قاسم: الاستفتاء الشعبي لنتائج الحوار ضرورة لا غنى عنها لتهدئة الأوضاع... القطان: العنف والتخريب والإرهاب أمور بعيدة عن الإصلاح وتعوق التنمية
الوسط - محرر الشئون المحلية
قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم، إن الدعوات للحوار صاحبتها أجواء مشحونة، ونية التصعيد الأمني، مبيناً أنه «لغريب وليس بغريب أن تكون دعوة للحوار وحث على الالتحاق به، وعمل مواز لهذه الدعوة على الأرض يدفع بقوة للتخلي عنه وتوتير الأجواء المحيطة به وكهربة الساحة كهربة أمنية من النوع الثقيل بحيث تقطع الطريق».
وأوضح قاسم، في خطبته أمس الجمعة (22 فبراير/ شباط 2013) أن «كل ذلك يصدر من جهات سلطوية أو تابعة للسلطة، والسلطة هي التي دعت للحوار وحثت عليه، ولكن لدعوة الحوار حكمتها وخلفيتها المدروسة للسلطة، وكذلك للعمل الناقض لهذه الدعوة حكمته عندها، فلا استغراب ولا عجب. الدعوة والحث للإعلام والإحراج والعمل الناقض للتخلي عن الاستحقاقات».
وأضاف «ظاهر جداً أن المستبطن للسلطة أنه لا حوار ولا إصلاح، ويدل على ذلك واضحاً هذه الأجواء المشحونة بإرادة التوتر وروح التوتر، ونية التصعيد الأمني، والاستمرار في التنكيل بالشعب من خلال مواصلة الإعلان عن الخلايا الإرهابية والانقلابية التي وصل الأمر إلى الانطلاقة لتكوين جيش شعبي عرمرم على يد مجموعة شعبية منهم من لم تتعد شهادته الشهادة الثانوية ظاهراً، والذين تحولوا بقدرة قادر إلى عقلية عسكرية ضخمة وبسرعة فائقة إعجازية في مستوى عقلية القادة العسكريين الكبار للدول الكبرى، وبلغت موازنتهم المالية الملايين التي يحتاجها تكوين الجيش القادر».
وتحت تساؤل «هل لهذا الشارع رأي؟ الموجود على الأرض معارضة سياسية وحقوقية من شارع أو نخبة»، اعتبر قاسم أن «القائم فعلاً معارضة نخبة وشارع عريض واسع برهن على سعته وكونه أغلبية سياسية لأكثر من مرة، وأكد ذلك في أكثر من مسيرة آخرها مسيرة الخامس عشر من فبراير لهذا العام، وهي مسيرة قوامها المواطن لا غير، بلا مستأجرين ولا خليط».
وأضاف «لاشك أن لكل دوراً لا غنى عنه في الآخر، معارضة النخبة فيها دفع وتنشيط ودورها ظاهر في التخطيط والتوجيه والترشيد والضبط والتفاوض، أما الشارع فلا حياة للحراك بدونه وهو الوقود الأشد وهو المبعث للصوت العالي لأي حراك في أي ساحة من ساحات الدنيا يمكن أن تساعد النخبة على إيصاله إلى بعيد».
وذكر أن «تخلف دور النخبة يمكن أن يحدث للحراك الجماهيري جملة من الأخطاء الضارة، والإرباكات المؤثرة سلبا، ويضاعف الخسائر، ويعدد وجهات النظر الجزئية إلى حد مفرط ويعطيها فرصة التفعيل المتضارب على الأرض، ويزيد من حجم الخسائر، ويتيح فرص الاختراق. أما تخلف دور الجماهير وتخلي الشارع عن الحراك فيقضي عليه وينهيه، وتبقى قضية المعارضة قضية نظرية باردة أكثر منها ذات وجود عملي فاعل مؤثر».
وتابع «على هذا، فإنه إذا كان هناك حوار أو تفاوض طرفه السلطة، فما هو هدفه من جانبها؟ كسب رضا أو موافقة النخبة أو الشارع؟ ماذا سيعطي رضا النخبة دون الشارع؟ توقف التوجيه والترشيد والضبط والتحكم، وازدياد السخط في الشارع، وانتشار الفوضى وردود الفعل غير المحسوبة، وحالات من الانفلات التي لا يمكن أن يستقر معها وضع أو تسلم سفينة».
