الغريفي: الإرهاب لا دين له ولا مذهب وهو جريمة وفق كل المعايير
الوسط - محرر الشئون المحلية
قال خطيب جامع الإمام الصادق في القفول السيدعبدالله الغريفي في حديثه مساء أمس الأول (الخميس): «إن الإرهاب لا دين له ولا مذهب».
وأضاف «إنَّ إرهاباً يحصدُ أرواحاً بريئة، ولا يستثني طفلاً، ولا شيخاً، ولا امرأةً، ولا مريضاً، ويُدمِّر بيوتَ عبادةٍ، لا يستثني مسجداً، ولا كنيسةً، ولا صومعةً، ولا بِيْعة، ويَنشرُ رُعباً، لا يستثني برّاً، ولا بحراً، ولا جوّاً، ويمارس عُنفاً عابثاً، لا يستثني بلداً، ولا وطناً، ولا شعباً، هذا الإرهاب لا دين له، ولا مذهب ولا عقل، و لا ضمير، ولا أخلاق».
وتابع الغريفي «ربَّما تقنَّع الإرهابُ بقناعِ الدِّين، والدِّينُ منه بُراء، ربَّما تقنَّع الإرهابُ بقناعِ الجهادِ، والجهادُ من بُراء، ربَّما تقنَّع الإرهابُ بقناعِ الأمن، والأمنُ منه بُراء، ربَّما تقنَّع الإرهابُ بقناعِ الوطن، والوطنُ منه بُراء، هنا العبث، وهنا التزوير، حينما يُصنَّعُ الإرهاب وفق أقنعة كاذبة، ووفق قوالب مزيَّفة، ووفق عناوين خادعة».
وتساءل «هل أنَّ هذا العبثَ، وهذا التزوير ينطلق من التباس في المفاهيم، أو من قناعةٍ وإيمانٍ أو من أغراض خبيثة ومشبوهة؟».
وأوضح الغريفي أن «الإرهاب جريمةٌ وفق كلِّ المعايير، ولا يوجد أحدٌ على الإطلاق يعلن إيمانه بالإرهاب إلَّا إذا كان معتوهاً، أو مجرماً ممتهناً للإجرام، والذين يمارسونَ الإرهاب كثر على تفاوت في مستويات هذا الإرهاب، يمارسُ الإرهاب أفراد، وجماعات ومنظمات، ودول صغرى وكبرى، إلَّا أنَّ الجميع يعلنون الحربَ ضدَّ الإرهاب، والجميع يستنكرون الإرهاب، لماذا هذا التناقض؟».
وبين الغريفي أن «الذين يرفعون شعار (لا حكم إلَّا لله) في وجه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السَّلام كانوا لا يملكون بصيرة، إنَّ مضمون هذا الشعار صحيح مئة في المئة، إلَّا أنَّ التطبيق خاطئ، لذلك واجههم عليّ عليه السَّلام بقولته المشهورة «كلمة حقٍّ يُراد بها باطل»، فمن أعرف بحكم الله من عليّ بن أبي طالب الذي قال فيه رسول الله صلَّى الله عليه وآله «أعلمكم عليّ»، «أقضاكم عليّ»، «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابُها» وهل يجسِّدُ الحقَّ كلَّ الحقِّ إلَّا عليّ الذي قال عنه رسول الله صلَّى الله عليه وآله: «عليٌّ مع الحقِّ والحقُّ مع عليّ»، «عليٌّ مع القرآن والقرآن مع عليٍّ»، إلَّا أنَّ موتَ البصيرة عند أولئك القوم دفعهم إلى أنْ يتَّهموا عليّاً بأنَّه انحرف عن الحقِّ وخالف حكم الله، وقد بلغ بهم العَمَه والضَّلال أنْ أعلنوا الحربّ ضدَّ عليٍّ وهو في محراب الصَّلاة، هكذا يصنعُ موتُ البصيرةِ وعمى القلب».
وقال الغريفي: «إنَّ ما نشاهده في عصرنا هذا من أبشع أشكال القتل والذبح، وشقِّ الصدور، وأكل أكباد البشر، تمارس هذه الأعمال الشائنة مقرونة بارتفاع كلمات (الله أكبر) وحتَّى الأطفال الصِّغار يُذبحون وتُزهق أرواحهم البريئة، إنَّ هذا يعبِّر عن انمساخ البصيرة وموت الضمير، هذا لونٌ من ألوان الإرهاب في هذا العصر أنتجه العَمَه والتيه والضَّلال، ولونٌ آخر من الإرهاب تُنتجه أغراض السِّياسة الظالمة، وهذا ما تمارسه في هذا العصر قوى كبرى في العالم من خلال تدمير أوطانٍ وشعوب بذرائع كاذبة وموهومةٍ هذه القوى تزعم أنَّها تحارب الإرهاب وهي الراعي الأكبر للإرهاب، وهذا أيضاً ما تمارسه أنظمة حكمٍ في الكثير من بقاع الدُّنيا من خلال الفتك والبطش بالشعوب».
