قاسم: غلق «العلمائي» محاولة لقطع الطريق على دعوة الحوار
قال خطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ عيسى قاسم، في خطبته أمس الجمعة (31 يناير/ كانون الثاني 2014)، إن إغلاق المجلس الإسلامي العلمائي هو «قرارٌ قديمٌ»، منوهاً إلى أن اختيار هذا التوقيت لإعلانه يأتي في «محاولة لقطع الطريق على د عوة حوارٍ قد تفضي بمقتضى نوع الظروف القائمة إلى إصلاحٍ مطلوبٍ لسلامة الوطن».
يأتي ذلك فيما شاركت حشود عصر أمس في تجمع للمعارضة في قرية أبوصيبع، وقال رئيس المجلس الإسلامي العلمائي (الذي حُلَّ بحكمٍ قضائي في 29 يناير 2014) السيدمجيد المشعل: «إن قرار حلِّ المجلس يُعَدُّ انتهاكاً للحريات الدينية وحرية التعبير عن الرأي، وخصوصاً أن المجلس يُشكل هيئة دينية لشريحة مجتمعية كبيرة».
اعتبر أن البحرين الأولى في «الربيع العربي» والأخيرة في الاستجابة لمطالب الإصلاح
قاسم: غلق «العلمائي» محاولة لقطع الطريق على دعوة الحوار
الدراز - محرر الشئون المحلية
نبَّه خطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ عيسى قاسم، في خطبته أمس الجمعة (31 يناير/ كانون الثاني 2014)، من أن إغلاق المجلس الإسلامي العلمائي هو «قرارٌ قديمٌ»، منوهاً إلى أن اختيار هذا التوقيت لإعلانه يأتي في «محاولة لقطع الطريق على دعوة حوارٍ قد تفضي بمقتضى نوع الظروف القائمة إلى إصلاحٍ مطلوبٍ لسلامة الوطن».
وذكر قاسم أن «البحرين تعدُ الأولى حراكاً سياسياً ومطالبةً عملية من قبل الشعب بردّ الحقوق التي سلبتها السلطة، فيما يعرف بالربيع العربي، في حين أنها الأخيرة والتي لا زالت تمتنع من تقديم أية استجابة في الإصلاح من بين الدول الأخرى».
وتحت عنوان: «لك أن تضحك... لك أن تبكي»، قال قاسم: «لك أن تضحك لو كان الهدف من الحكم المتخذ من السلطة في حق المجلس الإسلامي العلمائي هو مصادرة النشاط الديني وتعطيل حركة الدين على الأرض في البحرين توصلاً للقضاء عليه، فإن هذا ضربٌ من ضروب الخيال».
وذكر قاسم أن «الدين أسقط كل محاولات الجبابرة وسلطات الجور في الأرض من شرقٍ وغرب، من دون أن تقضي عليه أو توقف عملية تبليغه والدعوة إليه، وأبى علماء الأمة الأمناء على الدين الحق أن يلينوا لشيء من هذه المحاولات اليائسة العابثة وأستخفوّا بأهلها ووقفوا لها بالمرصاد، مواصلين عملهم الرسالي في أمانة وإصرارٍ وقوة واندفاع».
وتابع حديثه «لك أن تبكي للسياسة التي انطلق منها الحكم بإلغاء المجلس العلمائي لما هي عليه من واقع العبثية الصارخة في بلد الإسلام والإيمان والصلابة الإيمانية، عبثيةٌ طالت كل المقدسات ونالت بسخفها كل حرمة، طالت الأموال والدماء والأعراض والقرآن والمسجد والحسينية والموقع الرئيس لتبليغ دين الله سبحانه في هذا الوطن، ولم ترعَ حقاً ولم تعرض قيمة لأي مقدس».
ونبّه قاسم من أن «غلق المجلس العلمائي قرارٌ قديم، ومنذ أن فرض على الأرض ولادته على خلاف إرادة السلطة التي أيقنت من وعيه وإيمانه وصدقه وإخلاصه لإسلامه ووطنه أنه لا يوافق سياستها، هذا القرار قديم، وقد اُختير لإعلانه هذا التوقيت الخاص محاولة لقطع الطريق على دعوة حوارٍ قد تفضي بمقتضى نوع الظروف القائمة إلى إصلاحٍ مطلوبٍ لسلامة الوطن».
