قاسم: السلطة لا تُعطي استجابة واحدة لمطالب المعارضة منذ 3 أعوام
قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم: «إن السلطة لا تعطي استجابة ولا لواحدٍ من هذه المطالب، على أن المطالب كلها ليس منها ما يُتنازل عنه في الحقّ، وسقفها أخفض سقفٍ من بين السقوف لمطالب الحراك والثورات في الساحة العربية». وأشار قاسم، في خطبته يوم أمس الجمعة (20 ديسمبر/ كانون الأول 2013)، إلى أن «الحراك السياسي في البحرين يشارف على نهاية عامه الثالث، وقد أجمعت المعارضة على عدد من المطالب السياسية الواضحة، والتي أعلنت عنها المرة تلو الأخرى».
وتساءل «مطالب المعارضة هل لم تصل إلى السلطة، ولم تسمع عنها؟ هل وصلتها وقرأتها فرأتها كلّها باطلاً محضاً وليس لشيءٍ منها نصيب من الحق؟ هل تراها حقاً، ولكنها متحققة بالكامل على أرض الواقع والكلام فيها كلامٌ بلا معنى؟ هل تراها حقاً، ولكن الاستجابة تمثل إذعاناً صعباً للحق، وذلاً لا يُرتكب؟».
وأضاف في تساؤله «هل هو الإصرار على الإضرار بالشعب وبخسه حقّه، هل لأن هذا الشعب لا حقّ له كسائر الشعوب، هل تنتظر من هذا الشعب الصابر الصامد الذي ضاق ذرعاً بظلم الأوضاع وقسوتها أن يسكت عن مطالبه، أن يتراجع وعيه، أن يفقد عزيمته، أن يقعد به يأس، أن يقتنع من أحدٍ بالتراجع، أن يسمع لنصيحةٍ بقبول الذل والهوان؟».
وتحت عنوان: «احذروا الفتنة بينكم»، قال قاسم: «تُعانون أيها الشباب الكرام الغيارى من ظلمٍ كثير ممن يبلّغون عنكم ما هو زورٌ إلى السلطات...، فكان الله معكم وصبّركم وكفاكم السوء، وسدّدكم وأخلص عملكم لوجهه الكريم، وجعلكم تلتزمون شرعه، ولا تستبيحون دماً حراماً ولا مالاً حراماً ولا عرضاً حراماً، وحاشاكم».
وأضاف «أنتم مؤمنون، والمؤمنُ لا يرتكب منكراً في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ومن تقيّدكم بالأحكام الشرعية وائتماركم بأوامر الشريعة المقدسة، وانتهائكم بنواهيها أن لا ترموا أحداً بباطل، ولا تقولوا في أحدٍ ما يشينه أو يضرّه ويسقطه عند الناس ظلماً، ولا تعملوا بسوء الظن ونسبة السعي بالسوء والإضرار بالمؤمنين ممن يطالبون السلطة بالحقوق المهدورة».
وحذّر قاسم ممن وصفهم بـ «أهل السوء، وكذلك ممن تولّد الظن بسوء سعيه من أسبابٍ وقرائن معقولة»، معتبراً أن ذلك «مطلوب، ولكن وحتى لو علمتَ بأن فلاناً من السُعاة عند السلطات بالمؤمنين، فليس عندك حكمٌ شرعيٌ يبيح لك أن تفعل لك فيه ما تشتهيه من ضربٍ وجرح وإتلاف ممتلكات من ممتلكاته، ليس لديك هذا الحكم الشرعي الذي يعطيك هذه الحرية».
وتابع في حديثه عن الفتنة «حين يأخذ الشباب بالأسلوب العام الذي تتبناه المعارضة، من التزام الأسلوب السلمي العلني لا يكون للعيون المراقبة فرصة معقولة للإضرار، وإن كانوا لا يكفّون عن زورهم. أنا معك، أن من اشتهى المال وباع دينه بدنياه لن يتوقف عن السعي بالباطل، وإن كنت واضحاً كل الوضوح في سلميتك، وكنت علنيّاً تماماً في كل ما تمارسه من المطالبة بالحقوق، ولكن مع ذلك برغم ما يترتب على زورهم وكسبهم الحرام، وعملهم الإضراري الآثم من آلام لكم أنتم خاصة معشر الشباب، إلا أن ذلك مع بشاعته وثقل تحمّله أقل خطراً على صفوف المؤمنين وتوّحدهم في وجه المنكر، وعلى طريق المطالبة بالحقوق العادلة، أقل خطراً من أن تحدث بين صفوف المؤمنين فتنة - هذه الخسائر، هذه الأوجاع، هذه الآلام، هذه المصائب التي تعتري المطالبين بالحقوق بسبب السعاة الزور- أهون من أن تحدث فتنة بين صفوف المؤمنين تمزّق هذه الصفوف وتوقع بينها الحرب الداخلية».
وواصل «أقل خطراً على صفوف المؤمنين وتوحدهم في وجه المنكر وعلى طريق المطالبة بالحقوق العادلة ونجاح الحراك الشعبي ووصولها إلى أهدافها الكريمة من فتنة بين هذه الصفوف، أو بين قبيلتين، أو بين قرية ومدينة، أو قرية وأخرى بسبب ضرب شخص أو جرحه أو إتلاف شيءٍ من أمواله، حتى في حالة العلم بسوء فعله وإضراره، فضلاً عن مورد الظن الراجح أو الاحتمال المرجوح».
وقال: «أكرر نصيحتي لكم شبابنا الأعزاء، بأن لا ترموا أحداً بسوءٍ ظلماً، ولا تعتدوا على أحد، واحذروا من أن تحدث فتنة بينكم بسبب ما قد يُخطط لكم، ويستثير غضبكم، ولا تحققوا أمل من يستهدف تمزيقكم، وأن يُحدث لكم الهزيمة على أيديكم حين تحتربون بينكم. وطالبوا بحقوقكم صابرين، والزموا طريق السلمية والعقلانية والعلنية، متوكلين على الله سبحانه، مفوضين الأمر إليه، حريصين على التقيّد بأحكام شريعته».