العدد 3815 بتاريخ 15-02-2013م تسجيل الدخول


الرئيسيةمحليات
شارك:


قاسم: عدم الجدية في الحوار لن يحل الأزمة... والقطان يطالب المتحاورين بتغليب مصلحة الوطن

الوسط - محرر الشئون المحلية

الشيخ عيسى قاسم -الشيخ عدنان القطان

نبه خطيب جامع الإمام الصادق في الدراز الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس الجمعة (15 فبراير / شباط 2013)، إلى أنه «إذا تبيَّن أنَّ الحوار خدعةٌ أو مزحة كما يظنُّ الكثيرون، فلنْ يجرَّ بطبيعته هذه إلا إلى تعميق الخلاف وإلهاب الفتنة وزيادة الشرّ وتركيز المحنة واشتداد الكارثة، حوارٌ من هذا النوع سيقضي على أيِّ أملٍ في اللقاء على حلِّ الأزمة، فلا يبقى من سبيلٍ إلا الإمعان في الخصومة والصراع والتغالُب، وفي ذلك مهلكة الوطن. إنْ تبيُّن كون الحوار خدعةً أو مزحة سيكون شرّاً ألف مرَّةٍ من عدم الحوار، فلتحذر السلطة أن تخطِّط لإفشال الحوار الذي دعت إليه وأن يخرج بنتائج غير مرضيةٍ للشعب. إنَّ تبيُّن كون الحوار خدعةً أو مزحة سيكون شرّاً ألف مرَّةٍ من عدم الحوار؛ لأنَّ حواراً من هذا النوع يحدث للمرَّة الثانية، قد يسدُّ البابَ أمام كلِّ فرص الحوار، ويحوِّل هذه المسألة إلى أمرٍ مستحيل، ويجعل الإقدام على الدخول فيها ممتنعاً شعبيّاً على مستوىً عامٍّ شامل - وفي هذا كارثة - حوارٌ من هذا النوع إذا انكشف أمره حسِّيّاً وبصورةٍ جليَّة لا محدوسةٍ مظنونة، لنْ يبقيَ صوتاً يدعو للتفاهم والتقارب، لنْ يبقيَ إلا صوت الفرقة والمواجهة المنفلتة التي لا تتعقَّلُ ولا ترحم وتدخل بالوطن في النفق المظلم الطويل المهلك».

وتحت عنوان «ماذا قال الرابع عشر من فبراير من جديد؟»، تحدث قاسم في خطبته قائلاً: «قال الرابع عشر من العام الحادي عشر بعد الألفين أنَّ الشعب يريد الإصلاح السياسيّ، وما يستتبعه من أنواع الإصلاح الأخرى التي لا يستقيم وضع الوطن إلا بها، وأنَّ الحراك يصرُّ على هذا المطلب، قال إنَّ هذا الشعب صبورٌ على كلفة الوصول إلى تحقيق هذا المطلب، وإنَّه يحتضن حراكاً سياسيّاً شعبيّاً سلميّاً عامّاً صامداً لا يتراجع، وأنَّه يبغض الطائفيّة ويمقتها، ويتطلَّع إلى أنْ ينصفه العالم في حين أنَّه يرفض الارتهان إلى إرادة الخارج أو نسيان شيءٍ من مبادىء دينه وأحكام شريعته ومصلحة وطنه، وكلُّ ذلك أكَّدته سنتان من عمر الحراك كان الطريق فيهما صعباً وشاقّاً ومليئاً بالتحدِّيات وأنواع التجارب والامتحانات القاسية، وصبر الشعب في ازدياد، وصموده في قوَّة، وجماهيره المشاركة في الاحتجاجات في تعاظم، وقد دخلت في المشاركة كلُّ الفئات والشرائح العمريَّة والثقافيَّة وغيرها، وشعار السلميَّة بقي ثابتاً ومُؤَكَّداً عليه بين حينٍ وآخر، والنيَّة ما فسدت، والترابط في استحكام - إن شاء الله - والصوت قد علا، والقضيَّة فرضت حضورها في العواصم المهمَّة في العالم وأخذت اهتماماً في محافل دوليَّةٍ مهمَّة».

