قاسم: الابتعاد عن سياسة معاداة الشعب ينقذ الجميع ويؤتي ثماراً طيبة... والقطان: ما يحدث في سورية إحدى صور الطغيان في الأرض
الوسط - محرر الشئون المحلية
قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم إن الابتعاد عن سياسة معاداة الشعب، «تنقذ الجميع، وتؤتي ثماراً طيبةً فضلاً عن إنهائها للصراع المرير، مشدداً على أن تعترف السياسة بالشعب وتستند إليه، وأن «تكون إرادتها من إرادته، وهمها تحقيق مصالحه».
وتساءل قاسم، في خطبته أمس الجمعة (11 يناير/ كانون الثاني 2013): «كم من سياسةٍ في الدنيا اليوم مستعدة أنْ تفعل ذلك؟»، مستدركاً بقوله: «لكن لإنْ ندر هذا الاستعداد حتى كاد يلْحق بالعدم، فإن مسافة التباعد بين الحكومات والشعوب تتفاوت بتفاوت الحكومات».
وذكر أن هناك «صورة أخرى تنهي الصراع، ولكنها تتراجع بالمجتمع والوطن إلى غابر التاريخ الأسود بل إلى مستوى حياة الحيوان، وذلك بأنْ يتنازل الشعب عن حريته وكرامته وكل حقوقه حتى اللقمة، ويسلم أمر التصرف في النفس والمال والحاضر والمصير إلى جهةٍ واحدةٍ معينة اسمها السلطة. بهذا الإقرار لا يبقى موضوع للصراع؛ لأن الميت لا يصارع، ولا يملك لساناً يطالب به عن شيءٍ اسمه حق، بل إنه لا يدرك أن له حقا».
وبيّن أن «السياسة التي تحكم بلداً يصر على الإيمان وتصر من جانبها على ألا تبقى للدين فيه كلمة، لابد أنْ تخلق مشكلةً عميقةً بينها وبين واقع البلد».
وأضاف «السياسة التي تحكم شعباً يعتز بحريته ولا يرضى أنْ يعيش مسْترقاً وهي تصر على ألا تبقي متنفساً للحرية لهذا الشعب وتصر على استعباده، لابد أنْ تحدث صراعاً دائماً مع هذا الشعب. والسياسة التي تصر على أنْ تستأثر بكل شيءٍ من دنيا الناس وتضايقهم حتى في اللقمة وما تضطرهم إليه ضرورات الحياة، لابد أنْ تدخل في صراعٍ مستمرٍ مع من تحكم».
وتابع «السياسة التي تجابه شكوى الظلم من شعبٍ تحكمه بالعنف والقسوة والقوة المفرطة، لابد أنْ تكون الفاصلة بينها وبين الشعب واسعة، وتعمق الإحساس بالغبن والجور في ضمير الشعب».
وفي سياق خطبته، قال قاسم: «لا فصل اليوم ولا غداً بين الحراك الشعبي وبقاء الرموز من قادة المعارضة وغيرهم من السجناء السياسيين المشاركين في هذا الحراك بالغ ما بلغوا في سجونهم. السجون لنْ تفرغ مادام الحراك والمطالبة بالحقوق قائمة، فما من سببٍ للسجن إلا هذه المطالبة التي يراد لها من قبل السلطة أنْ تختفي ولا يتفوه بها فم».
ورأى أن «الحراك لا يمكن أنْ يتوقف وواحد من رموز المعارضة وقادتها أو من سائر أبناء جمهورها الشرفاء موْدع في السجن، والمطالبة بالحقوق لا يمكن أنْ تكف وواحد من هؤلاء كلهم فاقد لحريته، إذ كيف تنتهي المطالبة بالحقوق وهؤلاء الأعزاء في السجون فاقدون لحريتهم ومطلب الحرية في مقدمة المطالب وحق الحرية أول الحقوق».
وأردف قائلاً: «يوم يعْترف للشعب بحقوقه لابد أنْ تخْلو السجون من نزلائها الأحرار الشرفاء الذين ما سلبت حريتهم إلا لاعتزازهم بها وبحرية الشعب، وإصرارهم عليها وعلى حريته»، مضيفاً أن «بقاء حقوق الشعب مهدورةً يعني بقاء السجون مملوءةً من أحراره تعبيراً صارخاً عن هذا الهدر، وامتهان كرامة الإنسان، ومحق حريته. وخروج سجناء الرأي لا يدْفع ثمناً للتنازل عن سائر حقوق الشعب، فإنه الشيء الذي لا يرضاه السجناء ولا يرضاه معهم الشعب - هذا من جهة -، ومن جهةٍ أخرى لا يمكن أنْ يصْدق أن الشعب استرد حقوقه والسجون تمتلئ ببنيه وبناته».
