قاسم: أغلقوا أبواب الفتن وخسائر الوطن بفتح باب الإصلاح... والإرهاب والعنف مدانان
الدراز - محرر الشئون المحلية
دعا خطيب جامع الإمام الصادق (ع) الشيخ عيسى قاسم، في خطبته أمس الجمعة (7 مارس/ آذار 2014)، إلى «إغلاق أبواب الفتن، وخسائر الوطن بفتح باب الإصلاح»، وأضاف «أسرعوا بفتح بابه تسرعوا بإنقاذ الوطن، انسوا مطامع الدنيا ولو لبعض الوقت رحمة لوطنكم وإن لم يكن بالغير فبالنفس، فما ربحت نفس بخير من خير الدنيا بظلم الآخر إلا خسرت من الخير الأعظم أضعافاً، إن كنت مطمئناً وآمناً من أن يصيبك سوء لظلمك في الدنيا فأنت وأنت مسلمٌ لابد أن تخاف عِظم عقاب الآخرة».
وتحت عنوان «الإصلاح وتدهور الأوضاع»، قال قاسم: «إنما يساوق غياب الإصلاح أو تأخيره هو تدهور الأوضاع كل الأوضاع وما الوضع الأمني إلا واحد منها، ولا يمكن أن يستقل وحده عنها ولا أن يتم له الاستقرار ولا الوقوف عند حد معين ما غاب وتأخر الاصلاح، ذلك ما تحتمه طبيعة الأمر علينا جميعاً رضينا أم لم نرضَ، وذلك بما لا يقبل الجدل».
ورأى أن «مرد أي تدهور في الناحية الأمنية، وأي تدهور آخر في الأوضاع، إنما هو هذا التأخر في الاصلاح، وما يحصل من مستجدات مؤلمة كتفجيرٍ أو غيره لا يعالجه شيء كالاصلاح وجديته وكفايته والتسريع به وصدقه وتطبيقه».
وذكر قاسم أنه «في أي تفجير وما ماثله مصيبتان، فإنه في نفسه مصيبة لما فيه من خسائر بشرية أو مادية من طرف أو آخر، وكذلك فيما تتعامل به الجهة الأمنية معه بصورة دائمة، مصيبة أن الجانب الرسمي وحالما يحدث تفجير أو ما يشبهه لا يتوجه بنظره واتهامه وقبل مضي وقت على الحادث وقبل أي تحقيق إلا إلى لجهة أو أخرى من جهات المعارضة والمطالبين بالاصلاح، مغفلاً تماماً أن هناك من يناوئ الإصلاح وتزعجه أي خطوة صغيرة أولية على مستوى مقدمة من مقدماته ولو من نوع دعوة جادةٍ أو غير جادةٍ للحوار، ويهب في العادة لاجهاضها ولو بدأت تتحرك فعلاً واتخذت خطوة على مستوى التطبيق لضاعف جهده وكثفه واشتدت مقاومته لهذه الخطوة، وفي كل مرة تكون دعوة من أي مستوى للحوار تهب على الساحة رياح عاتية تزلزل أمنها وتكثر من الاعلام الرسمي المرئي والمسموع والمقروء، تكثر الهجمات الشرسة اللاأخلاقية على طائفة بكاملها، وعلى شخوص يسمّون في الإعلام بأسمائهم الصريحة، تكثر الشتائم والتهديدات العلنية التي تتهدد مؤسسات أهلية بعينها وشخوص معينين ممن يدعون للإصلاح وحتى شخصيات رسمية رفيعة، قد تُتهم عند هذا الاتجاه بميلها لتهدئة الأمور، وأصحاب هذا التوجه خارجون دائماً من دائرة التحقيق أوالاتهام ولا يحوم حولهم شكٌ من الجهة الرسمية الأمنية عند أي حادثٍ مؤلم يلمّ بالساحة، فلا تُتهم به إلا جهة من الجهات المطالبة بالاصلاح بغض النظر عمّن تكون».
