قاسم: المطالب الإصلاحية للشعب قادرة على إنقاذ البحرين من مستنقع الأزمات المتتالية
الدراز - محرر الشئون المحلية
شدد خطيب جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز الشيخ عيسى قاسم، في خطبته أمس الجمعة (21 فبراير/ شباط 2014) على أن «المطالب الإصلاحية للشعب البحريني قادرة على إنقاذ البحرين من مستنقع الأزمات المتتالية».
وتحت عنوان «مسيرةٌ حُجّة»، قال قاسم: «المسيرة في 15 فبراير 2014، كانت حجةً قطعت بحجمها الهائل المتميّز وتنّوع الشرائح والفئات والمستويات المشاركة فيها من رجالٍ ونساء وبوضوح مطلبها الاصلاحي وانضباطها وسلميتها العذر لكل شاكٍ أو لكل شكٍ يمكن أن يراود أحداً في التمثيل الشعبي مما هو فوق الكفاية، والذي يقف وراء الحراك الاصلاحي السياسي القائم ومنذ ثلاث سنوات حتى الآن، وأنه ليس حراكَ فئة خاصة من فئات المجتمع، وفي كون مطالبه اصلاحية وبالمقدار الجدي القادر على انقاذ الوطن من مستنقع الأزمات المتتالية من غير غموض، وأنه بعيدٌ كل البعد عن التخريب والافساد وقسمة المجتمع سواء على مستوى أهدافه وأساليبه وكونه قادراً على ضرب أروع مثلٍ في التزام السلمية، وأنه لا تراجع له ولا عن سلمّيته، وأن شدة المعاناة وطول المدة لم يفلّ ولن يفلّ من عزمه، وليس فيه استعداد لأن يتخلّى عن مطالبه، هذا ما برهن ويبرهن عليه واقع نخبه وجماهيره العريضة الواسعة».
وأضاف «مسيرة 15 فبراير حجة قوية دامغة بحق، تقوم من جديد للوزن الثقيل لحراك الشعب من حيثياته المختلفة بعدما تقدمتها حججٌ كثرٌ مماثلة، فلو كان الأمر أمر حجة على الحقانية والاصلاحية والجدية والشعبية الواسعة والانضباط، فقد تمّت الحجة وتكررت كثيراً وتتكرر كل يوم في هذا التواصل الجاد من الحراك الذي طال من غير تخللٍ لفتورٍ أو انقطاع».
وأوضح قاسم «إذا كان في الأرض من بين دولها وهيئاتها السياسية والإنسانية ومنظماتها الحقوقية والشخصيات المؤثرة من له حسٌ ديني كريم، أو شعورٌ إنساني نبيل، أو ضميرٌ حيٌ بالحياة يجعله يسمع صوت الشعوب المظلومة المقهورة ويتأثر لها ويحرّكه لأن يقول كلمة أو يقف موقفاً ويتخذ خطوة مقدورة له في وجه الظلم والقهر والاستعباد والغطرسة المستعلية انتصاراً للعدل والاعتدال والحرية واحترام الإنسان لأخيه الإنسان، فعليه أن يحكم على الحراك السياسي الاصلاحي في البحرين أو له ليقف ضده أو معه ويطالب الطرف المخطئ بتصحيح موقفه والرجوع إلى الحق، ولتكن كلمته وموقفه منطلقهما هو عقله، دينه، حسّه الانساني، ضميره الذي يغنى بشيء من الحياة».
وذكر أن «في المنطقة الاقليمية، وفي الأمة العربية والاسلامية، وفي العالم على مستوى الدول وغيرها من يملك في هذا المجال الكلمة المؤثرة والموقف المؤثر، والخطوة الفاعلة، ومالك الموقف لا تكفي منه الكلمة، والقادر على الخطوة العملية المصلحة لا يقوم مقامها العتب، ثم أمن بعد هذه المسيرة وكلّ ما سبق للحراك من صدقٍ وفاعليةٍ وسعةٍ وانتشارٍ وسلميةٍ وانضباطٍ وطول نفسٍ وصبرٍ وصمود تبقى السلطة في موقع الامتناع أو التردد أو الانتظار بقضية الاصلاح والاهمال لمطالب الشعب أو محاولة الاقناع بالحلول السقيمة؟، وتبقى مع ممارسة الاسلوب الأمني المتشدد والذي يزيد شدّة على الأيام ولا يريد التراجع؟ ذاك ما تراه ولكن بئس ما تراه في هذا الأمر وما أضرّه بها وبالشعب وكل الوطن».
وأشار إلى أن «الشعب قد أوصل رسالته الحجّة الدامغة للجميع وبكل جدّية وأمانة وأسلوب حضاري رفيع، وعلى الجميع أن يتحمّل مسئوليته».
