قاسم: سدّ أبواب الحوار المنتج الذي يغيّر الظلم إلى العدل «جريمة»
الدراز - محرر الشئون المحلية
قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم، إن من يقوم بسد أبواب الحوار «المنتج المصلح الجدّي» الذي يغير الظلم إلى العدل، فإنه يرتكب «جريمة»، وأنه «يحرم» سد تلك الأبواب، مشدداً على أن «الحوار لغة الإسلام قبل أي شيء».
ورأى قاسم، في خطبته أمس الجمعة (11 أبريل/ نيسان 2014)، أن «من يمتلكون القوة والسلاح لا يؤمنون بالحوار»، و«أنهم لا يلجأون إلى الحوار إلا بعد أن يعجز السلاح ويفشل».
وتحت عنوان «الحوار والسلاح»، تساءل قاسم: «أيهما الأصل؟ أيهما قبل؟ عند العقل والدين لا سلاح ما وُجدت فسحة للحوار في أي خلاف. وما أسرف دفع الهوى والغرور لحمل السلاح».
وبيّن أن «الأقوياء بما عندهم من سلاح يحتاجون إلى ضوابط فعلية ونفسية ودينية أضعاف ما يحتاج من ليس عندهم قوّة السلاح، فكيف يصير الأمر إذا ضَعُفت عند القوي أسباب الانضباط، وجود السلاح بيدك سببٌ من أسباب الغرور، سببٌ من أسباب عدم التوازن، سببٌ من أسباب الانفلات، فكيف إذا أضيف إلى ذلك انخفاض أو انعدام أسباب الانضباط، كيف يكون الأمر؟».
وأضاف «لا يُؤمن هذا النوع من أقوياء السلاح بالحوار، ولا يُلجئ إليه منهم إلا بعد عجز السلاح وفشل السلاح... هاك مثلاً من تونس في تجربتين، وإنّ لجوءاً إلى السلاح في تونس أقلّ منه بكثير من اللجوء إليه بلدان أخرى».
وأوضح أن «تونس أقل من ذلك، أقل استعمالاً للسلاح وإن تمسكت كثيراً بالسلطة وكابرت شديداً محاولة التغيير. ومثلاً آخر من مصر في تجربتها الأولى، واليمن وما تتجه إليه السودان ظاهراً، ولابد أن تنتهي إليه ليبيا ومصرُ في تجربتها الثانية على تقدير فشل وبطلان فاعلية السلاح».
وعن البحرين، رأى قاسم أن «الطرف القوي حكّم بسلاحه لغة السلاح، وطال استعمال هذه اللغة ودمّرت كثيراً وفككت كثيراً، وخسرّت الكثير وتقهقرت بأوضاع الوطن إلى الوراء في كل الأبعاد بما يقيم ضرره إلى زمنٍ طويل، وبعد كل هذا من الغريب أن تنتظر السلطة ما يُقنعها ببطلان لغة السلاح وأضرارها البالغة وبؤس وفشل هذه اللغة».
وأردف قائلاً: «أما ما يكشف عن قناعة الحكومة بهذا الفشل في يومٍ من الأيام المقبلة، هو أن ترّحب بدعوة الحوار الجاد، وأن تبادر هي بهذه الدعوة، وتكشف عن صدق النية وراء هذه الدعوة لتهيئة الأجواء عملياً على أكثر من صعيد وفي أكثر من بعد لنجاح الحوار وإنتاجيته المرضية، وهذا ما عليه دعوات الحوار في مختلف البلدان التي عاشت التجارب السياسية والتجارب الأمنية».
