نفى أن يكون ذلك مفتعلاً أو بتدبير فئة خاصة
قاسم: الحراك الشعبي البحريني انطلق بفعل الاختلال السياسي
الوسط - محرر الشئون المحلية
شدد خطيب جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز الشيخ عيسى قاسم في خطبته، أمس الجمعة (7 يونيو / حزيران 2013)، على أن الحراك الشعبي في البحرين انطلق بفعل الاختلال السياسي، مفنداً ما تطلقه بعض الأطراف من أن هذا الحراك مفتعل أو بتدبير فئة خاصة.
ورأى قاسم أن «الذي وحّد مئات الألوف من شعب قليل العدد ولأكثر من مرة في حشد هائل، هو ذلك الظلم المشترك الذي أصاب الجميع من السياسة القائمة»، منبهاً إلى أن «استمرار الظلم واستشراءه وتوسعه بتغطية مساحات جديدة، وفئات جديدة من شأنه أن يزيد في حجم المعارضة ويضيف إلى أعدادها، وعندما لا يترك الظلم أحداً إلا يناله، لا يترك أحداً إلا ويقف ضده».
وتحت عنوان «لماذا انطلق ولماذا يبقى؟»، قال قاسم: «الحراك الشعبي في البحرين ليس مفتعلاً، ولا من تدبير فئة خاصة، ولا لمناسبة عابرة، ولا من منطلق ترفي، وليس حالة انفعالية، ولا مجرد تقليد وتأثر نفسي بالربيع العربي، إنما انطلق هذا الحراك من خلفية موضوعية من الظلم والاختلال السياسي، وتردي الأوضاع بصورة واسعة من فعل هذا الاختلال والتهميش والتمييز والاستهداف والاستضعاف، والشعور بالخطر الجدي وبشاعة القهر والحرمان، ومن المعاناة المرة، وبدافع الألم الحاد والخوف من تدهور أعظم».
وأضاف «شاهد ذلك أن الانطلاقة لم تكن عن خلفية من القوة تغري بالتحرك - يوم انطلق الشعب ما كان ولا زال لا يجد القوة التي تغره بالتحرك وتدفعه للتحرك إلا العزائم وروح التضحية - وتسبب الغرور وتعد بتحقيق النصر، ولم تنتظر - أي الانطلاقة - هزات الربيع العربي وتحركاته وثوراته، وأنه جاء على إثر تصاعد في الهجمة الإعلامية والإقصائية ومخطط الاستضعاف الذي صار مكشوفاً للجميع، وذلك من الجانب الرسمي، وفي وسط حالة من الإحباط الشعبي من أي إصلاح سياسي وُعد به الشعب، ومن أية استجابة لمبادرات شعبية كثيرة قد أطلقت في وقتها».
وأوضح قاسم «بعد دعوات الحوار الهادئ ومحاولات من طرف الشعب للتوصل إلى تفاهمات مع السلطة سداً للطريق على تفاقم الاختلاف وتفجر الغضب الشعبي عند الشارع، انطلق الحراك لخلفية هدر الحقوق بصورة واسعة وعملية مبرمجة، وفي مقدمتها الحق السياسي، وكانت انطلاقته إيذاناً بسيل من الضربات الموجعة والانتهاكات المتعددة الواسعة والتعامل القاسي والعقوبات الجماعية على يد الحكومة لأبناء الشعب».
وأشار إلى أن «كل ذلك زاد في قوة الحراك وأمده بالعزيمة ولم يوقفه، ولم يخفف منه، وذلك لشيء واحد في الأكثر وهو التقدير العام عند الشعب بأن مصيبته في التوقف والتراجع عن المطالب أشد وأصعب وأشقى وأقسى من كل ما يتلقاه من ضربات يصبر عليها وينتظر من الله الفرج».
وذكر قاسم «تجدون أن الثورة الشعبية السلمية ليست ثورة مظلومين في معيشتهم فحسب، ولا رجالٍ دون نساء، ولا شباب دون شيب، وإنما الأمر أمر حراك عام، شاركت فيه مختلف الشرائح والفئات من منطلق المعاناة المشتركة التي ولّدت قناعة مشتركة بالتحرك، وقد بدأ الحراك قوياً وهادراً، وزاد توسعاً وتفجراً مع تصاعد وتيرة الأحداث، وتدفقت للمشاركة فيه أفواج جديدة متواصلة، ويدلك التنوع والتعدد في الشرائح والفئات والتوجهات المشاركة في الحراك وفعالياته بنسبة عالية على سعة الظلم وامتداده وتنوعه وتغطيته لمختلف الفئات والشرائح ولمساحات مختلفة من حياة الوطن والمواطنين، فمن الشرائح والفئات الطلاب والعمال والتجار والاختصاصيون والعلماء والرجال والنساء والشيوخ والشباب والإسلاميون والوطنيون ومن المساحات الحياتية المساحة السياسية والثقافية والعلمية والاجتماعية والمعيشية والتجارية، وما يتصل بحرية الإنسان وكرامته، ومختلف حقوق المواطنة».
