قاسم: حلّ أزمة البحرين يتطلب صيغة إصلاحية جادة تنال موافقة الشعب
الدراز - محرر الشئون المحلية
رأى إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ عيسى قاسم، أن حل الأزمة في البحرين يتطلب صيغة إصلاحية جادة من السلطة، بشرط أن تنال موافقة الشعب من خلال استفتاء شعبي عليها.
واعتبر قاسم، في خطبته يوم أمس الجمعة (15 مارس/ آذار 2013) أن: «كل الحل يملكه طرف واحد وهو السلطة، ويتوقف على نية صالحة تنتج إرادة سياسية إصلاحية جادة تفضي إلى صيغة إصلاحية تتوافق مع إرادة الشعب، وتنال موافقته في استفتاء شعبي حرّ نزيه له ما يضمن حريته ونزاهته».
وقال: «أوقفوا النزيف...، كفى هذا الوطن جراحاً ونزيفاً ومحنة طالت، وخسائر تتمدد وتتوسع كل يوم، كفاه فتنة سوداء مغرقة وناراً لاهبة مهلكة، كفاه أوجاعاً وآلاماً عمّت وتعمقت، وأحقاداً تنذر بأشد الأخطار».
وأكد أن «الإصرار على الاستئثار ومحاولة القهر لن يزيد للصوت العادل والحر والأوضاع إلا سوءاً، والجو إلا التهاباً، والبيت إلا انهداماً، والسفينة إلا غرقاً».
وأضاف «كلما جاء يوم على بقاء الاستئثار ومجابهة نداءات الحق ودعوات العدل كلما شطت السفينة عن شاطئ الأمان واقتربت من غمرة الهلاك وساعة الغرق».
ونوه بأنه «لا منقذ في حوار شكلي، ولا مراوغات سياسية حاذقة، ولا التفاف ولا حلول صورية ولا وعود معسولة ولا تهديدات مكشوفة أو مبطنة، ولا بممارسة للعنف على الأرض ولا سقوط شهداء ولا زيادة مرتفعة في عدد السجناء».
وتابع «لا حلَّ في أنْ حرَّك الناس التهميش فتزيد السياسة في تهميشها للناس، وأن اشتكى الشعب من الإقصاء فتضاعف السياسة من إقصائها له، في أن أغاظ الشعب التمييز فتمعن السياسة وتتوسَّع وتتعمَق في التمييز، أنْ يضج الناس من الضغط الديني والفساد الخلقي فتضاعف السياسة من هذا الضغط وتكبر الانطلاقة لهذا الفساد، أنْ يطالب الخائفون بالأمن فتزيد خوفهم خوفاً - أيْ السُّلطة - والمهانون بكرامتهم فيزدادون إهانة والفقراء بالخروج من ذلِّ الفقر فتغرقهما لسياسة في الفقر».
ورأى أيضاً أن «كل ردود الفعل هو مضاعفات لمشاكل حركت الشعب، أوجعته، كان حراك الشعب للخروج من المشاكل الخانقة، لتصحيح الأوضاع السيئة، للتخلص من مظالم طاغية، من ذلّ ضاقت به الصدور، من تهميش وتحكم سلب المواطن قيمته وحول الإنسان إلى سائمة أو مربوطة».
واستطرد «وكان الجواب على حراك الشعب السجن والقتل والتشريد والطرد من الوظائف والجامعات والمدارس والإمعان في الإهانة الدينية والإنسانية والتعدي على المقدسات ومصادرة الحريات الكريمة وتعميم الخوف وأجواء الرعب وألوان متعددة من العذاب والعقوبة».
وقال: «كان هذا هو الحل في نظر السلطة، ولا يدرى بالضبط هل وصلتها لحد الآن رسالة من صمود هذا الشعب وتضحياته وصبره ورباطة جأشه وإيمانه بحقانية مطالبه وعدالة قضيته، تقنعها بخطأ ما اختارته من حل، وعدم قدرته على الحسم بالطريقة الظالمة التي ارتضتها أم لا؟!».
وتساءل: «كم ستتعب السلطة، وكم سيتعب الشعب، وكم سيخسر الوطن، ما لم تصل السياسة الرسمية إلى هذه القناعة وإلى ضرورة الحل الإصلاحي الذي يرضى به الشعب، وليس أي حل يسمى بالإصلاح؟».
وشدد على أن «الحل لا يحتاج إلى تفكير عميق، ولا إلى فلسفة صعبة، ولا إلى حوارات، ولا استيراد خبرات، ولا تجارب يتتلمذ عليها لتعلم الحل، كل ذلك ليس محل حاجة يحتاجها الإصلاح».
وأشار إلى أنه «إذا كان الحوار طريقاً من طرق التخريج السياسي للحل الإصلاحي الحقيقي فهو أمر متعقل، لو كانت وظيفته كذلك، مع توفر الشروط الكافية لأدائه لهذه الوظيفة، وهذا على خلاف ما يشير إليه مخطط الحوار وتركيبته ومساره».
وقال قاسم: «لا أتمنى لهذا الوطن أن يبقى يوماً واحداً في محنته وفرقته وعذابه وتمزقه وتباعد المسافة بين أبنائه، ولا يجيز لمسلم إسلامه ولا لصاحب حسّ إنساني حسه ولا لذي غيرة وطنية غيرته أن يقف موقفاً، أن يخطو خطوة، أن يقول كلمة مما فيه تعطيل للحل وإبقاء للمأساة وخسارة للوطن وشقاء لأهل هذه الأرض».
وأضاف «ونقول بكل جدّ ومن خلال نظرة دينية وإنسانية ووطنية: أوقفوا نزيف الدم، ونزيف المال، ونزيف الدين، ونزيف العلاقات، ونزيف الكرامة، ونزيف كل القيم الرفيعة، وخذوا بالإصلاح الجدي الذي يلبي ضرورات المرحلة وينال مرضاة الشعب، فإن هذا الإصلاح هو الحل ولا حل غيره».
وأوضح أن «هناك ثلاثة مسارات يسودها السوء والظلم والانتهاك، وكلها تصب في أذى الشعب وإيلامه واستفزازه، وتقود الوطن إلى كارثة عظمى، وهي المسار السياسي والأمني والحقوقي، والحشد الهائل الرسمي العملي والتشريعي والإعلامي الظالم الذي يغذي الظلم في هذه المسارات كلها ويركزه ويفعله».
وأفاد بأن «الحاجة إلى الإصلاحات في المسارات الثلاثة ملحة ولا تقبل التأجيل، وأي تأجيل وتسويف وتحايل على الإصلاح الحقيقي فيه تضحية كبيرة بالوطن ومكوناته، وفيه تعجيل وتسريع لنتائج أشد إيلاماً وكارثية لهذا الوطن العزيز وأهله. الشيء الذي يجب أن يحذر منه الجميع، وتوضع دونه السدود والحواجز التي لا تقبل الاختراق».
واعتبر أن «الإصلاح للمسارات الثلاثة مسئولية تتحملها السلطة، ويعتمد على أن تغير نظرتها للشعب، وأن تعترف له كله بإنسانيته وكرامته وحريته ومواطنته، وتأخذ بما نص عليه الميثاق من كونه مصدراً للسلطات».