وفي موضوع آخر، بعنوان «نقدٌ ولكن»، قال قاسم: «جاء في خطبة جمعة في هذا الجامع، مثل هذا التعبير: (متى احتاجت مؤسسة من المؤسسات التي يأمر بها الدين إلى اذن سلطات الأرض)، وحملت الصحافة لهذا الطرح بالتهافت العملي عند القائلين به مفاده أنه سبق منذ عشرات السنين أن لجأوا إلى مسألة الاستئذان لمؤسسة ثقافية إسلامية، فكيف جاز هناك ولا يجوز الأمر نفسه بالنسبة للمجلس الإسلامي العلمائي؟ هذا اعتراض، ونحن نقبل الاعتراض، وإذا كان عندنا تهافت فلابد أن نقر بهذا التهافت».
وأوضح أن «منطلق هذا النقد الذي يراد به الالزام هو أن الاستئذان دليلُ شرعية توقف العمل الشرعي والتبليغ الديني على إذن السياسة الدنيوية وثبوت الشرعية هناك ثبوت له هنا، مؤدى الاعتراض هو هذا... هو أنه اذا كان الاستئذان هناك صحيحاً وشرعياً فلابد أن يكون هنا أيضاً في المجلس الاسلامي العلمائي صحيحاً وشرعياً فعليكم الالتزام في الأمرين، واذا لم يكن شرعياً فكان منكم خطأ كبير حين استأذنتم بالنسبة لجمعية التوعية الاسلامية، هذا هو الاشكال، الصورة صورة منطق والواقع أنه لا دقة ولا منطق في هذا الاستنتاج ومحاولة الإلزام».
وذكر أن «ما حصل بالنسبة للمؤسسة المعنية - أي جمعية التوعية الإسلامية - هو أن ليس شرعيتها الدينية متوقفة على الإذن الرسمي، وأن طلب الإذن يعني الاعتراف بالتوقف المذكور، والكذب على دين الله بأن التعبّد به أو بشيء من واجباته أو مستحباته وكل مشروعاته متوقفٌ في شرعيته على اذن السياسة الدنيوية وأهوائها، الاستئذان ما كان يعني شيئا من ذلك أبداً، وأن شرعية جمعية التوعية الاسلامية أو أي مؤسسة إسلامية أخرى وأن الأخذ بأي واجبٍ أو مستحبٍ أو مباحٍ مما تغنى به شريعة الله عز وجل تتوقف شرعيته على إذن سلطة رسمية».
وبيّن قاسم أن «الأمر الصحيح في طلب الإذن للمؤسسة، لا لتوقف الصحة والشرعية وإنما لتوقف وجود المؤسسة لخدمة الإسلام وقدرتها على ممارسة دورها في التثقيف، وذلك للاضطرار بسبب المنع الظالم الجائر لحرية مثل هذه المؤسسات، جمعية التوعية وغيرها من المؤسسات الاسلامية مدفوعة ظلماً من قبل القانون لأن تكون على الأرض أن تطلب إذناً، كل الأمر هذا، وليس لأن شرعيتها متوقفة على الإذن والاستئذان، وذلك للاضطرار بسبب المنع الظالم الجائر لحرية مثل هذه المؤسسات، المنع المنافي للإسلام وللعبودية لرب العباد، على السلطة أن تسأل نفسها أنها في هذا الأمر مقرّة بالعبودية لله؟ مقرة لشرعه؟ أو ترى أن لها الاستقلالية في التشريع للعباد؟ وأن لها أن تشرع على خلاف ما شرّع الله؟، عليها أن تسأل نفسها».
وقال قاسم: «ما هو شرعيٌ ألا يكون هذا الظلم وهذا التحكّم في أمر الدين ولا تضطر حكومة من حكومات الأرض أحداً إلى هذا الاستئذان، ثم ان ظرف الاضطرار، كان هناك اضطرار يدفع للاستئذان من أجل الوجود وليس من أجل الشرعية، ولما لا يكون هنا أيضاً، يأتي نفس المقياس للمجلس العلمائي، ثم ان ظرف الاضطرار ليس من الصحيح الإبقاء عليه وعلى أي مجتمعٍ أن يتخلّص منه ويواجهه، وخصوصاً إذا كان مما يضر بالدين ويعطي الحاكمية لهوى الأرض على حركته ومصيره إذا كنتُ محكوماً للاضطرار هل أبقى مأسوراً لهذا الظرف، ولا أسعى للخروج منه؟».