وتابع «في كل حادث سيئ تشتد حملة عامة قاسية تغطي الشوارع والمناطق والأزقة التي تتواجد فيها المعارضة ويتكثف أبناؤها في صورة عقاب جماعي لا يستثني أحداً ولا يرحم، عند كل حادث سيئ تتصاعد أعداد الموقوفين والمطلوبين للأمن بلا انتظار، وما يترتب على ذلك من وجبات تحقيقٍ وتعذيبٍ وتثبيت الاتهام ومحاكماتٍ معروفة وارتفاعٍ في أعداد السجناء واكتظاظٍ بالسجون، وفي كل حادثٍ تفجيري وما ماثله أو شابهه، المستفيد طرفان والخاسر هو الشعب وصفوفه من أبناء المعارضة».
وقال قاسم: «إن الموالاة تجد ربحاً هائلاً في أي حادثٍ من هذا النوع، وفرصة ضخمة للتملق والتسلق وفرض الشروط، أو الظهور بمظهر الحكمة والحنكة السياسية الفائقة فيما كانت توصي به من جانبها السلطة بالتشديد في القبضة الأمنية، ويجد ممن يشعرون بالجريمة وبغضب الدولة عليهم فرصةً من هذا الحادث لغسل ما هم عليه من جرم، وذلك بالسب والشتم لصفوف المعارضة، ولا تجد جواً أكثر ملاءمة من الجو الذي يثيره أي عمل من أعمال التخريب التي لا تنسب إلا الى المعارضة لتعميم العقاب وفرض السيطرة بالقوة على كل الشوارع والمداخل والمخارج والمناطق وتثبيت الاتهام على من تنوي اتهامه، وهو فرصة سانحة جداً لإظهار الهيبة من قبل الجانب الرسمي».
وأشار قاسم إلى أن «المعارضة تدفع عند أي حادثٍ من النوع الذي تجد فيه السلطة مبرراً للمزيد من القمع وممارسته القاسية ضرائب باهظة مكلفةً على مستويات وأبعاد عدّة، المعارضة تدفع أثماناً باهظة، كلفاً غالية عند أي حادث تخريبي، ولذلك لا يكون شيء من هذا في مصلحتها على الإطلاق، وهذا له حسابه، وهذا ما ينبغي أن يكون له حسابه في أي عملية تحقيق وتدقيق منصف تريد السلطة أن تجريها، والذي نقوله هنا هو أن كل حكومة تجري تحقيقاتها فيما يجري في ساحة بلدها، لكن ما يقضي به الحق ألا يصب النظر دائماً على طرف، ويهمل طرفٌ آخر لا تقلّ قرائن احتماله عن قرائن احتمال الطرف الآخر على الأقل، وخصوصاً مع هذا الارتباط المتكرر من أي دعوة للحوار وما يسببه أي حادثٍ مؤلم من قلب الصفحة وإثارة موجة عالية من التوتر والرعب، تحمل الكثير من الآلام والخسائر للمطالبين بالاصلاح مما يغري الطرف المعادي للإصلاح لأن يستمر في تفجير الأوضاع كلما أطلّت بادرة حوارٍ برأسها على الساحة، هذا يستفيد، هذا يستغل، هذا يتعملق، هذا يتسلق من وراء أي حادث تفجيري أو ما ماثله، وهذا يتوقع عقوبة عنيفة جداً للمطالبين بالاصلاح، فلمَ لا يغريه كل ذلك لأن يكرر حادثا تفجيريا وعملا تخريبيا آخر؟».
وأضاف «كل حكومة تجري تحقيقها فيما يجري لساحتها من حوادث ترى ضرراً فيها، وما يقضي به الحق والعدل والدين ألا تهدر حرمة الناس عند أي حادث، ولا تعمم العقوبة ولا يسرع بتثبيت الاتهام ولا يكون تثبيته عن طريق الاكراه وبالأساليب الضاغطة التي تكاد تفقد الإرادة ولا يخضع للتعذيب كل من تحوم حوله شبهة ولو ضعيفة جداً، ولا تتهم فئات واسعة وطوائف عامة بكاملها ولا تكون المناسبة منطلقاً لتنفيس كل حاقدٍ عن حقده، وتعبير كل جاهلٍ عن جهله وبرعاية رسمية ودفعٍ رسمي، ولا فرصةً سانحة تفتح أبوابها الحكومات لتسلّق كل متسلقٍ إلى مطمعه، والحق ومقتضاه هنا مغيّب بالكامل عند كل حادثٍ من حوادث هذه الساحة، وكل عينٍ من عيون المواطنين تشهد على هذا، وكل أُذن لا تشك فيه».