وأوضح قاسم «طال التشبث في محاولة إيجاد مخرجٍ شكلي لحل المجلس بعدم شرعيته القانونية لعدم استناده لإجازة من الجهة الرسمية، ونحن لا نناقش هذا التشبث بما يقرره الدستور المعتمد من قبل السلطة نفسها من حق الحرية الدينية وشعائر الدين، لأننا سواءٌ قرر الدستور ذلك أو لم يقرره فلا تنازل منّا أبداً عن ديننا الحق، افرض أن الدستور يمنع تبليغ الدين، هل سنمتثل؟ طبيعي لا، ولا توقّف لنا عن الأخذ به على أذنه. لا ننتظر أذنه ولا نمتنع لمنعه، ولا شأن لنا بتجويز دساتير الأرض كل الأرض ومنعها لدين الله بعد تلقّي الأمر الإلهي به، وما يدفع إلى امتثاله من منطق العقل وهدى الفطرة، ومتى احتاج دين الله إلى إذن أو إجازة من سلطات الأرض حتى تحتاج ذلك شرعية مؤسسة من مؤسساته وعملية تبليغه والدعوة إليه والتبصير بمفاهيمه ورؤاه ومقتضياته والتربية للمجتمعات على أحكامه وأخلاقه والدفع في اتجاه التمسك به؟ كما أن الدين لا يحتاج إلى إذن فكل ما فيه خدمة الدين وكل ما يوجبه الدين لا يمكن أن يتوقف عند المسلم الحق على إذن أهل الأرض».
وتساءل قاسم «متى اعتمدت الشعائر والواجبات الدينية في هذا البلد على الضوء الأخضر من السلطة؟ وانتظرت إذنها؟ أو توقفت لمنعها؟ منعت في يومٍ من الأيام كل مظاهر المذهب، وبقي المذهب واستمر على رغم كل الظروف حتى فرضت هذه الشعائر نفسها، ومتى اعتمدت الشعائر والواجبات الدينية في هذا البلد على الضوء الأخضر من السلطة وانتظرت إذنها أو توقفت لمنعها، حتى تأتي المحاولة بعد المحاولة لفرض الهيمنة على الدين وتبعيته للقرار السياسي وهوى السياسة؟».
وقال: «إنه للأمر الذي يأباه الوعي الديني لهذا الشعب وتمسكه بالعروة الوثقى لدينه، ويكفينا دين الله حجة ومرجعاً ومستنداً، ولن نحتاج للاحتجاج بقانونٍ ولا دستور، وإن كان الدستور مع الحرية الدينية وحق التعبير عن الدين وممارسة شعائره، فليس بعد دين الله من يُستفتى أو ما يستفتى فيما يجب أو يحرم، وما يجوز وما لا يجوز من كل أمور الحياة وشئون الأفراد والمجتمعات، ودين الله مع المجلس العلمائي والمؤسسات المماثلة ومع وجوبها في الحالات التي لا يتم القيام بعملية التبليغ وبيان أحكام الشريعة وإيضاح العقيدة إلا بها».
ورأى قاسم أن «قضية المجلس العلمائي قضية دينٍ وشعب، والنيل منه نيلٌ من حقهما وحرمتهما، وأن الحكم المتخذ ضده حكمٌ سياسي طائفيٌ عدائيٌ بغيضٌ ترتكبه السلطة في سياق محاولات لا تنقطع لإحداث شرخٍ طائفي خطير في بناء هذا الشعب الكريم، ولامتحان غيرة المؤمنين وإفساد أية محاولة فيها شمّة الاقتراب الأولي من قضية الإصلاح».
وأكد أن «تغييب المجلس الإسلامي العلمائي الذي لن يغيب دوره، وستبقى عودته مطلباً ملحّاً ودائماً إلى نشاطه العلني باسمه الصريح، ولن ينساه الشعب والعلماء، إنما هو جزئية من وضعٍ سياسي فاسدٍ محتاجٍ بالضرورة للإصلاح، أما التعلّل في غلق المجلس الإسلامي العلمائي والحكم الصادر بهذا الشأن بأن المجلس يشجع على العنف والإرهاب فذلك لشيءٍ واحد، منطلق ذلك أن السلطة ترى أن المطالبة السلمية بالحقوق إرهابٌ وتعاقب عليه».
