قاسم: شعب البحرين لا يقبل الانقسام... ولن يتخلى عن السلمية
الوسط - محرر الشئون المحلية
شدد الشيخ عيسى قاسم في خطبته بجامع الإمام الصادق في الدراز أمس الجمعة (24 مايو/ ايار 2013)، على أن «شعب البحرين لا يقبل الانقسام»، وأشار إلى أن «الشعب في شارعه العريض الشيعي والسني ومعه المخلصون من العلماء والنخب والجمعيات السياسية الإسلامية والوطنية يقفون بوعي وقوة في وجه مخطط تقسيم الشعب، الذي يريد أن يحرق كل شيء بدافع ألاعيب السياسة وأغراضها السيئة واجهاض أي مطلب من مطالب الإصلاح والتغيير».
من جهة أخرى، دعا قاسم إلى «عدم التخلي عن المطالبة بالحق والعدل، والاصرار على تحقيق المطالب، واسترجاع الحقوق»، داعياً في ذلك الى «التعقل والاسلوب السلمي».
وتحت عنوان «شعب لا يقبل الانقسام»، تحدث قاسم في خطبته، قائلاً: «جرت محاولات كثيرة لقسمة هذا الشعب، ومن أجل إحداث العداوة وتعميقها واحترابه واقتتاله، وقد أخذت هذه المحاولات شتى الوسائل، وسلكت طرقاً متعددة من أجل هذا الغرض الدنيء الخارج على مصلحة الوطن بعد الدين والقيم والأمانة، والشعب في شارعه العريض الشيعي والسني ومعه المخلصون من العلماء والنخب والجمعيات السياسية الإسلامية والوطنية يقفون بوعي وقوة في وجه هذا المخطط الذي يريد أن يحرق كل شيء بدافع ألاعيب السياسة وأغراضها السيئة واجهاض أي مطلب من مطالب الإصلاح والتغيير».
وأضاف «وراء الموقف الشعبي والنخب الكريمة والمؤسسات السياسية الشريفة وعيٌ كامل لخطورة هذه المؤامرات ومعاداتها للجميع، ونتائجها المدمرة، كما أن وراءه أخوّة إسلامية عميقة، ووطنية مركزة، وشعوراً بقيمة الانسان وتقديراً من الإنسان المسلم الذي لم تشتره السياسة لحرمة أخيه المسلم ومعرفته بحق وحدة الأمة الاسلامية، لم يستطع مكر السياسة ولا إعلامها المضلل ولا كل وسائلها أن تستثير الشارع الشيعي أو تجر الشارع السني لما تستهدفه من حالة الاحتراب والاقتتال والتصادم».
وقال قاسم: «هناك أصواتٌ نشاز، وأدوات رخيصة من هنا أو هناك، داخلة في المؤامرة، وداعية بقوة للفتنة واشعال الحرب وإيقادها، وهي تتقاضى أثماناً باهظة من الموازنة العامة للشعب، على حساب أمنه وأخوّته ووحدته وحاضره ومستقبله وسلامة أجياله، ولكن وعي الشعب بعد فضل الله قد أسقط فاعليتها وكتب عليها الفشل لحدّ الآن، والمؤمل من هذا الشعب الكريم أن يكون له من وعيه ودينه وأخوّته الوطنية وشعوره الإنساني بقيمة الإنسان وإدراكه لمصلحته المشتركة بعد درء الله سبحانه للسوء ضمانة تفشل هذا الكيد السيئ والمكر الخبيث والمحاولات القاتلة، ولا تسمح بأن تأخذ شيئاً من مدىً أو فاعلية في صفوفه اليوم أو غداً».
وأشار إلى أنه «قد كان له من أيام الهيئة الوطنية ومن واقع أيام المجلس التأسيسي الأول والمجلس الوطني الذي أعقبه ومن واقع أحداث هذه المرحلة السياسية ما يعزز هذا الأمل ويعطي ثقة عالية بذكاء الشعب ووعيه وفطنته، وإننا لنسأل ربنا الرحيم الكريم أن يعطي شعبنا بكل مكوناته نباهة وفطنة والتفاتاً لمصلحته وتقديراً للدين والانسانية فيقف صفاً واحداً يحول بين من يريد به الفرقة والشتات والاحتراب والاقتتال من الداخل أو الخارج، وألا يستجيب للارتدادات السيئة لما يحدث مما يحمل ريح الفتنة في المحيط وكل الخارج».
وتحت عنوان «اذا غابت الحجة حضرت القوة»، قال قاسم: «إن ذلك يصعب كل الصعوبة على الحكومات من أهل الدنيا، فالنتيجة تكون هي اللجوء إلى استعمال البطش والأخذ بالتنكيل واختلاق الأحداث وافتعال المناسبات التي تعطي تبريراً ظاهراً واعلامياً لهذه السياسة، وعند شعور المؤسسة السياسية العابدة للسلطة أو قسم منها بالفشل في المعركة السياسية واليأس من تحقيق أي نصر فيها بحق أو باطل يكون الاتجاه إلى الافراط في استخدام القوة والتهوّر في اسلوب العنف بدل الاعتراف بالهزيمة أو الرجوع إلى الحق تمسكاً بما قد يريها وهمها إياه من أنها إنما خلقت لتحكم وتتسلط وتتحكم في مصائر الآخرين، وأنه لا تصح مشاركة أحد لها في هذا الحق، وهذا الشعور الواهم الشاذ يزيد في محنة الشعوب لأنه يفتح الباب على مصراعيه لاستباحة الدم والشهية في المبالغة في التنكيل».