وأضاف «ما قاله الرابع عشر من فبراير لهذا العام من جديد أنَّ شعب البحرين شعبٌ مجيد، إذا قالَ صدق، وإذا تحرَّك ثبت. جاء هذا اليوم من هذا العام بصمةً جماهيريَّة قويَّةً فولاذيَّة على مواصلة الحراك، وأنَّ إرداة الإصلاح والتغيير لا تعرف التراجع وأنَّها أقوى من أنْ تُفَلَّ بالنَّار والحديد، جاء هذا اليومُ ليؤكِّدَ أنَّ هذا الشعب لا يتعب أو أنَّه إذا تعب لا توقفه عن طلب حريَّته وكرامته وحقوقه المتاعب، ليؤكِّد أنَّ سنتين من الحراك المستمرِّ المليء بالتضحيات الجسام والآلام المضنية يضيفُ إليها هذا الشعب السنةَ والعشر سنوات وأكثر وأكثر على طريق المعاناة والبذل والفداء وركوب الشدائد دون أنْ يفكِّر في أنْ يعود من حراكه الإصلاحيِّ خاسراً وإلى حالة الإفساد والفساد. جاء هذا اليومُ ليقول بأنَّ الشعب يؤمن كلَّ الإيمان بحقَّانيَّة قضيَّته، وعدالة مطالبه، وصحَّة حراكه، ورأفة ربِّه ورحمته ونصره، وأنَّ أمله في النَّصر لا يعرف الذبول. وكما أنَّ الشعب له كلُّ هذه الصلابة، فإنَّه واعٍ كلَّ الوعي، مؤمنٌ كلَّ الإيمان، متمسِّكٌ بهويَّته كلَّ التمسُّك، بعيدٌ عن العصبيَّة كلَّ البعد، ناءٍ عن الإرهاب كلَّ النأي، مجافٍ للعدوان كلَّ المجافاة».

وأشار إلى أن «الشعب يدرك جيِّداً أنَّ الحوار ليس هو الهدف، وأنَّ المسيرات والاعتصامات وأنواع الاحتجاج ليس منها ما هو هدفٌ كذلك، كلُّ ذلك لا مكان له مع تحقُّق الهدف، ولو تحقَّق الهدف فلا مسيرة ولا اعتصام ولا احتجاج، والحكومة تعلم تماماً هذا الأمر، الهدفُ الإصلاحُ الجدِّيُّ القادر على إنقاذ الوطن من ورطة الظلم والاستخفاف بالمواطن وحالة الفساد والإفساد، الهدفُ تحكيم مقياس الكفاءة والمواطنة والرجوع إلى ما يقرِّره الميثاق من كون الشعب مصدر السُّلطات. وكلَّما غاب الإصلاحُ أو تباطأَ أو الْتُفَّ عليه وفقد الجديَّة والصدق، كلَّما انفتح البابُ للمسيرات والاعتصامات وكلِّ أنواع الاحتجاج السلميّ ؛ طلباً لاعتبار الذَّات، وخروجاً من معاناة الظلم وشدَّة الضغط، واستعادةً للكرامة، واستجابةً لأمر الدين، وفاءً بحقِّ الوطن».

وقال قاسم: «لا ينبغي الشكُّ في أنَّ السُّلطة صارت تدرك بعد هذه المدَّة من عمر الحراك بكلِّ مخاضاتها العسيرة التي عانى منها الشعب ولم تلن عزيمته، بأنَّه لا مخرج من الأزمة إلا بالإصلاح، أنَّه لا تفيد محاولاتٌ ولا مراوغاتٌ ولا مساوماتٌ كيديَّة، وأنْ ليس من أسلوبٍ يثني الشعب عن المطالبة بحقوقه حتَّى يتمَّ له إنجازها، أنَّ إصلاحاً شكليّاً لنْ يُجديَ ولنْ يُخْدَع به الشعب أو ينال قناعته، أنَّ جرَّ الشعب إلى الأخذ بأسلوب العنف لتبرير ضربه ضربةً قاضية دونه حاجزٌ ضخمٌ من وعي شعبنا وحكمته ونضجه والنصيحة الصادقة من كلِّ رموزه وقادته».