وأكد أنه «حيث يكون عقلٌ ودينٌ يكون تريّث، ومقايسة، وعرضٌ على الشريعة، وتدبّر في المصير، وتفكيرٌ في النتائج، وقد ينهي ذلك النزاع ويعيد الأمور إلى طبيعتها، وقد يحرّك الحرب ولكن في عقلانيةٍ ورشدٍ وعدلٍ وانضباط وبحدّ الضرورة... وحيث لا عقل ولا دين ولا لَجأ إلا للغة السلاح والهوى، لا شيء في هذه اللغة غير السلاح. وفي لغة العقل والدين الحوارُ أولاً ولا مبادرة أصلاً بالسلاح إلا مع انسداد أفق الحوار وعند الاضطرار».
هذا، وتحدث قاسم عما وصفها بخطوات يسيرة في اتجاه الاقتداء بالسيدة فاطمة الزهراء (ع)، داعياً إلى «تصحيح قضية اللباس عند الفتاة والأخذ بالحشمة فيه، والتوقف عن متابعة الموضة الساقطة، وهذه مسئولية الفتاة وأمها وأبيها وأي قريبٍ مؤثر والوسط المؤمن العام. والبداية من لباس الصبيّة وقبل سنّ البلوغ».
وحث على الإقلاع الفوري عما وصفه بـ «الانحراف الخطير» فيما يسمى بـ «حفلات الخطوبة وما شابهها»، موضحاً أنه «لا أتحدث عن أصل حفل الخطوبة وإنما أتحدث عن أحوال هذا الحفل في بعض صوره، وكيف لنا أن ندّعي الإيمان وأننا من أتباع الرسول (ص) والمتعلّقين بشخصية فاطمة (ع)، والصادقين في حبها، وحفلاتنا تشهد ما تشهد من مخالفات شرعية، كأن تصرّ الفتاة على أن يدخل خطيبها جمع النساء في حفل الخطوبة، بمن فيهن من متبرجات، ومتزيّنات ومعريات لمواضع الزينة، في الجو الضاحك المثير، وأن يكون معها على المنصة يبادلها القبلات أمام الصبيّات واليافعات ومختلف الأعمار، وتبقى مصرّة على زوجها بذلك مهددةً له بالطلاق الفوري، وكأن الطلاق بيدها».
وتساءل: «أين هذا من الإسلام ومن سيرة الزهراء فاطمة (ع)، والمخاطبة هنا ليست الفتاة المخطوبة فقط، المخاطب الأب، المخاطب الأم، المخاطب الأهل، المخاطب المجتمع»، مشيراً إلى أن هذا «يجري بمباركة الأسرتين المؤمنتين، أسرة الزوج والزوجة، وعددٍ من الأقارب، أو السكوت على هذا التصرّف من الزوج أو الزوجة أو كليهما -موقف السكوت من الأب، من الأم، من الأقارب، من الحاضرين، كل أولئك مشاركون في الإثم وفي هدم الإسلام، تبدأ القضية بانحراف سلوكي لتنتهي إلى انجراف كامل عن الإسلام».
وقال: «عقدتما يا زوج ويا زوجة عقد الزواج على كتاب الله وسنة رسوله (ص) طالبين فيه البركة من الله، والذرية الصالحة، وهذه أول الخطوات بعده وكأنكما تهزآن، بكتاب الله عزّ وجل وسنة رسوله (ص)».
وشدد قاسم بقوله: «نريد لمجتمعنا المؤمن هذه الخطوات اليسيرة وتصحيح هذه الانحراف على أقل تقدير، ليستمر عنده مسار التصحيح والتراجع عن كل ما نعيشه من انحرافات».
وأضاف «مسألة خطيرة أخرى تركها للتفاقم فيه هدم للمجتمع وفساد كبير في النفس، وهي مسألة كثرة الطلاق، والإسراع فيه لسبب مقبولٍ وغير سبب، ووراء هذه المسألة ما ورائها من أسباب، والتخلّص من خطر هذه الظاهرة يحتاج إلى استحضار الدين، والضمير الحي، والوعي والحكمة، والتدبّر في المصير، وإلى درجة كافية من الأخلاق العامة في المجتمع والخاصة بالأفراد واحترام إنسانية الإنسان».