في أكبر مسيرة شهدتها البحرين...
الحناجر الملتهبة تصرخ بحرقة: «وداعاً أبا جميل»
شارع البديع- حيدر محمد
لم يقف البرد القارص حائلاً أمام عشرات الآلاف من الشباب والنساء والأطفال الذين تجمعوا في الساعة السادسة من مساء أمس للمشاركة في تشييع الشيخ عبدالأمير الجمري إلى مثواه الأخير في أكبر تشييع شهدته البحرين.
الدموع والحناجر والقلوب المفجوعة والأثواب السوداء وصور الشيخ الجمري طغت على الجنازة التاريخية التي خرجت من بعد صلاتي المغرب والعشاء عند دوار القدم، وانهالت عليها حشود بشرية كبيرة من قرى شارع البديع ومن مختلف مناطق البحرين، وشارك في تنظيم الجنازة مئات الشباب فضلاً عن مشاركة هيئات حكومية وعلى رأسها المحافظة الشمالية والمرور وشرطة المجتمع ووزارة الصحة.
وتقدم المسيرة عدد كبير من العلماء من بينهم رئيس المجلس العلمائي الشيخ عيسى قاسم وعدد من النواب الحاليين والسابقين وأعضاء مجلس الشورى والمجالس البلدية ورؤساء الجمعيات السياسية والأهلية. ووضعت عمامة الشيخ فوق الجنازة المرفوعة على أكف المشيعين الذين ساروا أكثر من 3 ساعات مشيًا على الأقدام، مرددين شعارات «بالروح بالدم نفديك يا جمري» و» لن ننساك يا أبا جميل»، مستذكرين جوانب شخصيته المتنوعة... خطيبًا للمنبر الحسيني، وقائدًا سياسيًّا متزعمًا الحركة الدستورية في التسعينات.
وتخللت المسيرة الشعبية عشرات اللافتات المعزية من الجمعيات والمؤسسات والهيئات الأهلية والمناطقية، ولوحظ مشاركة آلاف النسوة أيضًا في المسار المعاكس من شارع البديع، وهن يرفعن صور الفقيد الراحل، ويبكين واحدا من رواد العمل الوطني، كما شاركت في المسيرة وفود علمائية وأهلية من الدول الخليجية المجاورة.
المشيعون وصلوا إلى قرية بني جمرة في التاسعة مساء، إذ صلَّت الجموع الغفيرة على الجثمان في ساحة المقبرة وسط مشاعر عاطفية جياشة، وحاول المنظمون عبثًا منع آلاف الشباب من دخول المنطقة التي ووري فيها جثمان الشيخ الثرى عند الساعة العاشرة بحضور عدد من المسئولين والسفراء ورؤساء الجمعيات وأقارب الفقيد.
وقال عضو الهيئة المركزية في المجلس العلمائي والنائب البرلماني السيدحيدر الستري الذي كان من ضمن متقدمي المسيرة: «اليوم حلت فاجعة كبيرة على هذا الشعب لأنه فقد قائد النضال السياسي الشعبي، الذي ذاق صنوف العذاب من أجل الطريق الذي اختطه، وهذا اليوم يعمق الثقة بين هذا القائد ومحبيه في حتمية إحقاق الحقوق والمطالب الشعبية العادلة(...) هذا القائد بطل رحل جسدًا لكنه باق في ذاكرة هذا الشعب وفي وجدانه الحي، و قد صنع أبطالاً يسيرون على دربه».
وقال السفير الإيراني محمد فرازمند في تصريح لـ»الوسط»:»نقلنا تعازي مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي الخامنائي إلى عائلة الفقيد الشيخ عبدالأمير الجمري والى عموم الشعب البحريني».
من جانبه قال الأمين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي حسن مدن: «خسرت البحرين اليوم شخصية وطنية ودينية كبيرة تمثل مرحلة مهمة من مراحل التاريخ السياسي والنضالي، فقد كان الشيخ الجمري في مقدمة الصفوف المطالبة بالحقوق الدستورية والسياسية واستعادة الحياة البرلمانية، وقدم تضحيات كبيرة في السنوات التي قضاها في السجن والمعاناة، ونتذكر اليوم الجمري بصفته أحد صناع الحياة السياسية، إذ كان عضوًا في المجلس التأسيسي الذي وضع أول دستور للبلاد ومن ثم المجلس الوطني، ومن ثم ذاك المناضل من أجل أن تكون السلطة التشريعية في يد الشعب من خلال المجلس المنتخب كامل الصلاحيات».
الدموع وحدها هي المعبرة هنا عن هول المشهد لتودع زعيمًا ضحى من أجل شعبه واختاره الله إلى جواره بعد سنوات من النضال الوطني?