وتساءل «إذا كانت كلُّ هذه القناعات تتوفَّر عليها السُّلطة فماذا يتأخَّرُ بها عن الإصلاح والمبادرة له؟»، وأجاب «لا يوجد تعليلٌ لذلك إلا الحاجز النفسيّ، ومكابرة الأنا، والاعتزاز بالنفس لغير وجه حقّ وخلفيَّةٍ مقبولة، وهذا ما يحول كثيراً بين الإنسان وبين الأخذ بالحقّ وحتَّى على ما يرى فيه مصلحة الذَّات، وسيظلُّ الوطن في دائرة الأزمات، وتتعمَّقُ جراحاته، وتزداد فيه المأساة، وتكبر الخسائر الماديَّة والمعنويَّة، حتَّى تتغلَّب السُّلطة على حاجزها النفسيّ». وشدد على أن «السُّلطة تحتاج لخروج الوطن من أزمته التي لا بُدَّ أنْ تعي خطورتها إلى أنْ تثور على نفسها ونفسيَّتها، أمَّا الشعبُ فلا يملك إلا أنْ يواصل حراكه السلميّ دفعاً للظلم عن نفسه وتخلُّصاً من ذلِّه وقهره وهو ما تفرضه عليه كلُّ المقاييس وتشاركه الرأي فيه كلُّ الشعوب».

وتحدث قاسم عن أن «في البحرين حوارٌ وصراع، حوارٌ بين إرادتين وصراعٌ بين إرادتين، الإرادتان تتحاوران من منطلق اليقين بوجود أزمةٍ حادَّة لو تُرِكَ لها أنْ تستمرَّ لأمكنَ أنْ تخرج من السيطرة وتغرق الجميع في مأساةٍ لا خروج له منها».

وذكر قاسم أن «ما يمنع السلطة من جديَّة الحوار هو ذلك الحاجز النفسيّ - الذي سبق الكلام عنه - والذي لا ينطلق من عقلٍ ولا حكمةٍ ولا عدلٍ ولا شرع ولا ميثاقٍ ولا مصلحة الوطن. فيأتي على هذا الأساس تصميم الحوار معيباً غير عادل، ولا يحمل عوامل النجاح، ويأتي التحايل ومحاولات الهبوط بمستوى الإصلاح - إنْ كان - إلى أقصى حدٍّ ممكن والتسويف والتعطيل والهروب من ضمانات التنفيذ، والاقتصار على أنْ تكون المخرجات على مستوى التوصيات بدل أنْ تكون على مستوى النصوص الدستوريَّة، وإنْ نُقِلَ أخيراً أنَّه قد حصل اتِّفاقٌ على أنْ تكون المخرجاتُ بهذا المستوى».

وأضاف «الوسيلة في التقابل بين الإرادتين في حلبة الحوار هي الكلمة بمستوياتها المختلفة، وتتقابل إرادة الإصلاح الحقيقيّ وإرادة التعطيل في حلبةٍ أخرى يشهدها الشارع، الوسيلة في هذا التقابل عند الشعب في طابعها العامّ حناجر الحشود الهائلة المنطلقة بالمطالبة بالإصلاح والحقوق، ووسيلة السُّلطة فيه الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطيّ والرصاص الانشطاريّ والرصاص الحيّ، ويأتي مقتل الفتى حسين بن علي بن أحمد الجزيري في ذكرى الرابع عشر من فبراير شاهداً صارخاً على تغليب العنف على لغة الحوار. ومع الفارق الكبير فإنَّ وسيلة الكلمة عند الجماهير المعارضة وفي الشارع محافظةٌ على صمودها وإصرارها مع ما تتلقَّاه هذه الجماهير من كلفةٍ باهظة».

القطان يطالب المتحاورين بتغليب مصلحة الوطن على أي مصالح أخرى

تحدث خطيب مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان في خطبته أمس (الجمعة) عن ذكرى التصويت على ميثاق العمل الوطني، وقال: «تمر على مملكة البحرين في هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلب كل مواطن غيور، ينتمي إلى هذه الأرض الغالية، إنها الذكرى الثانية عشرة لإقرار ميثاق العمل الوطني، فمنذ إقراره والتوافق عليه، والبحرين تعيش إنجازاتٍ وتطورات متلاحقة ومستمرة، على كل الصعد التنموية منها والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، غرست لبنتها الأولى المبادئ والأسس التي وضعها الميثاق، وأثمرت ثمراً يانعاً متميزاً تمثل في تحقيق نهضة حضارية وعصرية عبر إرساء دعائم شراكة رئيسية بين القيادة والشعب».

