي مخاطباً سلمان «هل جهادك السياسي السلمي إلا من أجل أن يكون المواطن آمناً، ومن أجل أن يكون الوطن آمناً. كنت تحارب كل ما يقتل أمن المواطن وأمن الوطن. حاربت العنف والإرهاب والتطرف. وحاربت كل الصراعات الطائفية والمذهبية والسياسية والعرقية. وحاربت سياسة التسلط والاستبداد. وكنت تؤكد على سياسة العدل، ولا يزرع الأمن في الأوطان إلا العدل».
وتحت تساؤل: «لماذا أساءوا إليك يا رسول الله؟، قال الغريفي: «هكذا تتكرر الإساءات إلى نبينا الأعظم (ص)، وإلى قرآننا، وإلى مقدساتنا، متسائلاً: «هل هي مجرد حماقات أفراد طائشين حاقدين؟ لا، إنها ممارسات ممنهجة مخططة ضد الإسلام. ويقف وراء هذه الممارسات الشائنة دوائر صهيونية وقوى معادية للإسلام والمسلمين، مستخدمةً إعلاماً وأقلاماً، وفناً، ومالًا، وكل الأدوات. ومن المؤسف إنهم يدافعون عن هذه الأعمال بأنها تعبير عن حرية الرأي، وهم يكذبون ويتناقضون».
وذكر أن «في فرنسا قام رسامون بالإساءة إلى شعار اليهودية... فقالت لهم الحكومة الفرنسية: إنه فعل مخجل، وعليكم الاعتذار لإسرائيل... وفي فرنسا قام رسامون بالإساءة إلى نبي الإسلام، فما كان موقف الحكومة الفرنسية؟ قالت: إنها حرية تعبير وهي حق مكفول في فرنسا. وتساءل أيضاً: «ما هذه المعايير المزدوجة؟ الإساءة إلى اليهودية عمل مخجل ويجب الاعتذار لإسرائيل، والإساءة إلى نبي الإسلام يمثل حرية تعبير... لماذا هذا الاستهداف لنبينا الأعظم (ص)؟ ولماذا هذا الاستهداف لقرآننا؟ ولماذا هذا الاستهداف لمقدساتنا؟».
وأجاب الغريفي على هذه التساؤلات بقوله: «يقف وراء هذا الاستهداف ثلاثة أغرض رئيسية: الغرض الأول: إنها حرب موجهة ضد الإسلام خشية أن يقتحم عقل الرب، وأن تمتد مساحته، وأن يقوى حضوره على المستوى العالمي. الغرض الثاني: إشغال العالم بصراعات الأديان، لكي تتمكن القوى الكبرى من الهيمنة على مقدرات البشرية وعلى كل ثرواتها وسياساتها. الغرض الثالث: إلهاء الشعوب الإسلامية عن قضاياها المصيرية والكبرى».
وعن كيفية مواجهة المسلمين لهذه الاستهدافات ضد النبي، أوضح أن «موقف حكام المسلمين: لم نسمع منهم موقفاً واضحاً جريئاً في مواجهة هذا الاستهداف، وربما صدرت بيانات خجولة لا تعبر عن مواقف جادة تتناسب وحجم الجريمة العظمى في الاعتداء على شخص الرسول الأعظم (ص)، لماذا هذا الصمت، ولماذا هذه المواقف الخجولة؟ هل لأن هؤلاء الساسة لا يحملون هم الإسلام؟ أم لأن الأنظمة مكبلة لإرادة القوى الكبرى؟ ربما هذا أو ذاك، وربما كلاهما».
وأكد أن «بإمكان الأنظمة الحاكمة أن تفعل الكثير في الدفاع عن قضايا المسلمين، بشرط أن تحمل هم الإسلام، وأن تتحرر من هيمنة القوى الكبرى»، مشيراً إلى أن موقف علماء المسلمين جاء من خلال بيانات رافضة ومنددة بهذه الاستهداف الشائن الموجه للنبي الأعظم (ص)، وبعض هذه البيانات تحمل درجة عالية من القوة والغيرة على نبي الإسلام (ص) إلا أن المطلوب من علماء المسلمين ليس مجرد البيانات والاستنكارات، رغم أهمية ذلك».
وبين أن «المطلوب أولًا: أن يقدموا للعالم رسول الله (ص)، وأن يقدموا الإسلام بصورة راقية وأصيلة ومشرقة، وليس بصورة خرافية ومتخلفة وباهتة. والمطلوب ثانياً: أن ينقوا التراث التأريخي من كل ما يسيء إلى شخص الرسول الأعظم (ص)، فهذا التراث معبأ بأخبار وروايات وقصص تعطي صورةً مستهجنةً جداً لشخصيته (ص)، مما يوفر لأعداء الإسلام مادةً للطعن والإساءة والتشويه. والمطلوب ثالثاً: أن يوظف علماء الأمة ومفكروها كل ما يملكون من قدرات علمية وأدبية وتقنية وإعلامية في الدفاع عن الإسلام ونبي الإسلام والمسلمين».
أما عن موقف النخب الثقافية والسياسية والاجتماعية، فقال: «هذه النخب يجب أن تنشط حضورها الثقافي والسياسي والاجتماعي في الدفاع عن قضايا الإسلام والمسلمين، وأن تطور كل أدواتها وأساليبها وإمكانياتها وقدراتها وإنه لخيانة عظمى أن تبقى النخب الثقافية والسياسية والاجتماعية متفرجةً في معركة التحدي التي تواجه الإسلام، وأن تظل صامتةً ونبيها الأكرم (ص) يتعرض لاعتداءات سافرة، وإساءات شائنة، وإهانات وقحة».
وتطرق لموقف أصحاب الثروة والمال ورجال الأعمال، مشيراً إلى أن «هؤلاء يجب أن يكون لهم دورهم الفاعل في الدفاع عن قضايا الأمة، وفي مقدمتها الدفاع عن نبي الإسلام (ص)، بشرط أن يكون هذا الدور مرشداً ومدروساً خشية أن يتحول المال إلى وسيلة للعبث والعنف والإرهاب والتطرف باسم الدين، والدفاع عن قضايا المسلمين، فتوظيف المال يجب أن يكون وفق قواعد الشرع الواضحة، وبرعاية رشيدة بصيرة مخلصة تريد الخير والأمن والأمان لهذه الأمة». وبشأن موقف الجماهير المسلمة، ذكر أن «غضب الجماهير المسلمة دفاعاً عن النبي الأعظم (ص)، وعن القرآن، وعن الإسلام، هي التي تلهب المشاعر، وتوقظ الضمائر، وتحرك الإرادات، وتخرج كل المتخاذلين والمتقاعسين من ساسة، وقادة، ونخب ، وأصحاب مواقع».