واستدرك قاسم «لستُ هنا بصدد تشخيص هذه الحادثة أو تلك، أو الانتهاء إلى ما هو الواقع وراءها، والتحقيق مرة يتعلق بمسألة أنا لستُ قادراً على تشخيص هذا الأمر، ولا أملك أدوات التحقيق فيه لأنسبه لهذه الجهة أو تلك الجهة، فحينما أتحدث عن أناس يُطمعهم أن يحدث حادث تفجيري أو غيره لا أجزم بأن هذا الطرف هو الفاعل، ليس لي ذلك، لا يسمح لي ديني، لا يسمح لي عقلي بذلك. والتحقيق مرة يتعلق بمسألة تخص فرداً، أو جهة، وله أن يستقل بالتحقيق فيها، أو يُشرك طرفاً آخر في تحقيقه ثم يبني على ما أدى به ذلك التحقيق من استمراره على موقفه العملي أو العدول عنه وتغييره، وأخرى يتعلق التحقيق بأمرٍ بينه وبين طرف آخر يرى فيه أنه خصمه ويريد أن يصل إلى الحكم العادل المترتب على نتيجة التحقيق العادل، والذي يسكت الخصم ولا يترك له حجة يحتج بها، والتحقيق في هذا الفرض له مقوّمه وشروطه مما يجعله مختلفاً عن التحقيق في مسألة تخص المحقق نفسه، الحوادث العامة هل تخص الجهة الرسمية فقط؟ أو تخص الجهة الرسمية التي تريد أن تقوم بالتحقيق ومتهم آخر هو الشعب؟، المقوّم في هذا الفرض هو أن يكون التحقيق إما مشتركاً بين طرفي النزاع، أو من طرفٍ ثالث شرطه الحيادية وعدم ارتباط مصلحة له بهذا الطرف أو ذاك، والخبرة والدقة والعدالة والنزاهة، فحيث يكون التحقيق على يدٍ من هذا النوع وبهذه المواصفات يكون التحقيق مقبولاً ومنصفاً وقاطعاً للحجة حتى مع احتمال الخطأ، وفيما دون ذلك فإذا كان هناك اقتناع فإنما هو اقتناع صاحب التحقيق أو من كلّفه بالتحقيق، هذا هو كلام الدين والعقل بعيداً عن كل انفعالٍ والتواءٍ ومغالطة، ومن مقتضى الحق والعدل الذي لا يجوز تجاوزه هو ألا يقل شأن القتيل من أبناء الشعب فيضيع دمه ويختفي ذكره، ولا يستحق أمره تحقيقاً صادقاً عن شأن من يُقتل من الجهة الرسمية - من ينسب إليها -، يجب ألا يقل شأن أي مواطن من المواطنين يقتل فيضيع دمه وينسى ذكره عن شأن شرطيٍ، رجل تابع للأمن، ونحن نحرص على سلامة الجميع ونحرم القتل والظلم لأي شخص وندين العنف والإرهاب، لكن يجب ألا يقل شأن المواطن عن شأن أي شرطي يقتل، عن شأن أي رجل أمن بفارق بشعٍ جداً جداً حيث تقوم الدنيا ولا تقعد عند قتل شرطي، وهذا حق الدولة وحق حرمة الدم، بينما يقتل القتيل والقتيلان والثلاثة وتذهب العشرات وتذهب المئات ثم لا ذكر ولا تحقيق يصل إلى نتيجة».
وشدد على أن «غياب هذه المساواة شكوى مؤلمة من شكاوى هذا الشعب، فكم هُدرت من دماء أبنائه وكم ضاعت واستخف بها وشُمت كذلك».