شدد على ضرورة الحفاظ على سلامة البيئة والثروات الطبيعية
قاسم: الوعي الشعبي فوَّت الفرصة أمام المتصيِّدين لإحداث الفتنة
الدراز - محرر الشئون المحلية
حيا خطيب جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز الشيخ عيسى قاسم، في خطبته أمس الجمعة (28 مارس/ آذار 2014)، الوعي الشعبي للبحرينيين، واعتبر أنه (الوعي)، «فوّت الفرصة امام المتصيدين لإحداث الفتنة».
وتحت عنوان «شكراً أيها الشعب»، قال قاسم: «شكراً أيها الشعب العزيز من سنةٍ وشيعة، شكراً لوعيكم ويقظتكم، شكراً لرعايتكم حرمة الإنسان المسلم وعدم استباحة حرمته من غير حق، شكراً لعدم انجراركم لما يريده لكم إعلام الفتنة مرئية كانت أو مسموعة أو مقروءة، وعدم تأثركم وانجراركم لمقالات هذا الإعلام وخطبه وبياناته وشعره وصوره وشتمه وسُبابه وأباطيله وأراجيفه، شكراً لاحترامكم ما يربطكم من روابط كثيرة أولها الأخوة الإسلامية ومنها الأخوّة الوطنية، إنه إعلامُ الكراهية وزرع روح الفتنة وإشعال نارها، ومدّها بوقودٍ من الحقد وتخويف الأخ من أخيه ومن روح الإثارة والتأجج، إعلامٌ لا يرتاح حتى تقتتلوا، وحتى يدخل الرعب والفزع في كل دارٍ من دوركم، وكل حجرةٍ وغرفة حتى تسيل الدماء الغزيرة منكم جميعاً وتبقى بينكم روح العداوة مئات السنين لتكون رصيداً بيد السياسة الظالمة تستفيد منها في أي وقتٍ قررت ذلك، وقنبلة جاهزة لتفجيرها متى ترى، وضمانة لاستمرارها في الاستبداد، إعلامٌ غرضه الرئيسي ألا يكون لهذا الشعب صوتٌ قويٌ موّحد لاسترداد حقوقه، وأن يكون قوتين تتصارعان لصالح هذه السياسة، وليستعين بهذه على تلك، وبتلك على هذه وقت شاء، ووقت اقتضى مزاجه ورأى في ذلك مصلحته بإحكام قبضة التسلّط المطلق على الجميع فيما أنتم تقتتلون وتنتحرون وتتعادون وتتقاطعون».
وواصل قاسم «كنتم أوعى من السياسة فلم تستجيبوا لها، فابقوا على وعيكم، وازدادوا وعياً ويقظة لأن أساليب المكر والخداع وإثارة الفتن لا تكاد تنتهي عند حدٍّ عند من يريد الفتن، والسياسات الظالمة لا تقف عن سيئ مقيت ولا تتوّرع عن باطل، وليعلم الاخوة السنة أن واعياً من الشيعة ومتدّينيهم لا يحمل أي حقد لإخوانه السنة ولا يحمّلهم ذنب السلطة الظالمة لهم، المميزة تمييزاً ضاراً بهم هو مشهودٌ ودائمٌ وقائمٌ لا يخفى على عين».
إدانة التكفير ضرورة
وتحدث قاسم عن «القمة العربية الأخيرة»، وقال: «لا يسر أن تنعقد القمة العربية في ظروف الانقسامات والانشطارات والتمزق الذي تعيشه الأمة على أكثر من صعيد، ومن ذلك ما بين الدول العربية على مستوى علاقاتها البينية المتوترة بل اللاهبة، والمخلص لأمته يتمنى ألا تكون أصلاً متشرذمة في عديد من الدول، ثم وهي تعيش هذا الخطأ، خطأ التعدد والتشرذم والكيانات الصغيرة لا أقل أن يكون بينها تنسيق وتعاونٌ مشترك، ومصيبة كبرى ألا يكون هذا ولا ذاك، ولا علاقةٌحتى من مستوى التصالح وحسن الجوار، وإنما عداوات وتمزقات وتشظيات، ثم إن أي تعاونٍ على الشر هو أسوأ من الفرقة، وأشد خطراً على الأمة، التعاون المطلوب والمفلح لأبناء الأمة إنما هو التعاون لخيرها واستقلالها وعزتها وقوتها، تعاونٌ ناهض بمستوى شعوبها، هادفٌ لنشر العدل والمساواة، ولإقامة القسمة المنصفة وتركيز الأخوّة وقيم الإخاء والاحترام والحب والأمن والكرامة في ربوعها، تعاونٌ من أجل عزة الدين الحق وسيادته وظهوره، أما التعاون المضاد فهو مرفوض من دين الأمة وضميرها، وما تنشده لنفسها ويقتضيه انتماؤها من التمسك بالكرامة وروح التحرّر والاعتزاز، وإذا كان في القمة العربية إدانة الإرهاب فلابد أنها تدين التكفير الذي يمثل المنبع الأظهر للإرهاب والمغذي الدائم لاستمراره والوقود الأشد لإشعال ناره وامتدادها في كل الاتجاهات وعلى مستوى الأمة بكاملها، ونرجو أن تكون الإدانة والتبرؤ من الإرهاب ودعوات التكفير وفتاواه السوداء صادقة، والموقف العملي من الإرهاب والتكفير محلّه ليس القول وإنما العمل».
