برودة الطقس لم تثنهم عن تقديم واجبهم
آلاف المواطنين يتزاحمون في تشييع جثمان الجمري
محافظة العاصمة - عادل الشيخ وعلي طريف
تزاحم الآلاف من المواطنين ظهر أمس في مسيراتٍ سادها الحزن والألم لوفاة سماحة العلامة المجاهد الشيخ عبدالأمير الجمري.
فلم يثنِ هذه الجموع الجو البارد عن القيام بواجبهم تجاه من ضحى بنفسه وصحته وكل ما يملك من أجلهم، فما أن تلقى المواطنون الخبر المفجع حتى اتشحوا بالسواد معلنين الحداد، فها هي المآتم طوت جدرانها الوشاحات السوداء، وها هو صوت التلاوات القرآنية يعلو كل منطقةٍ وقرية، فالعزاء العزاء لكل البحرين وليس لأهل الفقيد وحدهم، فما قدمه الرجل العظيم عجزت الأنفس والألسن عن وصفه وشكره وتقديم ما يستحقه من الجزاء.
الأعلام السود رفرفت، والجماهير الغفيرة المشيعة للجثمان الطاهر توافدت من الظهر وحتى المساء، إذ اكتظ شارع البديع بأولئك المعزين الذين قاوموا برودة الطقس مصرين على لقاء الفقيد لتوديعه وإلقاء النظرة الأخيرة على جثمانه الطاهر.
انطلقت الجماهير الغفيرة عند الساعة 3.30 من ظهر أمس (الاثنين) من كل المناطق لتلتقي عند دوار قرية القدم، إذ خرجت المسيرات التي ارتفعت فيها أصوات المشيعين من الرجال والنساء والأطفال، ومن كل الفئات العمرية، من منطقة سترة ورأس الرمان لتلتقي في مسجد مؤمن في العاصمة (المنامة)، ومن ثم اتجهت تلك المسيرة الحاشدة إلى منطقة النعيم، ومن ثم إلى السنابس مروراً بالشارع الفاصل بين منطقتي الديه وجدحفص، وجبلة حبشي، وصولاً إلى منطقة القدم،إذ أدى المشيعون هناك فريضتي المغرب والعشاء بإمامة أحد العلماء في الشارع العام، بعدها عاودت المسيرة الحاشدة مواصلة طريقها لمسقط رأس المغفور له سماحة العلامة الشيخ عبدالأمير الجمري في (بني جمرة)، إذ مرت بالشارع الرئيسي لمناطق البديع من قرية المقشع، وكرانة، وأبوصيبع، والشاخورة وجنوسان، وباربار، والدراز، ومقابة، وصولاً إلى مقبرة بني جمرة. كما لم يقتصر الحضور على قاطني تلك المناطق، إذ امتد ليشمل جميع مناطق المملكة المختلفة.
وردد المشيعون شعارات «لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله»، «لن ننساك يا أبا جميل... لن ننساك»، «لا إله إلا الله، الجمري حبيب الله»، «بالروح بالدم نفديك يا جمري».
«الوسط» ترصد تعازي بعض المشيعين
«الوسط» بدورها أخذت بعض تعازي المواطنين، الذين قدموا التعازي إلى ذوي الفقيد الغالي، وإلى المجلس العلمائي، والشعب كافة، وإلى العلماء الأفاضل وإلى الأمة الإسلامية جمعاء.
فالمواطن المعزي غازي عابد قال راثياً الفقيد الغالي:
خلوصك أيها الغريب يجعلنا أبابيلا
ملكت قلوبنا فرمت بأمر يديك سجيلا
سمكت سماء وحدتنا وأوقدت لنا القناديلا...
أما المواطن عبدالله السبع فقال: «إن فقدان الشيخ عبدالأمير الجمري هو مصاب جميع البحرينيين بجميع توجهاتهم»، مضيفاً أننا فقدنا أباً حنوناً علينا حتى آخر لحظات حياته... كان يدافع عن البحرين».
وأوضح المعزي أن المرحوم لم يقصّر تجاه مطالب المواطنين، وفقدانه يعتبر خسارة كبيرة للشعب بكامله ومن الصعب أن يعوض مثل هذا الأب.
معزٍ آخر وهو المواطن علي ميرزا أفاد بأن المغفور له كان شيخاً مجاهداً وهو الأب الروحي الأول في المملكة، مشيراً إلى أن فقدان المغفور له سيكون له أثره البالغ على العملية السياسية في البحرين.
المواطن والمعزي ناصر زين رأى أن الفقيد الغالي هو الأب الروحي لكل الشعب، وذلك لما قدمه من تضحيات كثيرة وكبيرة وجليلة في سبيل استرداد حقوق هذا الشعب، موضحاً أنه جاء في مسيرة التشييع ليقدم واجبه في العزاء في المصيبة الجليلة إلى عائلة الشيخ الراحل وإلى الشعب كافة وإلى صاحب الزمان الإمام المهدي (ع)، مفيداً بأن الفقيد هو فقيد العلم والوطن.
إلى ذلك قال المعزي عيسى علي: «إن وداع الشيخ الذي كافح وناضل من أجل حقوق المواطن والوطن هو وداع صعب، وإن فقدان الجمري هو فقدان أي حبيبٍ لحبيبه، باعتبار أن المغفور له جاهد من أجل الجميع ومن أجل الوطن، وهو يمثل أطياف الشعب ككل ولا يمثل شريحة واحدة من دون أخرى.
المواطن أحمد علي عبر عن حزنه الشديد وقدم العزاء إلى جميع الأمة الإسلامية وخصوصًا عائلة الشيخ المجاهد، لافتاً إلى أن الفقيد كان بالنسبة إليه أكثر من أب وشيخ، كافح وجاهد من أجل حقوق المواطنين، موضحًا أن الفقيد عانى منذ التسعينات إذ تلقى التعذيب في السجون على أيدي الجلادين، مطالباً بمحاسبتهم، مؤكداً أن حقبة أمن الدولة التي عاشت فيها البحرين فترة مظلمة ساهمت بشكلٍ كبير في تدهور صحة الشيخ المجاهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبدالأمير الجمري?