قاسم: البحرين تعيش اضطهاداً مذهبياً رغم إصرار الشعب على وحدته الدينية
الدراز - محرر الشئون المحلية
اعتبر إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم، أن البحرين تعيش حالة من «الاضطهاد المذهبي الرسمي»، وذلك على رغم «إصرار الشعب على وحدته الدينية وموقفه المشرف في التعايش الديني والمذهبي، وعدم استجابته لما تطمح إليه السياسة من نزاعٍ طائفي قاتل».
وفي خطبته أمس الجمعة (9 مايو/ أيار 2014) التي تحدث فيها عن مؤتمر الحضارات المقام أخيراً في البحرين، قال قاسم: «إن الاضطهاد المذهبي اضطهاد ديني واضح بحقّ، وحتى لا يُتخذ المؤتمر مورد دعاية رسمية للتستر على هذا الاضطهاد، والذي إنما حضره الضيوف المحترمون باسم محاربة الاضطهاد الديني ومن أجل حوار الحضارات، كان لابد لهم أن يقولوا كلمة في الاضطهاد المذكور الذي يعاني منه هذا الشعب بما يعين على رفعه وإنهائه، وإذا فاتهم ذلك فالمفروض التدارك وإن تفرّقوا».
وأوضح أن «الاضطهاد المذهبي في البحرين... لا يحتاج الوقوف عليه إلى جهد، جولةٌ سريعة عابرةٌ في الوزارات، الدوائر الحكومية، الشركات، المستشفيات الحكومية، التعرّف على التركيبة الوزارية، تعيين وكلاء الوزارات، المدراء، الأطباء، التعرّف على البعثات الدراسية، وجولة على المناطق السكنية، على المساجد، على السجون، كل ذلك يزوّدكم بكمٍّ هائلٍ من شواهد الاضطهاد المذهبي الذي ينتشر في كل مرافق الحياة التي تتصل بالسياسة الرسمية».
ورأى أن «الإخوة الضيوف المحترمين لمؤتمر حوار الحضارات ليدركون جيداً أن كل من شارك في المؤتمر ممثلاً دينه، فإن دينه يُحمّله مسئولية الشهادة الحقّة، والقول بما ينصر المظلوم المضطهد، ولا يعين المُضطهِد الظالم، وأن أياً منّا ينطق باسم دينه ومذهبه بما فيه إعانة على الظلم ونصرة للظالم، ليسيء إلى دينه ومذهبه مع إساءته لنفسه».
وتحت عنوان «رسالتنا واحدة»، بيّن قاسم أن «رسالة طلاب العلوم الدينية وعلماء الدين من أتباع مذهب أهل البيت (ع) في البحرين، إلى الضيوف المحترمين المدعوين إلى مؤتمر حوار الحضارات والتي انقضت أيامه، وهم لأكثر من اعتبار ضيوف الشعب قبل أن يكونوا ضيوف الحكومة، هي رسالة المجلس الإسلامي العلمائي التي خاطب بها ضيوف الوطن الذين يحضرون المؤتمر، فكرها فكرنا، وتوجهها توجهنا، وما جاء فيها يمثل وجهة نظرنا، وهذا ما عليه طرح مساجدنا - هذا ليس فكر اليوم، ليس فكر المناسبة، مناسبة انعقاد مؤتمر حوار الحضارات، هذا ما عليه طرح مساجدنا، وجماعاتنا، وجُمعاتنا».
وأكد أن «هذه المساجد والجُمعات والجماعات دأبت على هذه اللغة ولم تفارقها، فالمحبة والسلام في الأرض، وتلاقي أهل الأديان السماوية على المشتركات، وكذلك أهل المذاهب داخل هذه الأديان، والحوار والتفاهم العلمي البعيد عن الروح العدائية والجدل العقيم، وتقدير إنسانية الإنسان، وحفظ الحقوق هو ما نراه المسلك الصحيح بين الناس، وهو عين ما تمليه علينا نظرتنا الدينية وفهمنا الإسلام وتوصيات المذهب الذي ننتمي إليه، والدين لا يُفارق، والدين لا يتغيّر، والدين لا يتقلّب بتقلّب الظروف».
وأشار إلى أنه «يمكن التأكد من هذا الموقف الثابت لمساجدنا وجماعاتنا وجُمعاتنا واحتفالاتنا بالرجوع إلى التسجيلات الصوتية المحفوظة لهذه المواقع والمناسبات، وليس لموقع واحد ولا مناسبة واحدة».