وتابع قاسم حديثه «بهذا تجد الشعوب نفسها مضطرة تحت ضغط الظروف التي يخلقها لها هذا التوجه النفسي المغالي المفرط عند السلطات للمواجهة ولو كلفها ذلك الكثير وأعطت أبهظ الأثمان من أجل خروجها من تحت الضغط وآثاره المرهقة وتحيا الحياة اللائقة بإنسانية الانسان، والشعوب التي تكتوي بنار ظلم السلطة، اكتواء يهدد وجودها ويحركها على طريق الاصلاح والتغيير لا شيء من قمع السلطة وعنفها يكسر ارادتها أو يفل من عزمها ويسبب لها التراجع، وهي لا تحتاج مع هذه الدرجة من الشعور بالخطورة وتلقي المهانة إلى من يدفع بها إلى هذا الطريق ابتداء أو الصبر على مشقته والبذل الذي يتطلبه استمرار هذا البذل ويعتبر كل نصيحة بالتوقف وانتظار المزيد من العذاب والقسوة والاذلال خذلاناً وخيانة ومهانة. هذا لو جاء من أي ناصح يتراءى له أنه ينصح».
ورأى قاسم أن «تحميل السلطات شخصاً أو مؤسسة بعينها مسئولية استمرار الرفض والصبر على الأذى والألم في سبيل الاصلاح والتغيير، ما هو إلا نوع من التبرير الواهي وتشبث بالطحالب».
وتابع قاسم «عن الحادثة الخاصة بهذا الاسبوع، فإنكم لتعرفون أن ليس لكل واحد منا قضية خاصة مع السلطة، وإنما نحن شعب واحد وقضيتنا واحدة هي قضية الاصلاح الذي يرى الجميع ضرورته وكذلك ضرورة التعجيل به وأنه لا مناص منه ولا غنى للوطن عنه، هذه هي قضيتنا جميعاً، وتعرفون أن بيوتنا جميعاً لها حرمتها المشتركة في دين الله، الذي لا يجيز لأحد التعدي عليها وانتهاكها، واننا متساوون في هذه الحرمة ولا يختص بها بيت دون آخر، وان تجاوزها في حق بيت واحد تجاوز لها في حق كل البيوت، وانحفاظها إنما يتم بمراعاتها في البيوت كلها، وبهذا فإن بيوتنا كلها مهدورة الحرمة من أول مرة انتهكت حرمة أول بيت منها، وهكذا دمنا هو مسفوح بأول دم سفح من الدم الحرام في هذا الوطن، وكل ما يعز على النفوس».
ودعا قاسم إلى «عدم التخلي عن المطالبة بالحق والعدل، والاصرار على تحقيق المطالب، واسترجاع الحقوق، داعيا في ذلك الى «التعقل والاسلوب السلمي».
وتحت عنوان «يوم للإسلام عظيم»، ذكر قاسم «يولد رجال في الأرض فيكونون بسوء اختيارهم مبعث ظلمة ومنطلق ضلال ومصدر شقاء، فيشقون ويشقى بهم المحيط، وتشقى بهم الحياة، وقد يمتد الشقاء بهم على امتداد طويل واسعٍ لأجيالٍ وأمم، لتغرق كلها في مأساة، وتتيه بها السبيل، ويولد رجال في الأرض ليكونوا فيها نوراً من السماء، ينير للسائرين على المدى الذي لا ينقطع، ولكل الأجيال والأمم سبُل الحياة، ويشقُ لها طريق السعادة، فحق للبشرية بمولد هؤلاء الرجال وأن تتخذ أيام مولدهم أعياداً، تكون لها محطات تزوّد كريم، واستلهامٍ من موائد فكرية وروحية ونفسية وانسانية وجهادية وتضحوية، وإشراقية عالية نفيسة. وتتخذ منها مناسباتٍ تقنعها بقيمة الانسان وقدرته على التسامي إلى المستوى الإعجازي البعيد، وتعزز ثقتها من خلال هذه النماذج الفريدة ثقتها بنفسها وتعالج فيها الآثار السلبية الضخمة التي تُحدث لها الصدمة العنيفة السيئة القاسية للنماذج المنحطة السوداء الكالحة من بني الإنسان».
وأشار إلى أن «علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام نموذج من أروع نماذج القمة في مسار الرقي الإنساني والرسالي الذين شهدهم تاريخ الأرض والرسالات، إنه كذلك في كلماته ومواقفه وعلاقاته، في فكرته وعقيدته وعبادته وحكمته وسياسته، وفي كل أحواله وسيرته وجهاده».