وبشأن الحوار أيضاً، نوه قاسم الى أنه «إذا كان على نتيجة الحوار أن تكسب رضا النخبة أو موافقتها فإن عليها أولاً أن تنظر إلى رضا الشارع أو موافقته، وإلا لم تقدم هذه النتيجة خدمة لشارع ولا نخبة ولا سلطة. ومن هنا تأتي أهمية الاستفتاء الشعبي على نتائج أي تفاوض أو حوار، وعدم الغنى عنه لضرورة رضا الشعب أو موافقته على هذه النتائج لتمثل حلاً أو جزءاً من حل وتهدئ الوضع وإلا كان وجودها كعدمها».
وتساءل: «ماذا سيوقف المسيرات والمظاهرات والاعتصامات وسائر الاحتجاجات والصرخات الجماهيرية؟ هل يوقفها أن الجمعية الفلانية صار نظرها إلى الموافقة على نتيجة يرى فيها الشعب ضرره؟».
وأكد أنه «لابد أن يكون الهدف هو إنهاء الصراع، وتوجه كل الجهود إلى البناء المثمر المشترك، وإقامة علاقات جديدة قائمة على الثقة، وهذا يتطلب بالضرورة موافقة غالبية الشعب على الأقل على نتائج أي حوار أو تفاوض، على أن العلاقات القويمة والمستقرة والوضع الآمن والمتقدم ووطن المحبة والازدهار لا تحققه صدقاً نتائج جائرة وحلول مجزوءة منقوصة، تركيزها على القضايا الجانبية وأمور الهامش والجانب الشكلي، في تجاوز ممجوج سافر للقضايا الأم كالدستور المتوافق عليه، والمجلس النيابي المستقل بصلاحيات كاملة ليس عليها حق النقض ولا تأثير سلبي لأي مؤسسة أخرى، والحكومة المنتخبة، وكون الشعب مصدر السلطات بصورة فعلية».
وقال: «ستأتي نتيجة فاقدة للمنطق، ومن أغرب الغرائب، إذا كان الصوت الرافض للحكومة المنتخبة والاستفتاء الشعبي مطابقاً لوظيفته في التمثيل الشعبي. الرأي الذي يرفض الاستفتاء الشعبي، ويرفض الحكومة المنتخبة، هل هو مطابق لرأي الشعب؟».
وتابع «إن كان مطابقاً له فستأتي النتيجة غريبة جداً، فإن ذلك يعني تماماً أن الشعب يرفض أن يشارك في رسم السياسة التي تعتمد حياته في مسارها على مقرراته، ويرفض أن يستفتى في الأمر الذي هو من حقه وأن يسمع له رأي في ذلك».
وتساءل أيضاً: «أيهما الواقع: أن الرأي الرافض للحكومة المنتخبة والاستفتاء الشعبي على توافقات الحوار خاصة مع كون المتحاورين لم يتم انتخابهم من الشعب لهذه الوظيفة لا ينطبق مع إرادة الشعب ويناقض رأيه؟، أو أن شعبنا هذا رأيه الذي لا يقول به من له شيء من وعي وشيء من إرادة ومن شعور بالحرية والكرامة ؟ أيهما الصحيح؟».
وقال قاسم: «لاشك أن شعبنا أكبر من هذا بمسافات ومسافات، أليس هو الشعب الذي أعطى كل ما أعطى وضحى بكل ما ضحى من منطلق وعيه وشعوره بعزته وكرامته وشدة تمسكه بحريته؟».
القطان: العنف والتخريب والإرهاب أمور بعيدة عن الإصلاح وتعوق التنمية
أكد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان، أن العنف والتخريب والإرهاب أمور بعيدة عن الإصلاح، وتعوق بناء الخير والتنمية، وتؤجج نار العداوة والكراهية والبغضاء بين الموطنين والمقيمين، متسائلاً: «هل يكون الإفساد وزرع المتفجرات، والعبث بالأرواح والأمن إصلاحاً؟».
وقال القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (22 فبراير/ شباط 2013) إن: «هذه الأعمال تشيع الهلع، وتثير الفزع، وتروع الآمنين، وتؤجج نار العداوة والكراهية والبغضاء بين المواطنين والمقيمين، وتنشر الفوضى، وتشعل شرارة فتنة داخلية طائفية، واحتراب لا مبرر له، وتدمر فيها الطاقات، وتهدر فيها المكتسبات، وتشتت الجهود، وتعوق بناء الخير والتنمية، وتعطل مشاريع الإصلاح، وتشوه مناشط الخير وما يرتبط بها».
