لماذا الشيخ علي سلمان؟
الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق، سياسي بحريني، وابن لهذا الوطن، ومحبٌ لجميع المواطنين، لا يَرخَص عنده أي منهم، بغض النظر عن دينه ومذهبه، أو سكناه وقريته ومدينته، ويحبه كل من له عقل ووجدان يناصران المظلومين. فهكذا إنسانية تبلورت في بناء الشيخ علي، العقلي والوجداني والأخلاقي، وهكذا إنسانية تنامت في مبادئ الشيخ علي، الوطنية والسياسية والحقوقية، تجعله عند وعده، أن يسامح من تعرّض له بالأذى عن جهالة، لذا أطلقها على الملأ، أن البحرين وخيراتَها، لكل البحرينيين دون استثناء، وأن الحكمَ، بالمساواة والعدالة، في الحقوق والواجبات.
فهل في هكذا قول معلن أمام العالم، شكٌّ في مصداقيته، لينبري من لهم مصلحة في بقاء الأزمة، سواءً من أفراد أو محسوبين على الموالاة، من الساسة والكتبة والتُبَّع، ليشكّكوا في النوايا التي لا يعلمها إلا الله، ويتقوّلوا بما يَرْوُون أنه اليقين، متجنين بذلك على الحقيقة، ومبتذلين لعقول الناس، ليزرعوا ميزان الشك والريبة في نفوسهم، من كل مختلفٍ في المذهب، فلا يقبلون التقاسم وإياهم النفع العام والتكامل، ونتيجة عملهم هذا انشطار المجتمع إلى نصفين متعارضين، لا لضرر واحدهم من الآخر، بل لشكٍّ جاهلٍ دون اليقين، وذلك ليتسنى للمستفيدين جراء استمرار الأزمة، الاستئثار بمقدرات الوطن والمال العام، كما جرى في أملاك الدولة من الأراضي غير آبهين بحال شركائهم في الوطن، ناعتينهم بالروافض والصفوية والمجوسية، في استدرارٍ لعواطف دينية مذهبية جاهلة، تغرق الوطن في وحل الطائفية البغضاء.
وهم -أي المشككون في نوايا المختلف- يتفاخرون بأنهم الغالبية تعداداً وقوة، فلا أدري كيف يهابون الآخر أن يغدرهم كما يدعون، مع أن المطالب التي رفعتها المعارضة، وهي التي تعم نتائجها جميع المواطنين دون تمييز، تبلورت في الحكم المدني الديمقراطي، لمملكة دستورية، على غرار الممالك العريقة، لدولة المؤسسات والقانون، التي فيها مجلس نواب كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، والذي تشرف على إجراءات وترتيبات انتخابه هيئة وطنية مستقلة، لا هي حكومية ولا هي حزبية لهذا الطرف أو ذاك، وفيها الحكومة المنتخبة، والفصل الحقيقي بين السلطات.
ومثل هذه المطالب تجعل كلا الطرفين الشعبيين، لا يستغني أحدهما عن الآخر، لتشكيل مجلس النواب، وتشكيل الحكومة، عبر الانتخابات، وتنفيذ برامج التنمية وتطوير الخدمات، بالعدالة والمساواة بين المواطنين، لا بين أهل مذهب وآخر، من خلال اعتماد البرنامج الحكومي المفصل، بالجداول الزمنية وباعتماداته المالية، لجميع الوزارات، وعلى كامل مساحة الوطن، وإلا فكل طرف قادر على إيقاف أي إجراء لا يساوي بين المواطنين، كل ذلك من خلال المؤسسات الديمقراطية التي تؤسَّس حسب المبدأ الدستوري «الشعب مصدر السلطات».
إن التجنّي على الحراك الشعبي، باتهامه بالطائفية، وبالإعداد والاستعداد لممارسة العنف، وكذلك جهدت من قبلُ ومن بعدُ، لاستفزاز واستحثاث الحراك للجنوح إلى العنف، فأطلقت اليد للبعض عبر الإفلات من العقاب للعبث بالأمن العام. ولم تنل جراء ذلك المراد، فعطفت لتشديد القوانين، وتوسيع نطاق تطبيقها، لتشمل بالوصف الجنائي، أبسط الممارسات السياسية والحقوقية، مثل المطالبات الجماعية وحق التظاهرات والتجمعات، وتم تكييف الوصف لممارسة حرية الرأي والتعبير، بالجناية من أجل استصدار الأحكام القضائية، ضد كل من يمارس حقاً دون موافقة، وكأن الحقوق تخضع لأوامر ونواهي السلطات.
الشيخ علي سلمان، من بعد تحييد الحراك في إطار الممارسات السلمية، بدأ في اختراق جدار الفصل الطائفي، حين خاطب أفراد الطائفة السنية، التي كانت مخدوعة بما يُروى لها، عن أطراف الحراك المعارض، فحين قاطعت المعارضة الانتخابات، ربطت مشاركتها بتحقيق المطالب، فخاطب الشيخ علي سلمان مواطني البحرين، وخصّ المواطنين من الطائفة السنية، بأن المطالب التي ضحت من أجلها المعارضة في حراكها منذ ما قبل الثمانينيات، والتي جاء الوعد بها في ميثاق العمل الوطني، إلا أنه أتضح عدم الجدية في ذلك، لذا تم العمل على الفصل الطائفي والتفريق بين مكوّني المجتمع الرئيسيين، لتشغل الجميع، عما يعمل لاستمرار حالة الاستفراد بالقرار، عبر سياسات التجنيس خارج إطار القانون، وهي التي تلغي هوية كلا الطائفتين معاً، لصالح المستفيدين من الأزمة ضد جميع المواطنين.
قالها الشيخ علي، أن مطالبنا لكم أولاً، أيها الأحبة في الوطن، ثم لنا، ومن أجل ذلك صبرنا على أذى السلطات في ديننا وفي عرضنا وفي مساجدنا وفي أنفسنا، ومنعنا نيلهم دعوى العنف لضرب الحراك.
وهكذا طال الإضرار الشيخ علي سلمان، وسيتبعه آخرون بمثل ما جرى لرئيس شورى الوفاق السيد جميل كاظم، وقبله الرموز، ظناً بأن غياب الصف الأول من القيادات السياسية، سيخيف الصفوف الأخرى، لتتراجع عن المطالب، ولكن أمرٌ مستبعدٌ، فالحراك بدأ شعبياً بالشباب، ولحق بركبه الجميع، بما في ذلك الجمعيات المعارضة. فهل سيتم سجن جميع المعارضين؟ أم أن صمود الحراك سيعيدنا إلى ما قبل الميثاق العام 2001، ليحقق للجميع إعادة بناء الدولة عبر توافق وطني، بما يحقق المطالب، على هدي ما ضحى به شعب البحرين، الذي يفخر بقادة سياسيين سلميين مثل الشيخ علي سلمان؟