وأضاف «إذا كان أتباع أهل البيت (ع) في البحرين يعلنون مظلوميتهم ومعاناتهم من الاضطهاد الرسمي السياسي والمذهبي، ذلك الاضطهاد المذهبي الذي من مفرداته هدم مساجدهم، والعبث في حسينياتهم، والحكم بغلق أكبر مؤسسة تبليغية وتعليمية علمائية دينية عندهم، وحرمانهم من التعليم الرسمي لأمور مذهبهم لأولادهم - وليس للآخرين - واستدعاء العديد من خطبائهم وعلمائهم، لمجرد تبليغهم وربط أي مشروع شعبي وعلمائي لتعليم أحكام المذهب التعبدية بالإجازة الرسمية، وإلا عدّ مثل تعليم أحكام الصلاة والصوم والحج مثلاً مخالفة قانونية، والمنع من ممارسة عالم الدين ما هو داخلٌ شرعاً في وظيفته حسب ثوابت المذهب، ذلك مثل ما سببت به وزارة الداخلية تسفير، تهجير الشيخ حسين النجاتي، الذي جاء في تعليل تهجيره أنه يقبض الخمس من المعتقدين بوجوبه وهم أتباع أهل البيت (ع) من غير إجازة رسمية، وهي إجازةٌ لا يجيزها المذهب في هذا الأمر الديني الخالص، ولا يرى لها أي اعتبار ولا يرضى بالمساعدة عليها؛ لكونها تشريعاً أرضياً في أمرٍ ديني خالص مُتقرب به إلى الله سبحانه».
وزاد في قوله: «إذا كان أتباع هذا المذهب يضجّون من هذا الاضطهاد والحكومة تنفيه فإنه يمكن لمن يريد الوقوف على الحقيقة مستبعداً دعوى الطرفين في اتخاذ الحكم الذي يقضي به العدل، أن يرجع إلى ما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة الخبير بسيوني والتقارير الصادرة من المنظمات الحقوقية المحايدة».
وتحت عنوان «السلطة... لا إصلاح، لا أمن، لا حوار»، قال قاسم: «هذه هي اللغة التي يتحدث بها استمرار الاستدعاءات والتوقيفات، والمحاكمات والأحكام الصادرة عنها، في طبيعتها المتميزة في القسوة والشدة، والبالغة في الكثرة، وهذه هي اللغة التي يتحدث بها واقع السجون وما عليه السجناء داخلها وما نطقت به أوضاع السجن في جو في الأيام القريبة السابقة وما يحدث بين فينة وأخرى في سجن الحوض الجاف».
وذكر أن «اللغة نفس اللغة تلك التي تفهم من منع المظاهرات والمسيرات السلمية، وتجدها في استعمال مسيلات الدموع والغازات السامة بغزارة، وسلاح الشوزن في وجه هذا النوع من المسيرات والمظاهرات والتجمعات».
وأفاد بأن «هناك سدٌ لأي باب من أبواب الحوار، إلا حواراً بنتيجة حتمية واحدة، هي الإقرار الرخيص من قبل المعارضة بشرعية كل الأوضاع الظالمة، التي عليها واقع الحكم وممارساته، والتسليم الطوعي الذليل بها، وكأن هذه النتيجة الخسيسة الظالمة هي مطلوب التحرك الشعبي وكل تضحياته».
وتابع «أما ما عدا ذلك من حوار فمرفوض من السلطة كل الرفض وبصورة حاسمة ونهائية لحد الآن، وهذا ما جعل الشعب خاصته وعامته لا يرى دعوى وإبداء الرغبة من السلطة في الحوار إلا من نوع الهزل والهزء أو اللعب الإعلامي والسياسي المضلل».
ولفت إلى أن «المعارضة وعلى لسان الجمعيات السياسية دعت كثيراً ومن أول الحراك وقبله، إلى الحوار الجاد المنتج، ومازالت على هذه الدعوة، وتنتظر إبداء الجدية من طرف السلطة، وأن يظهر منها إرادة ما يدل على إرادة الإصلاح، والتغيير للأوضاع التي يضر بها الفساد، ويتغلغل في أعماقهما، وفي مقدمتها الوضع السياسي الشاسع في بعده عن موازين الحق والعدل»، مؤكداً أن الجمعيات وكل قوى المعارضة «لا تألوا جهداً في التشديد على التزام السلمية والدعوة إليها، وعلى نبذ العنف وكل مظاهر الإرهاب».