وأضاف «الاستئذان لمؤسسة إسلامية تحت عنوانٍ ثانوي كما في حالة إنشاء مسجدٍ في موسكو أو واشنطن ومن منطلق الموازنة بين ضررين وتقديم أحدهما على الآخر بحسب النظر المؤقت لا يعطي الشرعية لتوقف خدمة الإسلام على إذن سلطات الأرض ولا المبرر الدائم لقضية الاستئذان، ويوم يحتاج العلماء فرادى أو جماعة إلى الإذن الرسمي في تبليغ كلمة الدين وتبصير المسلمين به تكون رقبة الدين قد سلّمها علماؤه إلى سياسة تفارقه في مصالحها وخططها وقوانينها، وهل من أمنٍ على سلامة الدين بعد ذلك؟ أو هو الخوف كل الخوف والخطر كل الخطر؟ الصحيح بالتأكيد هو الثاني لا الأول».
وتابع قاسم «يُطرح على صاحب النقد وهو وزارة العدل، وهي تذكر استئذاناً لمؤسسة إسلامية معيّنة، ورفضاً للاستئذان لمؤسسة أخرى إسلامية وهي المجلس الإسلامي العلمائي، وهما الموقفان اللذان لا تملك وجهاً للجمع بينهما، نطرح هذا السؤال الوجيز: أي الموقفين تخطئينه يا وزارة؟ وأيهما تصوّبينه؟ موقف الاستئذان أو موقف رفض الاستئذان؟ أنتِ مع أيهما؟ إن كنتِ تخطئين موقف الاستئذان وتصوّبين موقف الرفض فنحن نرحب بهذا الرأي وعليكِ الالتزام به وعدم التعرض لأي عمل تبليغي يأمر به الإسلام وعدم المطالبة بأخذ إذن له أو اجازة. ولتسجلّي علينا موقفاً خطأً فيما سبق وإن كنتُ قد بيّنت الوجه، أما إذا كان الرأي عند الوزارة أن ما أمر به الله سبحانه عباده يبقى نقص الشرعية، أو بلا شرعية أصلاً ومن حق القانون أن يعاقب عليه فذلك ما يحوج إلى أن يذهب صاحب هذا الرأي إلى القول بأن هناك إلهاً مع الله سبحانه أو أن ذلك الغير هو الاله الحق دون الله عز وجل، أو أن الله هو الاله الحق ولكن ليس له حق التشريع لمن خلق وملك ورزق وأن التشريع إنما هو حقٌ من حقوق بعض عباده فليس له سبحانه أن ينازع ذلك البعض في حقه - تلتزم الوزارة بهذا اللازم الباطل وهي مسلمة؟ - لا نسمح لأنفسنا بأن نتهم الوزارة بشيء من ذلك اللازم، والوزارة لا يمكن أن تقول ذلك، ولا ترضى أبداً أن تتهم به، فالوزارة أصدرت نقداً أحسن ما يقال عنه بأنه بلا دراسة».
وفي موضوع حمل عنوان «هذا هو العدلُ فاسكتوا»، قال قاسم: «هذا هو الإصلاح وهو أن تستمر كل المظالم والمفاسد على يد السلطة فاسكتوا، هذه هي الديمقراطية بأن تكمم الأفواه وتخرس الألسن، وتكون الحكومة المنتخبة منكراً، ومساواة صوت المواطن صوت أخيه المواطن ضرباً من الجنون، وأن يحكم الوضع كله دستور لم يؤخذ فيه الرأي الشعبي فاسكتوا... هذا هو العدل بأن تستمر وتتزايد أحكام الحبس المؤبد والحكم بالإعدام لأفراد الشعب بحجة الاعتراف بالجريمة الموجبة تحت الإكراه ووطأة العذاب وأن يُحكم القاتل عمداً من رجال السلطة بأشهرٍ من السجن أو يُبرّأ، وألا تتوقف المحاكمات للمطالبين بالحقوق طول سنواتٍ فاسكتوا، نعم... وألا تتوقف المحاكمات للمطالبين بالحقوق طيلة سنوات، وأن تنطلق التهديدات الراعدة والتوعدات النارية في وجه كل الداعين للإصلاح والحرية والسلمية والأخوّة الوطنية والأمن والسلام، فاسكتوا».
وتابع قاسم «لا يكفي السكوت، بل لابد لكم من الجهر بأننا بخير، وأن الاصلاح عندنا لا ينقصه شيءٌ ولا يحتاج إلى زيادة، والديمقراطية من أكمل الديمقراطيات في العالم، والعدل هنا ليس فوقه عدل، وإلا فأنتم لا وطنية عندكم، ولا تستحقون شرف الانتماء إلى هذا الوطن يا غرباء أصلاً، جمعكم سوء حظ البحرين من مختلف الآفاق... هذه هي اللغة، هذا هو الواقع المفروض على المواطنين، هذه هي القصة، هذه هي المأساة».