ونبه قاسم إلى أن «ما حرك كل تلك الجموع والشرائح والمستويات على طريق المطالبة بالإصلاح ليس هو ظلم شريحة معينة أو مساحة واحدة من مساحات الحياة، وبعد واحد مما يهم الناس، ونريد أن نقول هنا بأنه ليس هدف من ناحية دينية ولا عقلية ولا عقلائية أو وطنية أن يكون التحشد أو التحشيد للمسيرات والاعتصامات وأن يكثر نشاط الاحتجاجات بألوانه المختلفة حتى مع سلميتها فضلاً عن أن يقصد أحد إلى توترات وصدامات ليس هذا هو الهدف من أي ناحية من النواحي المذكورة».
وبين أن «الأصل في حياة الشعوب أن تنصرف إلى ألوان النشاط المنتج وملء وظائف الحياة النافعة من نشاط اقتصادي وثقافي واجتماعي وتربوي وعبادي، ومن تقدم في مختلف المسارات الإيجابية الكريمة التي تبني الإنسان وترفع من مستوى حياته وأوضاعه الصالحة وتتقدم بالوطن وتدفع به على الخط الصالح إلى الأمام».
وتابع أن «الشعب ليس محتاراً في الوقت، ولا قاصراً عن ملئه بما يعبئه بالمادة الصالحة والنشاط المنتج الفعال الذي يحتاجه في دينه ودنياه، ويسابق به الشعوب المستقيمة المستقدمة ويعلي به من شأن الأمة والوطن، ليس قاصراً عن ذلك، ولا عاجزاً في ظل سياسة رشيدة حتى يتشبث بالمظاهرات والمسيرات وألوان الاحتجاج ليملأ فراغاً من الزمن أو فراغاً تعاني منه نفسه ويضيق به، شعبنا ليس كذلك، وإنما للشعب مطالبه العادلة الضرورية المحقة، التي لا رجعة له عنها، ولا يمكن إهمال لشيء منها، ولا يجد لحياته أمناً ولا استقراراً ولا معنى ولا طعماً بدونها، وهي التي تفرض عليه أن يستمر في حراكه مضحياً صابراً مكابداً مخلصاً وفياً حتى تحقيق النصر وبلوغ الإصلاح والتغيير».
ورأى قاسم أن «الذي وحّد مئات الألوف من شعب قليل العدد ولأكثر من مرة في حشد هائل، هو ذلك الظلم المشترك الذي أصاب الجميع من السياسة القائمة، على أن المألومين من هذه السياسة والناقمين عليها لظلمها لا يقتصرون على هذه الأعداد الغفيرة الحاشدة فحسب، فهناك الكثير من الموجوعين من سياطها وإنما لا يشاركون في المطالبة الصارخة بالإصلاح لأسبابهم الخاصة بهم والتي يرون حسب تشخصيهم أنها كافية لاتخاذهم موقف التحفظ ولكن هذا لا يدوم فإن كثيراً ممن لم يلتحق بالحراك في أوائله وجد بعد ذلك أن عليه أن يجهر بصوته المعارض كما جهر الآخرون».
وشدد قاسم على أن «استمرار الظلم واستشرائه وتوسعه بتغطية مساحات جديدة، وفئات جديدة من شأنه أن يزيد في حجم المعارضة ويضيف إلى أعدادها، وعندما لا يترك الظلم أحداً إلا يناله، لا يترك أحداً إلا ويقف ضده، ويوحد الجهود لدفعه والتخلص منه، فكلما عمّ الظلم وطغت موجته عمت الهبة في وجهه لدفعه ورفعه».
وتحدث قاسم عن تصريح لوزير شئون حقوق الإنسان تحدث فيه عن أن البحرين تنتظر الوضع المناسب لتحديد الموعد لزيارة المقرر الخاص بالتعذيب، وتساءل قاسم: «هل ينتظر الموعد المناسب في نظر المقرر؟ أو ينتظر الموعد المناسب بنظر حكومة البحرين؟ الواضح الثاني وأن المنتظر هو الموعد المناسب بنظر حكومة البحرين، الواضح الثاني وليس هذا من معنى إلا أن ترتفع الحاجة في نظر الحكومة إلى التعذيب ويتسع الوقت لمحو آثاره، وهذا لو تقرر عند الحكومة، فمتى يتقرر؟ وهل تأتي مناسبة لهذا مادامت تتواجد مطالب الشعب في الساحات، ومادام هناك حراك، مادام يرتفع صوت للمطالبة بالحقوق، وهل يدل هذا بكل وضوح إلا على انتهاج منهج سياسة التعذيب، واستمرارها على الأرض؟، أما لو أدعي بأن الموعد هو انتهاء قضية الحوار فلا ربط أصلاً بين القضيتين استمراراً، كما لم يكن بينهما ربط في الابتداء».