قضية الشيخ علي سلمان
يدخل اليوم الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان يومه الثامن عشر منذ «اعتقاله» في (28 ديسمبر/ كانون الأول 2014)، من مبنى التحقيقات الجنائية بعد استدعائه والتحقيق معه، ومن ثم تحويله محبوساً إلى النيابة العامة للتحقيق معه. وقد بلغت مدد الحبس له 22 يوماً، كان أولها قرار النيابة العامة بحبسه أسبوعاً، ومن ثم التجديد له 15 يوماً إضافياً.
النيابة العامة وجّهت إلى الشيخ علي سلمان أربع تهم رسمية، هي «التحريض على الترويج لتغيير النظام السياسي بالقوة والتهديد وبوسائل غير مشروعة؛ والتحريض علانيةً على بغض طائفة من الناس والازدراء بها، ما من شأنه اضطراب السِّلم العام؛ وتحريض الغير علانيةً على عدم الانقياد إلى القوانين وتحسين أمور تعد جرائم؛ وإهانة وزارة الداخلية علانية».
وبحسب ما نشرته جميع الصحف المحلية يوم الأحد (11 يناير/ كانون الثاني 2015) عن ما حدث في لقاء عقده وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة مع رؤساء تحرير الصحف المحلية ومجموعة من كتاب الأعمدة يوم السبت (10 يناير 2015) فإن التهمة الرئيسية التي وجهت إلى الشيخ علي سلمان كانت التحريض على عدم المشاركة في الانتخابات النيابية!
التهم التي تحدّثت عنها وزارة الداخلية، منذ أحداث 2011، حتى تاريخ اعتقال الشيخ علي سلمان، كانت تتعلق بشكل واضح بمواقف سياسية، سواء بقرار المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها، أو المشاركة في «الحوار» أو مقاطعته، أو حتى القبول بنتائجه.
كان هناك سؤال جوهري طرحه أحد رؤساء تحرير صحيفة محلية على وزير الداخلية عن أسباب تأخر «اعتقال» أمين عام جمعية «الوفاق»، فكان الجواب: «خلال تلك الفترة لم يكن من المناسب اتخاذ إجراءات قانونية تؤثر على سير العملية الانتخابية، على اعتبار أن نجاح الانتخابات هو هدفٌ وطني نسعى إلى تحقيقه، وقد كان نجاح ذلك الهدف أكبر من أي إجراء ثانوي، ولله الحمد، لدينا اليوم مجلس نيابي بأجندة وطنية وليست حزبية أو طائفية، وهو ما يحقق الاستقرار».
ويبقى السؤال أيضاً، أين كانت السلطة والقانون عندما قاطعت المعارضة والوفاق والشيخ علي سلمان انتخابات 2002؟ ولماذا لم نشهد اعتقالات في ذلك الوقت بحجة «الدعوة لعدم المشاركة في الانتخابات»؟ ولماذا صفقت الحكومة ورحبت وأشادت بمشاركة المعارضة و«الوفاق» في انتخابات 2006 و2010، ولم تفعّل القانون (إن كان هناك قانون يخص ذلك تحديداً) عندما أعلنت المعارضة و«الوفاق» والشيخ علي سلمان «تصفير» ومقاطعة الانتخابات التكميلية في 2011؟
غير أن كل ما حدث منذ 2002 وحتى 2014 من مشاركة ومقاطعة وتحشيد للمواقف (للمشاركة في 2006 و2010 أو للمقاطعة في 2002 و2011 و2014) يأتي في إطار الحراك السياسي السلمي المتعارف عليه في أي بلد ديمقراطي، وفي هذه المساحة يفسح المجال للسياسي أن يعبر عن رأيه بصورة واضحة لأن ذلك من طبيعة عمله، ولا يمكن اعتباره عملاً جنائياً، وإلا فإن جميع السياسيين في كل البلدان قد يدخلون السجن من هذا الباب.