وتحت عنوان: «البحرين الأولى، البحرين الأخيرة»، قال قاسم: «تستطيع أن تقول إن البحرين هي الأولى من بين ما أطلق عليه دول الربيع العربي، من حيث السبق الزمني حراكاً سياسياً، وذلك بلِحاظ أنه بعد الدستور الجديد غير المتوافق عليه، والذي لم يؤخذ فيه رأي الشعب بدأت المطالبة بدستورٍ نابع من إرادة الشعب وموافقته، ولم تعد حالة الهدوء الذي سبقته على حالها، وبدأ التحرك قبل العام 2011، وهو عام الثورات العربية والحراك العربي».
وذكر قاسم أنه «بينما يمكن عدّ البحرين هي الأولى حراكاً سياسياً ومطالبةً عملية من قبل الشعب بردّ الحقوق التي سلبتها السلطة، فهي الأخيرة والتي لا زالت تمتنع من تقديم أية استجابة في الإصلاح من بين الدول الأخرى».
وأضاف «البحرين وحدها هي التي لا زالت السلطة فيها تراهن على استعمال القوة لإسكات صوت الشعب، وتواصل الإفراط في استعمالها وتمتنع من الإصلاح، وتعتمد لغة القمع والشدة، وهل تمتاز السلطة في البحرين عن كل السلطات الأخرى، وتمتلك ما لا يمتلكه غيرها مما يسمح لها أن تشذّ في مسارها عن الجميع، وتتنكر لقضية الإصلاح والتغيير ما شاءت وزيّن لها المزيّنون؟ لا يظن أحدٌ ذلك، وكل ما لدى السلطة هنا من وسائل التنكيل والتعذيب موجود عند السلطات الأخرى التي أجبرتها الأوضاع على ما أجبرتها، وفرضت عليها ما لا تريد».
وبيّن قاسم أنه «إذا سجلت آلة القمع فشلها الواضح أمام إرادة الجماهير وأسقط الإفراط في استعمالها عدداً من الأنظمة فيما سمي بالربيع العربي فهل سيثبت في البحرين -أي استعمال القوة القامعة - وحدها نجاحه؟ ويحول دون إصلاحٍ أو تعديل؟ هذا لو كان، فإما لخصوصية في السلطة وقوتها، ولا خصوصية تمتاز في ذاتٍ ولا قوة، وإما لخصوصية نقصٍ في الشعب والشعبُ هنا من أوعى الشعوب، وأصبر الشعوب على المقاومة، ومن أسخاها بذلاً وتضحية في سبيل حقه وعزّه وحريته وكرامته، وإذا كان من تصوّرٍ لأحدٍ بأن استمرار أزمة الوطن ينفعه أو لا يضرّه اليوم ولا غداً، وأن ضررها إنما هو على غيره، وأن من مصلحته هو أن يعرقل أية محاولة لإصلاح فهو غارق في الوهم جداً، وكذلك من يتصوّر أنه يمكن له أن يُنهي الأزمة وقد بلغت هذا الحد بمعالجة سطحية مازحة وشبه إصلاحٍ كاذب، الواقع الذي لا شك فيه أن الكل متضررٌ من استمرار الأزمة، وكلٌ نصيبه منها أثر، ومن لم يرَ هذا اليوم لابد أن يراه مع استمرارها وتفاقمها، وأن السلطة مثل غيرها تعاني وتخسر، وتفقد من مصلحتها الكثير كلما طال أمد الأزمة».
وتطرق قاسم في خطبته إلى الشاب فاضل عباس مسلم، الذي قتل بطلق ناري، وقال: «ودَّعتك يا فاضل قلوبُ أبناء الشعب مفجوعةً بك، كما ودَّعت مفجوعةً قبلك الكثير من شباب هذا الوطن وشيبه ورجاله ونسائه، في مغادرتكم لهذه الحياة على طريق العزة والكرامة والمطالبة بالحق والعدل، ولتكونوا مشاعل على طريق الحرية والانعتاق والاستمساك بالدين، وداعاً يا فاضل إلى رحمة من الله الكريم وجنة ورضوان بمنّه العظيم، وداعاً يا شهداء هذه الأرض الطيبة جميعاً، والشعبُ لا ينساكم ولا ينسى أن يواصل الجهاد في سبيل دينه الذي لا عزّ ولا كرامة، أؤكد، لا ينسى أن يواصل الجهاد في سبيله دينه الذي لا عزّ ولا كرامة ولا شيء من نصرٍ بحقٍ بدونه، ولا غياب لشيءٍ من خيرٍ إذا انتصر».