قاسم: البحرين تغرق في مُشْكِلٍ حاد... والحل بيد السلطة ولا بديل عن الاستفتاء الشعبي
الوسط - محرر الشئون المحلية
أكد الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس الجمعة (8 مارس/ آذار 2013) بجامع الإمام الصادق بالدراز، أن «حل الأزمة التي تمر بها البحرين بيد السلطة»، ولفت إلى أن «للسلطة إذا أقدمت على الإصلاح الحقيقي أن تتوقَّع من الشعب أنْ يتجاوب معه وأن يستغني عن مسيراته واعتصاماته».
وبيّن قاسم «واضحٌ جداً أنه لا إصلاح وسجينٌ واحدٌ من سجناء الحراك الشعبي باقٍ في السجن، وواضحٌ جداً أن ضمان التوقف لحراك المسيرات والاعتصامات الشعبيَّة يحتاج إلى استفتاءٍ شعبي على نتائج الحوار الإصلاحية لو كانت، وفوزها بموافقة الأغلبية من أبناء الشعب».
وتحت عنوان «أَمُشْكِلٌ ولا حلّ؟»، تحدث قاسم قائلاً: «البحرين تغرق في مُشْكِلٍ حاد صار لا ينكره مُنكرٌ بفعل ما له من قوةٍ ضاغطةٍ على جميع الأطراف، وسلاح الشعب المعارض في مواجهة هذا الضغط الثقيل صبرهُ، وإيمانه بعدالته وقضيته، وشعوره العميق بضرورة تحقيق مطالبه ومواصلة الطريق حتى تحقيق هذه المطالب، ومع اعتراف الجميع بحدَّة المُشْكِل والخوف من تداعياته بدرجة أوسع وأخطر، يطرح الجميع كذلك حرصه على الحل وجديَّته في طلب التوصل إليه. طيِّبٌ هناك مُشْكِلٌ مُعْتَرَفٌ به والجميع ينشد له الحل، ولا حل بدون معرفة المُشْكِل وتشخيص ما يقف وراءه من أسباب لا يتمُّ حلُّه من غير معالجتها».
وتساءل قاسم «ما هو المُشْكِل وما هي أسبابه؟»، وأجاب «يتمثَّل المُشْكِل في خلاف أخذ صورة الصراع الحاد المتفاقم بين الجانب الرسمي من جهة، وبين الجمعيَّات السياسية المعارضة وشارع واسع معارض من جهة أخرى، تسبَّب في نزيف من الدماء، وهدر للأموال، وتعدّ على حرمات مساجد وحُسينيَّات وصلوات، وخلخلةٍ اجتماعيَّةٍ مخيفة، وإثارةٍ للفتن، ومصادرةٍ للحريات، وسحب جنسيَّات ثابتة لمواطنين، وألوف السُّجناء، ونشر رعب، وإساءاتٍ متنوعة لا يقبلها دينٌ ولا عرفٌ، وكثيرٍ من الكوارث والويلات، وتواصل اعتصامات ومسيرات واحتجاجات تنال نصيباً كبيراً من التعاطي الأمني الذي يمتدُّ بعقوبته إلى المناطق السكنيَّة في ساعات هدوئها ونومها وإلى بيوت الآمنين وغرفهم الخاصة التي تتعرَّض للهجوم المباغت ويدخلها الموت من خلال الغازات الخانقة في أيِّ ساعات من ساعات الليل والنهار».
وأضاف «هذا هو المُشْكِل، فما هي أسبابه؟ السُّلطة تعرف له أسباباً أم لا؟ ألا تعرف السُّلطة أن الدستور مُخْتَلفٌ عليه من أول يومٍ وعلى طريقة وضعه قبل أن يُولد؟ ألا تعرف مخالفتها لما نصَّ عليه الميثاق وحتى الدستور المُخْتَلَفُ عليه من كون الشعب مصدر السلطات؟ ألا تعرف أن البلد بلا مجلس نيابي حقيقي وأن مجلس الشورى دورهُ دورُ المصادرة لحق الشعب؟، ألا تعرف أن كون صوت لمواطن واحد يساوي في قيمته الانتخابية أصوات عشرين آخرين من مواطنين، من أفضح صور الجور والتمييز؟ ألا تعرف بكم من الأيدي تتجمع ثروة الوطن وعلى كم شخص تتوزَّع أرضه، وأن الجماهير العريضة تعيش على هامش الحرمان؟ ألا تعرف التمييز الذي يحِلُّ محلَّ الكفاءة في مرافق الدولة ومؤسساتها من أهمها إلى أدناها؟».