ورأى أن «التفريط في أمن المجتمع تدمير له ولمكتسباته ودعائمه، لذا يجب علينا جميعاً حكاماً ومحكومين، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، أن نسعى للحفاظ على أمن هذا البلد، والحفاظ على الأمن بعامة، بسد الثغرات التي يمكن أن تحدث شرخاً في المجتمع أو تجعل جسده مثقلاً بالجراح».
وأضاف أن «البحرين كغيرها من البلدان المجاورة تعيش مرحلةً خطيرة، ومنعطفاً صعباً، فلابد من تماسك الصف وتجاوز الخلافات وتناسيها، مع بذل النصيحة عن طريق القنوات الصحيحة في المجالس النيابية والشورية والبلدية، وطريق التغيير، الإصلاح والبناء، والتحاور والتفاهم، والجلوس على مائدة الحوار، لا الهدم والتدمير والتخريب وإثارة الفوضى والتحريق».
وطالب القطان الجميع، وفي مقدمتهم علماء الدين، بأن «يحسوا بواجبهم الديني، وعليهم أن يشعروا بمسئوليتهم الشرعية، ويقوموا بواجبهم لرأب الصدع واجتماع الكلمة واحتواء الخلاف، وحفظ الأمن، والسعي في الإصلاح والبناء باستخدام الأساليب السلمية، وعبر القنوات الشرعية».
وأوضح أن «الفوضى والعنف لا يحمل مشروعاً غير التخريب والإفساد والإرهاب، العنف يورث عكس مقصود أصحابه، فالمشاعر والعقول كلها تلتقي على استنكاره ورفضه والبراءة منه ومن أصحابه، ومن ثم فإنه يبقى علامة شذوذ ودليل انفراد وانعزالية»، مشدداً على ضرورة أن «يدين الجميع العنف ويرفضه ولا يبرره».
وقال القطان: «حينما نحذر من ذلك العنف والتخريب والإرهاب، لا نرضى أن يؤذى أو يجرح أو يقتل أحد، لا من رجال الأمن ولا من الخارجين على القانون من المواطنين ولا من المقيمين، ولا نرضى بسقوط ضحايا من أي طرف كان، فكلهم من أبناء هذا الوطن الغالي».
وأضاف «ان القلب ليحزن، وان النفس لتأسى، وان العقل ليذهل حين يرقب المواطن والمقيم والزائر هذه الأحداث العبثية التصعيدية المتكررة، التي تخل بالأمن والاستقرار، بسبب تلك الأحداث المؤسفة التي ابتليت بها هذه البلاد الطيبة بأهلها وقادتها، والتي مللنا من ذكرها وتردادها والحديث عنها، والتحذير من خطورتها، إنها والله أفعال مشينة، تخالف تعاليم ديننا السمح الحنيف، وتتعارض مع قيم وأخلاق شرعنا العظيم، وتتضمن مفاسد كبيرة، وشروراً عظيمة، وإخلالاً بأمن البلاد والعباد».
وواصل القطان حديثه عن التخريب قائلاً: «إنها أعمال تخريبية للممتلكات العامة والخاصة، فيها إشعال للحرائق، وتفجير لاسطوانات الغاز، وتطويرها إلى قنابل وتفجيرها عن بعد، وتكسير لأعمدة الإنارة والاتصالات، وحرق للإطارات، وإلقاء بالزجاجات الحارقة على رجال الأمن وسيارات الموطنين ظلماً وجرماً وعدواناً، فيها استهداف لمدارس الطلاب والطالبات، واستهداف لاقتصاد البلاد وجميع مشاريع الوطن، كما تستهدف التاجر البسيط في لقمة عيشه، فيها ترويع للآمنين، واعتداء وقتل للأنفس والأرواح، أهكذا يا عباد الله يكون حب الوطن والولاء له؟».
واعتبر أن «هذه الأعمال الغوغائية الإجرامية التي تعرض حياة ومصالح المواطنين والمقيمين للخطر، وتعكر صفو أمنهم وأمانهم، لا تقوم على أساس شرعي، ولا تقبلها العقول السليمة والفطر السوية، وهي أفعال مستهجنة مجرمة شنعاء، تتضمن البغي والظلم؛ بل قد تصل في شناعتها إلى حد الحرابة، فليس من أخلاق المؤمن الإقدام على التخريب والتحريق وإثارة الفوضى، وتهديد أرواح الناس، بإلقاء الزجاجات الحارقة عليهم، والاعتداء على حياتهم وسياراتهم، وتعطيل مصالحهم، وحرق أعمدة الإنارة ووضع المتفجرات».