وبيّن أنه «إذا كانت جماعات التكفير والعنف والإرهاب تمارس دورها متستِّرةً مختبئةً، فإنَّ القوى الكبرى وأنظمة السِّياسة والحكم تمارس هذا الدور بشكلٍ مكشوف وسافر ما دامت تدعمها قوانين وقرارات جائرة».
وأشار إلى أن «عناوين (الحرب ضدَّ الإرهاب) (مكافحة الإرهاب) (التصدِّي للإرهاب) عناوين مشروعة ومحقَّة، ويجب أنْ تتجذَّر في وعي كلِّ النَّاس، لأنَّ الإرهاب جريمة عظمى في حقِّ الإنسان والحياة والدِّين والقيم والمبادئ، ولكنَّ المأزق حينما تختلط المصطلحات وترتبك المعايير، وتنحرف المصاديق، وحينما تتحوَّل العناوين شعاراتٍ للتضليل، للاستهلاك، لأغراض السِّياسة الظالمة، هناك الصَّادقون المخلصون الذين يعادون الإرهاب ويحاربون الإرهاب بكلِّ وعيٍّ وبصيرة ونظافة».
وأضاف «ما أحوج المرحلة الراهنة المأزومة بمنتجات الإرهاب وبجنون العنف والتطرُّف، وبسياسات العبث بكرامة البشر، ما أحوج هذا الزمن البئيس إلى (ثقافة) نقيَّةٍ ونظيفةٍ، وواعيةٍ، وبصيرةٍ، وصادقةٍ، وأمينةٍ، ثقافة الرفض للإرهاب بكلِّ أشكاله ومواقعه وامتداداته، هذا الإرهاب الذي يمثِّل اعتداءً صارخاً على أرواح البشر وأعراضهم وأموالهم ومقدَّساتهم وكراماتهم».
من جانب آخر، رأى الغريفي، أن العمل السياسي إذا انفصل عن الله سبحانه وتعالى، فإنه يتحوّل إلى عبث، وأن الجهود والدم يذهب هباءً عند الانفصال عن الله.
وأوضح الغريفي، في خطبة ألقاها بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، ظهر أمس الجمعة (30 أغسطس/ آب 2013)، أن «العمل السياسي يتحول إلى عبث عندما ننفصل عن الله... جهدنا ودمنا كله يذهب هباءً عندما ننفصل عن الله... لماذا نطالب؟ لماذا نصمد؟ لماذا نعطي؟ لأننا مرتبطون بالله عز وجل».
وتحدث الغريفي في خطبته عن المحطات الروحية لدى الإنسان، معتبراً أن صلاة الليل، تعد من أضخم المحطات الروحية، التي يلتقي من خلالها المؤمن بالله عز وجل، ويختلي به، مشيراً إلى أن «يوم الجمعة المبارك، يشكل محطة من محطات التعبئة الروحية، ونحن في زمن نحتاج أن نتعبأ باستمرار».
وبيّن أنه في الإسلام هناك أنواع من المحطات الروحية، «هناك محطات تعبئة مكانية، وهناك محطات للتعبئة الروحية زمانية، وهناك فعلية. فالمحطات المكانية المكان نفسه يشكل محطة للتعبئة الروحية، لاشك أن تتواجد في بيت الله فهو موقع مهم جداً بأن تتعبأ روحياً».
وأكد أن «المؤمن يستطيع في أي مكان أن يتعبأ روحياً، ولكن أن تكون في المسجد فهذا موقع مهم جداً».
وأشار إلى أن «لدينا محطات زمانية، مثل شهر رمضان، ليلة القدر تشكل محطة زمانية للتعبئة الروحية، المناسبات الدينية تشكل محطة زمانية للتعبئة الروحية... وكذلك يوم الجمعة يشكل محطة زمانية للتعبئة الروحية، هناك ثواب عظيم للتلاوة والدعاء والذكر في يوم الجمعة».
وقال إن: «أي لون من ألوان العبادة يتضاعف ثوابه في يوم الجمعة، لأن هذا اليوم له خصوصية في الشحن الروحي. وهناك أفعال تشكل محطة روحية، الصلاة محطة روحية، فأنت يومياً تتعبأ روحياً من خلال الصلوات الخمس، والنوافل كذلك محطات».
وأضاف أن «صلاة الليل تعتبر أضخم محطة روحية، هي لقاء مع الله في جوف الليل، ولها مكانتها وموقعيتها. ماذا أعد الله لعباد الليل؟ الله يقول انه أعد مفاجأة لعباد الليل نحن لا نعلم بها».
ودعا الغريفي إلى أن يعيش المسلم القرآن «وعياً والتزاماً وفهماً وتطبيقاً... اقرأوا القرآن بتأمل... ماذا يتحدث القرآن؟، القرآن يتحدث عن ألوان من العطاء في الجنة. الله يتحدث عن عطاء كبير في يوم القيامة». وقال: «أعدوا أنفسكم لسفر الآخرة أيها المؤمنون، ونحن بحاجة للتعبؤ الروحي ليس فقط للآخرة بل للدنيا».