وأشار قاسم إلى أن «السلطة تعرف كل ذلك، وتعرف أن المُشْكِل أساساً في كل ذلك، وأنَّه لا يمكن لبلد -أيِّ بلد- أن يخرج من صراعاته وخلافاته وتمزُّقاته ومآسيه وهذه الأسباب قائمة. ولكنَّ السلطة مع ذلك تطرح شعار الحل وتطرح أنها جادَّة في طلبه ومخلصة في ذلك وأنَّها في بحث دائم عنه وكأنَّها لا تهتديه، أو أن الشعب يقف حَجَر عثرة في طريقه، بينما كل أمر الحل بيدها ولا يملك الشعب منه شيئاً. الحق واليقين أنَّها تهتديه والشواهد على الأرض تقول أنَّها لا تريده وأنَّها في بحث دائم عمَّا يصرف عنه ويسكت المطالبة به أو يعطِّله ويبعِّد موعده أو ينزل بسقفه وينأى به عن حقيقته وما به قوامه».
ونبّه إلى أن ذلك يتضمن تطويل لعمر الأزمة وترسيخ لها، وتصعيب للحل، ومضاعفة للخسائر، وتعطيل لحركة النمو، وتعميق للجراح، وزيادة في فرص الفتنة، وتوسُّع للدمار، وتبعيد لإمكان التوافق، وإضرار بالغ بالوطن، واستثقال للحق، وضيق بالعدل.
وأكد قاسم أن «العزوف عن الحل، وإفشال أيِّ مقدِّمة من مقدِّماته كالحوار التي تصرّ السلطة وتصرُّ معها أطراف خارجيَّة على أنَّه مقدِّمة يحتاجها الحل، لا يستقيم مع دين ولا عقل ولا حكمة ولا مصلحة وطن، الشعب لم يخلق المُشْكِلة، ولم يُوْجِد أسبابها، ولم يدخل في حراكه عابثاً، ولم يطالب بما هو خارج حقوقه، ولم يجاري في كثيرٍ منه الثورات العربية في أعلى سقوفها ولا في أساليب العنف الذي أخذت به في بعض تطبيقاتها، ولا يسعه أن يتراجع عن مطالب لا غنى له عنها ولا يتوقع لنفسه أمناً ولا حياةً كريمة بدونها، وقد صار معلوماً أن كثرة جراحاته وخسائره وآلامه وتضحياته لن تزيده إلا عزماً على المُضِيِّ في الطريق وقطع كل المسافة التي تفصل ما بينه وبين تحقيق المطالب، قَصُرَت أو طالت، سهلت أو صعبت، ومهما عظمت الكلفة وثقل الثمن. وليس هذا من عناد الباطل وإنَّما من الأخذ بمقتضى الحق، والاستجابة للواجب، والتشبُّث بالعدل، والانسجام مع الدين، والإنقاذ للوطن».
ورداً على تساؤل «وماذا على الشعب أن يعطي على طريق الحل؟»، قال قاسم: «للإجابة على هذا السؤال لا بُدَّ أن نسأل: ماذا يملك الشعب من الحل؟ ماذا يملك الشعب من شيءٍ يدخل في الحل؟ وماذا أخذ الشعب من شيءٍ حتى يعطيه؟ وماذا سلب من شيء حتى يرجعه؟ ماذا سيطر عليه الشعب من ثروة؟ ماذا سنَّ من قوانين جائرة؟». وشدد على أن «الحل كل الحل بيد السلطة، وعلى السلطة أن تطالب نفسها بالسلميَّة ولها أن تطالب الشعب بأن تكون اعتصاماته ومسيراته واحتجاجاته سلمية، والشعب ملتزم بذلك، ويجب أن يلتزم بذلك، وكل قادته ورموزه لا يرضون له إلا ذلك».