وأوضح قاسم أن «القمة العربية حتى تصدق القول وتُصدّق في إدانتها للإرهاب، عليها فعلاً ومن خلال إعلامها وسياستها العملية أن تدين إرهاب أي دولة من دولها ضد شعبها وأن تساند أي شعبٍ من شعوب الأمة بلا تمييز عندما يتعرض لممارسة دولته للإرهاب الظالم في حقه وتنزل بأبنائه أشد العقوبات وألوان التنكيل لمجرد مطالبته بحقوقه المسلوبة منه على يدها، ومن دون ذلك لا تكون القمة العربية صادقة فيما تقول ولا مُصدّقة».
الساحة الإسلامية
مشغولة بمشاكلها الداخلية
وفي موضوع آخر، حمل عنوان «إسرائيل خلى لكِ الجو فبيضي واصفري»، تحدث قاسم عن أن «الساحة الإسلامية والعربية مشغولةٌ بمشاكلها الداخلية والبينية على مستوى دولها وعلى مستوى جماعاتها وأحزابها، وهو جوٌ شديد التناسب مع أعداء الأمة والهوى الإسرائيلي والتفرّد بأي هدفٍ مستهدف لها أولاً من بين دول الأمة وجماعاتها، وإن كانت الأمة كلّها محلاً لاستهدافها وهي اليوم تختار ضرب أهدافها وقت تشاء وفي ارتياحٍ تام حتى من الضجة الإعلامية الفارغة المعتادة في مثل هذه المناسبات، هذا الوضعُ المأساوي الذي تعيشه الأمة، ويقدم لإسرائيل الفرصة السانحة لتنفيذ ما تريد وهي تلقى التشجيع أحياناً ومن بعض الجهات فضلاً عن خذلان الأخ العربي لأخيه العربي في المعركة، وتوجه ضرباتها الموجعة لبعض البلاد الإسلامية مثل غزة وغيرها بفرحةٍ ظاهرة أو مكتومة وتُقابل ضرباتها - من جهات، قد تكون من دول عربية - من بعض أوساط الأمة، هذا الوضع هل هو من تخطيط صديقٍ لدولٍ عربية كثيرة من خارج الأمة؟ أو من تخطيط جهةٍ أو أكثر من الداخل؟ أو من تخطيط مشترك أياً كان؟ فيا إسرائيل خلى لكِ الجو فبيضي واصفري... فلتذهب غزة، ولتذهب القدس، ولتذهب فلسطين كلها والعرب لاهون بنزاعاتهم ومؤامراتهم البينية وحروبهم».
وتحت عنوان «لا إسراف في حياة المؤمنين»، قال قاسم: «غير المؤمن قد ينصح ولا ينتصح، قد يُنصح ويَنصح ولا ينتصح، أما المؤمن فيُسرع للأخذ بالنصيحة الحق من أين أتت على أنه لا نصيحة لأحدٍ من الناس لم يسبق لها الدين القويم. والمؤمن يطلب النصيحة من دينه ويسعى لتحصيلها غير منتظرٍ بأن تأتيه النصيحة من الغير، ويكثر الكلام اليوم على مستوى الدول والمهتمين بشأن البيئة والثروات الطبيعية بمسألة المياه وأهميتها، وما يهدد البشرية من كوارث وحروبٍ اذا زاد شحها بسبب سوء التصرف فيها وعدم القسمة العادلة لها والاسراف في استعمالها، والإسراف منهيٌ عنه في الإسلام الذي يهتم بكل ثروة أولية وثانوية، طبيعية أو منتجة، خاصة أو عامة، الإسلام لا يرضى لأهله بأن يُرمى بنواة تمرةٍ فيها نفعٌ لإنسان أو حيوان، ويعتبر إنفاق الفلس الواحد محلاً للمحاسبة، ويحافظ على سلامة البيئة وعلى الثروات الطبيعية أهم الحفاظ، وقضية الماء قضية موتٍ أو حياة، والاستخفاف بالنعم يزيلها، ولا استخفاف بها كالإسراف والهدر، ولا أشد منه إلا أن توضع في المعصية والفساد والإضرار بالناس».
لا يجوز الإسراف في استخدام المياه
وأضاف «للطهارة الشرعية من وضوءٍ وغسل حدودٌ حتى في مائها، وللطهارة العرفية وغسل الأيدي والوضوء والوجوه وكل الجسم مقدارٌ من الماء حسبما عليه العرف، فلا يكن تجاوز، ومن أجل وضوء أو غسل، أو لأكل مثلاً لا يفتح الماء في تشاغل عنه ولا استفادة منه وكان يكفي لهذا الغسل شيءٌ أقل من ذلك.
لا يصح هدر قطرة من الماء بسبب فتح الماء بقوة واندفاعة وتدفقٍ يساوي أضعاف ما يستفاد منه، وليس من رشد استخدام الماء أن تكون الحاجة لنصف كأسٍ لشربه فيُملأ ملئاً ليُرمى بباقيه، كل ذلك ينبغي أن يكون محل الاهتمام والعناية، والمؤمنون أولى من غيرهم بكل رشد، وكل نأيٍ عن السرف، وأولى بالاقتصاد وتقدير النعم، والمحافظة على أسباب الحياة، ولا فرق في ذلك بين مالٍ خاص أو عام، ثروة شخصية أو اجتماعية، وكل هذا لله قبل أن يكون للناس، صحيحٌ أنك تلاحظ أن المنادين بالاقتصاد في الماء والاقتصاد في الكهرباء من مسئولين كبار هم أسرف الناس في الثروة العامة والخاصة، ولكن لا يبقون هم قدوتنا وإنما كل أخذنا بدين الله ونصيحة الله تبارك وتعالى، ونحن يجب أن نكون أول من يأخذ بدينه سبحانه وتعالى».