وأشار إلى أن السنوات التي مرّت على البلاد، شهدت حالة من العمل الإيجابي المستمر، والحراك المتواصل الذي وطد لتماسك اللحمة الوطنية، وجسد قوَّة الترابط بين قائد مسيرتنا عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وحكومته الرشيدة، وبين أبناء الشعب، ما يعكس ثاقب نظر وحكمة جلالته ورؤيته المستقبلية الطموحة، والتي بدأت مع التوافق شبه المجمع والمتفق عليه من خلال الميثاق ومن ثم الدستور الذي هو مرآة لما جاء في ميثاق العمل الوطني، لتحقيق تطلعات الشعب البحريني، ورسم مستقبل زاهر يقوم على إشراك الشعب في اتخاذ القرارات المهمة التي تصب في مصلحة الوطن، وهذا ما اتضح جلياً في مجموعة من الإنجازات والمكتسبات من أهمها إقرار الدستور، وتشكيل المجالس البلدية الخمسة، وتشكيل المجلس الوطني بغرفتيه، والتوسع في إعطاء الصلاحيات، ما أسهم في إيجاد بيئة دستورية وقانونية رقابية مبنية على الشفافية، كانت محور ومرتكز عملية البناء والتنمية التي تعيشها البلاد اليوم، ولاتزال مسيرة الإصلاح والتطوير والتحديث مستمرة، لتحقق تطلعات الشعب البحريني في المجالات كافة».

ودعا القطان الجميع - كل من واقع مسئوليته - إلى «الحفاظ على المكتسبات والدفع باتجاه التنمية والتطوير والتحضر وعدم الوقوف حجر عثرة أمام هذا المشروع الإصلاحي الكبير الذي توافقت وأجمعت عليه الأطياف كافة، ونخص بالذكر علماء الدين والخطباء والوعاظ والأئمة والسياسيين والمثقفين ونواب الشعب والقائمين على الجمعيات والمؤسسات والباحثين، إذ ندعوهم إلى القيام بواجباتهم تجاه المجتمع ومواصلة النصح والإرشاد وتصحيح الفكر المنحرف لدى بعض الفئات المتعصبة التي يسوقها الحماس المندفع من شباب الوطن إلى طريق مسدود ليس من الدين ولا في صالح الوطن ولا المواطن، حيث إن مهمة علماء الدين في تصحيح مسار دعاة العنف والتخريب يرتكز على ضرورة تحقيق قاعدة الاحترام المتبادل بين الحاكم والمحكوم وما دعا إليه الدين الحنيف من طاعة ولاة الأمر في غير معصية، وصولاً إلى مجتمع تسوده روح المحبة والإخاء وينعم بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء والوحدة الوطنية».

وأشاد القطان بدعوة عاهل البلاد في هذه الأيام تزامناً مع ذكرى إقرار الميثاق، لاستكمال حوار التوافق الوطني في المحور السياسي، وذكر القطان أن «الحوار والتفاهم بين جميع أطياف المجتمع منهج أصيل في ديننا الحنيف، وسمة من سمات المجتمع البحريني المسلم المسالم، والواجب على المتحاورين أن يتقوا الله في وطنهم ومواطنيهم ويغلبوا مصلحة الدين والوطن على أي مصالح أخرى، حتى نتجاوز المرحلة التي مر بها وطننا العزيز، ونبدأ مرحلة جديدة من العمل الجاد والمخلص بما يعود بالنفع والخير على البلاد والعباد مع دعواتنا لهم بالتوفيق والنجاح، كما نثمن لقاء جلالة الملك بالأمس مع مكونات الشعب البحريني من العلماء والمشايخ وأصحاب الديانات الأخرى التي تعيش على أرض هذا الوطن الغالي، ودعوته للجميع إلى التعايش والتسامح وقبول الآخر ليكون ذلك وسيلة داعمة لجهود المجتمع من أجل ترسيخ مفهوم السلام العالمي والسلم الأهلي واستتباب الأمن والاستقرار واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة في ظل سيادة النظم والقوانين».



أضف تعليق