وأكد أن «ما تمر به البلاد من فتن ومحن وأزمات، يستلزم منا وقفة جادة مع النفس، ويتطلب عملاً دؤوباً لتجسيد أخوتنا ووحدتنا بعيداً عن التجاذبات السياسية والمآرب الشخصية, نعم إن هذا الوقت وهذا الظرف لا يحتمل تلك المهاترات ولا ينبغي أن يستغل لتحقيق صفقات، أو إظهار الذات بعيداً عن المصالح العليا للوطن».
وتابع «ان ما نشهده من عنف متزايد ما هو إلا استهداف لأمننا وتعايشنا وإخوتنا، فلنكن على حذر دائم، ولننتبه دوماً إلى ما يحاك لنا من مؤامرات ودسائس، ولنعلم جميعاً أن مصيرنا واحد، وأن الخطر الذي يتهددنا لا يفرق بيننا لا على أساس جمعية ولا أساس جماعة ولا طائفة ولا مذهب، وأن الوقت قد حان لجمع كلمتنا وتوحيد صفوفنا وجهودنا لمواجهة الخطر المحدق بنا, ذلك الخطر الداهم الذي يتهددنا ويهدد مستقبل أجيالنا القادمة».
ونوه الى أن هذا الوقت «ليس وقت تصفية حسابات وليس الوقت وقت استعراض للعضلات، ولا ينبغي استغلال الظرف الراهن لإملاء شروط أو مساومات أو مزايدات، فالوطن يستنهضنا لنصرته ويدعونا لحمايته ويستصرخنا لدفع المخاطر المحدقة به فعلينا أن نتوحد تحت راية العقيدة والوطن».
وفي وصفه للأمن، ذكر القطان أن «الأمن مطلب إنساني، وحاجة ضرورية للبشر جميعاً، فالأمن هو الدوحة التي يستظل بها الناس، فتطمئن نفوسهم، وتستقر أحوالهم، وينتشرون في الأرض لإصلاح أمورهم وطلب معاشهم. في ظل الأمن واستتبابه واستقراره تهدأ النفوس، ويتطلع الناس إلى تحقيق الآمال وما يصبون إليه. في ظل الأمن ينجح اقتصاد البلاد، ويتآلف العباد، وتتلاشى البطالة، وتنتعش التنمية وتكثر فرص العمل، وينتشر العلم، ويتسابق الناس في ميادين الخير والفضل. في ظل الأمن يعبد الناس ربهم في اطمئنان، وتعمر المساجد، ويتسابق الناس إلى مجالات الخير، ولهذا يمتن الله تعالى على أهل مكة حيث جعلها بلداً حراماً يأمن الناس فيها».
وأفاد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي أن «الأمن حاجة فطرية للناس جميعاً، مسلمهم وكافرهم، صغيرهم وكبيرهم، مسافرهم ومقيمهم، الناس جميعاً يحتاجون إلى الاطمئنان والأمن والراحة النفسية، ولهذا جاءت الشريعة الإسلامية الكاملة الخاتمة التي أكملها الله تبارك وتعالى وأتمها علينا ورضيها لنا ديناً، جاءت بتحصين كل سبب يحقق الأمن ويحفظه، وجاءت بالندب إلى العناية بالأمن، وحذرت من كل وسيلة تخل بأمن الناس أو تجلب لهم الخوف والاضطراب، إلى درجة أن الشرع حرم على المسلم أن يروع أخاه المسلم».
ودعا القطان علماء الدين وطلاب العلم والعقلاء والحكماء، إلى الأخذ بزمام المبادرة، «وتسجيل موقف تاريخي يسطر بمداد من ذهب لصون الوحدة الوطنية، وإعادة الهدوء والسكينة إلى الشارع البحريني، وبث روح الثقة المتبادلة بين أبناء الوطن الواحد، وكذلك بين الناس وقيادتهم، حفاظاً على الأمن والسلم الأهليين»، مؤكداً دعمه «لكل مساعي الخير والإصلاح، وأياد ممدودة بالحب والإخاء والصلاح والإصلاح لكل مخلص لدينه ووطنه وأمته ومجتمعه، لنكون معاً يداً واحدةً، وسداً منيعاً في وجه التحديات، وحصناً حصيناً لأبناء الوطن من آثار الفتن الطائفية المقيتة».