راشد... يترك توأمه عبدالله ويرحل
الوسط - زينب التاجر
ولدا كتوأم في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول 2008، وكان وزنهما لا يتجاوز 860 جراماً، قضيا فترة طويلة في الحاضنة، ومن ثم كبرا معاً، لعبا وضحكا ودرسا معاً، حتى صبيحة أمس الخميس (19 سبتمبر/ أيلول 2013)، فقد نزل عبدالله فاضل أبوزهيرة من حافلة مدرسته، وعلى غفلة من الجميع بقي توأمه راشد (5 سنوات) نائماً ومنسيَّاً فيها، إلى أن وُجد في فترة الظهيرة ممدداً على أرضية الحافلة.
نُقل راشد إلى المستشفى، وكشفت حقيبته الصغيرة عن هويته، وهرعت عائلته مسرعة للمستشفى فور تلقيها الخبر، إلا أن أنفاس راشد كانت أسرع، وقضى نحبه، وسُجِّل في شهادة وفاته بأنه مات من الهلع والخوف والبكاء والإجهاد.
من جانبه، قال رئيس نيابة محافظة الشمالية حسين البوعلي، إن النيابة استجوبت سائق الحافلة والمشرفة المعيَّنة من قِبل المدرسة، وكذلك المدير المسئول بالمدرسة، ووجهت إليهم تهمة التسبب بخطئهم في موت الطفل نتيجة إخلالهم بما تفرضه عليهم أصول مهنتهم، وأمرت بحبسهم احتياطياً على ذمة التحقيق.
فيما أصدر وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي، قراراً بتعليق الدراسة في مدرسة الروابي الخاصة بجميع مراحلها «الروضة، الابتدائية، الإعدادية، والثانوية»، واستدعت عدداً من المسئولين فيها للتحقيق.
عيون توأمه عبدالله تبحث عنه... والأم: تخدعونني طفلي لم يمت
الطفل راشد نُسي في حافلته المدرسية حتى فارق الحياة
الوسط - زينب التاجر
دفن جسده الصغير في دار كليب، أمس الخميس (19 سبتمبر/ أيلول 2013)، وبدفنه دفنت كثير من تفاصيل تلك الساعات المؤلمة التي قضاها الطفل راشد فاضل أبوزهيرة (5 سنوات) في حافلة مدرسته بعد أن نُسي فيها منذ الثامنة صباحاً وحتى الظهيرة، ساعات لا يعلم سوى الله كيف قضاها خائفاً، عطشان وهلعهاً بداخل حافلته المدرسية المغلقة، وخلال تلك الفترة كان مقعده خالياً بين زملائه في صفه المدرسي.
أصوات بكاء عائلته التي فتحت قلبها لـ «الوسط» وروت تفاصيل الحادثة منذ البداية التي ننقلها كما جاءت على لسان العائلة عبر هذه السطور، كانت كفيلة لتبين حجم المأساة التي تعيشها، وبين مصدوم ومكذب للخبر هرع الجميع مسرعاً إلى المستشفى، إلا أن أنفاس راشد كانت أسرع مفارقاً الحياة.
صرخت الأم التي جاءت هلعة من عملها بعد تلقيها الخبر: «طفلي لم يمت أنتم تخدعونني»، بينما كان قلب الأب يعتصر ألماً على طفله وهو يتخيل ما قد ألم به في تلك الساعات، فيما قيل لأخيه إنه مريض وفي المستشفى.
راشد طفل جميل وأنيق وأخ توأم لطفل لا يقل جمالاً عنه يدعى عبدالله، ولدا صغيرين جداً لا يتجاوز وزن كل واحد منهما 860 غراماً، قضيا فترة طويلة في الحاضنة معاً ومن ثم كبرا معاً، ولعبا وسافرا وضحكا معاً وجلسا في صف واحد في المدرسة، إلا أن عبدالله نزل من تلك الحافلة وبقي أخوه راشد نائماً بين كراسيها إلى أن وجد ممدداً على أرضيتها، عبدالله لم ينسَ أخاه، فقد ذكرت العائلة أنه قال لمعلمته إن أخاه نائم، إلا أن معلمته فهمت أنه مريض ونائم في منزله، على حد قولهم.
وبين تضارب الأقوال حول مكان موافاة الطفل المنية في حافلته أم في المستشفى، ذكر في شهادة الوفاة أن سبب الوفاة الهلع والإجهاد والبكاء، والمكان في جبلة حبشي، كما روت العائلة التي رفضت تشريحه.
صور الطفل والفيديوهات المنتشرة له في «الانستغرام» تؤكد ما روته العائلة عن صفاته، بأنه طفل جميل ومرح ويهوى أخاه وأطفال عائلته ومحبوب من الجميع ومتعلق بشدة بجده الذي كان مسافراً يوم وفاته.
أما عن تفاصيل نقله للمستشفى، فقد رواها أحد الموظفين في المدرسة، والذي أشار إلى أن سائق الحافلة التي كان يستقلها الطفل راشد وسائقاً آخر تفاجآ بوجود طفل ممدد على أرضية الحافلة وضناه نائماً في بادئ الأمر ولاحظا أنه كان «متيبساً» وعلى عُجالة قاما بنقله قبل وصول سيارة الإسعاف إلى المستشفى، إلا أن محاولات إنعاشه لم تنجح.
وذكر الموظف أنه وفي كل يوم تقوم مرافقة أجنبية بتفقد الحافلة وتتأكد من نزول جميع الأطفال كما يقوم رجل أمن أجنبي بالتأكد مجدداً من ذلك، فيما أشار إلى أن المستشفى تعرف على هوية الطفل من خلال اسمه المكتوب على حقيبته المدرسية.
مات راشد وسيفتح مجلس عزائه اليوم ( الجمعة) في دار كليب ومازالت عيون توأمه عبدالله تبحث عنه.