أكد حرمة الدم والأعراض والأموال... ورفض العقاب الجماعي بحجة القبض على المشتبه بهم
الغريفي: إدانتنا لحادث الديه استجابة للتكليف الشرعي... ولا يجوز استخدامها لضرب الحراك السلمي
القفول - محرر الشئون المحلية
قال عالم الدين السيد عبدالله الغريفي في كلمة له مساء الخميس الماضي (6 مارس/ آذار 2014) «إننا أدنا بشدة حادث الديه، وجرمنا من يقف وراءه أيًا يكون، ولم تكن هذه الإدانة وهذا التجريم مجرد تسجيل موقف أو استجابة لاملاءات، إنما هو التكليف الشرعي الذي فرض علينا أن نرفض أي مساس بالأرواح، لا فرق في ذلك بين أرواح من ينتمي للشعب أو للسلطة، ولا بين أرواح مواطنين أو مقيمين».
وواصل الغريفي «إذا كان هذا العمل مدانًا ومجرمًا من قبل كل الغيارى على أمن هذا الوطن، إلا أنه في الوقت ذاته لا يجوز للسلطة أن توظف الحدث لضرب الحراك السلمي، كما لا يجوز لها أن تجنح إلى فرض عقوبات جماعية على قرى ومناطق بكاملها، بذريعة البحث عن المتورطين في هذا العمل»، وتابع «إذا كان ما حدث عملًا شائنًا وظلمًا فاحشًا، فإن توظيفه ضد حراك الشعب المشروع، وضد طائفة أو قرى ومناطق بكاملها أمر أشد شينًا، وأفحش ظلمًا، كما أن ممارسة الإعلام الرسمي وشبه الرسمي تحريضًا ممنهجًا ومملوءًا بكلماتٍ مسيئة عملٌ غير مشروع وله تداعياته المضرة والمدمرة».
وشدد الغريفي على أن «الوطن في هذا الظرف يحتاج إلى خطابٍ عاقلٍ بصير، لا إلى خطابٍ طائش أهوج، محتاج إلى خطاب يزرع المحبة والتسامح والتآلف، لا إلى خطاب ينتج الكراهية والقسوة والتباعد».
واكد الغريفي أن «خيارات العنف مرفوضة مهما كانت الدواعي والأسباب والمبررات، وسواء أكانت خيارات سلطةٍ أو خيارات شارع، خيارات أنظمة أو خيارات معارضين، فالعنف بكل أشكاله وألوانه مرفوض ومدان شرعًا وعقلًا وقانونًا»، مشيرا إلى أن «الدين الحق يشدد على حرمة الدماء، والأعراض، والأموال، فالدين الحق يقول: (لزوال الدنيا جميعًا أهون على الله من دم يسفك بغير الحق)».
ولفت الغريفي إلى أن «الدين كذلك أكد حرمة الأعراض والأموال وضرورة صونها وحفظها، وليس دينًا حقًا هذا الذي يشرعن لسفك الدماء البريئة، وزهق الأرواح، وذبح الأطفال والنساء والشيوخ، وليس دينًا حقًا هذا الذي ينشر الرعب والخوف في نفوس الناس، ويقتل الأمن والأمان، وليس دينًا حقًا هذا الذي يبرر الإرهاب والفساد والأرض، والعبث بالمقدرات والمقدسات، وليس دينًا حقًا هذا الذي يسوغ الظلم والجور، والاعتداء على الكرامات وسرقة الحقوق».
وشدد على أن «في الدين الحق حماية الأرواح والدماء والأعراض والأموال، وفي الدين الحق نشر الأمن والأمان، وفي الدين الحق لا عنف ولا إرهاب، ولا تطرف ولا ظلم ولا فساد، وفي الدين الحق صون الحقوق والكرامات»، وتابع «فالويل كل الويل لمجتمعات يغيب منها الدين الحق، ويغيب فيها المتدينون الصادقون»، وبيّن أن «أنظمة الحكم، القوى السياسية، جماعات فكر، جماهير، مكونات مجتمع، إذا غاب عندها ضمير الدين الحق كانت مرتعًا لكل نزعات الشر والفساد، وهذه النزعات التي تؤسس التطرف، والعنف، والإرهاب، والعبث بأمن البلدان والأوطان».
وأضاف الغريفي «نداءات عالية ترتفع لمحاربة العنف والتطرف والإرهاب، عقوبات مغلظة ضد من يمارس العنف والتطرف والإرهاب، هذا أمر مطلوب ومشروع ولا يرفضه إلا من تلوث ضميره وعقله، وهان أمانة الدين والوطن»، مستدركاً «إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل تكفي هذه النداءات وهذه العقوبات لاقتلاع جذور العنف والتطرف والإرهاب؟، لا أظنها وحدها قادرة على ذلك، فالأمر في حاجة إلى نشر ثقافة الدين الحق، وليس الدين الذي توظفه أنظمة حكم وجماعات تكفير وقوى مشبوهة، ثقافة الدين الحق المستقاة من نصوص القرآن الصريحة الواضحة، ومن كلمات السنة المعصومة الثابتة، ولا ينهي العنف والتطرف والإرهاب إلا صوت الدين الحق، وضمير الدين الحق».
وأفاد الغريفي أنه حينما يتحدث عن «الدين الحق وضمير الدين الحق، لا أتحدث عن مذاهب، أتحدث عن أصول ومسلمات في الدين تقرها كل المذاهب التي تنتمي للدين، وإننا ندعو إلى ثقافة الدين التي توحد ولا تفرق ولا تنشر الكراهية والعداوة والخلاف، إلى ثقافة الدين التي تؤكد على الرحمة والرأفة ولا تدفع نحو القسوة والشدة، إلى ثقافة الدين التي تجسد الاعتدال والرأفة ولا تنزع نحو التطرف والعنف»، وتابع «تبقى هذه الثقافة فاقدة الأثر إذا جنحت سياسات أي حكم إلى الظلم والفساد والإفساد والتمييز والإقصاء فكما أن اللوثة في التفكير الديني لها آثارها الخطيرة في إنتاج حالات النزوع نحو العنف والتطرف والإرهاب، فإن للَّوثة في التفكير السياسي، حاكمًا هذا التفكير أو محكومًا لها، اثارها المدمرة في صناعة العنف والتطرف والإرهاب، إذا لم تقتلع جذور العنف والتطرف والإرهاب من عقل السياسات الحاكمة ومن عقل كل صناع السياسة، ومن عقل كل قوى السياسة، موالية أو معارضة، فلا يمكن أن يقضى على العنف والإرهاب والتطرف».