وقال: «ستظل المطالبة بالحقوق وتفريغ السجون من أبناء الشعب الأحرار مشْغلة هذا الشعب حتى يتم استنقاذ الحقوق واسترجاع السجناء لحريتهم المسلوبة».
وتحدث عن تصريحات الدول الأخرى عما يجري في البحرين، وخصوصا على الأحكام التي تصدر بحق السجناء، وقال: «أما ما يأتي من تصريحات الدول والمنظمات الحقوقية في مناسباتٍ متعددة من كلماتٍ تدين تصرف السلطة والأحكام في حق رموز الشعب وسجناء الرأي والتلاعب بقضية حقوق الإنسان وإدارة الظهر لمسألة الإصلاح، فكل ما تعنيه أن الجهات المحايدة وحتى عدداً من الدول الصديقة للسلطة يجبرها الوضع الظالم الذي يعاني منه الشعب والمعاملة القاسية التي يواجه بها من السلطة على إدانتها ومطالبتها إعلامياً بالإصلاح، من دون أنْ يمثل ذلك مقدمةً منتجةً للحل إما لأن الجهة المدينة والمطالبة للسلطة بالإصلاح لا تملك أكثر من ضغط الكلمة، أو لأن لها موقفاً عملياً من القضية على خلاف مقتضى الحق ومصلحة الشعب تمليه مصلحتها المادية الخاصة».
القطان: ما يحدث في سورية إحدى صور الظلم والطغيان في الأرض
من جانبه، قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان إن ما يحدث في سورية يعد واحدة من صور الظلم والطغيان في الأرض، معتبرا أن «ما يحدث في بلاد الشام اليوم لمما يندى له الجبين... لا أقول من النظام السوري وحده، بل من العالم بأسره».
وأوضح القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (11 يناير/ كانون الثاني 2013) أن «الجامعة العربية والعالم الغربي والشرقي، يقفون متفرجين على ما يحدث هناك من مجازر ومآس، وليس عندهم سوى الكلام في أحسن الأحوال، بل إن البعض منهم من يقوم بدعم وتمويل هذا النظام المجرم».
وتحدث القطان عن بلاد الشام، وذكر أن «فضل الشام وكونها حصن الإسلام، يحتم على المسلمين التنادي لنصرة أهلها ودفع البغي عنهم، وفاء للصحابة الفاتحين، والعلماء الربانيين الذين توسدوا ثرى الشام وماتوا فيها، وقياما بواجب النصرة للمستضعفين، ولنحذر من خذلان المسلمين المستضعفين».
وأكد أن «الواجب على كل مسلم غيور أن يهتم لقضية إخوانه في سورية، وأن يشاركهم همومهم وأحزانهم، ويحزن لما أصابهم وما نزل بهم من البلاء، وأعظم ما يقدمه المرء لهم هو الدعاء، سواء كان الدعاء العام بالقنوت في الصلوات، أو الدعاء الخاص في السجود وفي جوف الليل في الثلث الأخير، وفي أدبار الصلوات وغيرها حتى يرفع الله عنهم هذه النازلة ويزيل هذه الغمة».
ودعا القطان إلى «نصرة إخوانكم بما تجود به أنفسكم، وكونوا من المسارعين في الخيرات، المسابقين للطاعات، وخصوصا في هذه الأيام التي يتعرضون فيها لأحوال جوية صعبة تركتهم يصارعون مياه الأمطار والرياح العاتية والبرد القارس والثلوج، حيث انخفضت درجات الحرارة إلى الصفر المئوية».
وأفاد أن «الوضع في سورية يعصر القلوب ألما، ويفت الأكباد فتا، تتمزق أفئدتنا ونحن نرى ما يجري لإخواننا من إبادة جماعية، وقتل ونحر بطرق وحشية، لا يستثنى منها النساء، ولا يرحم فيها الشيوخ الركع، ولا الأطفال الرضع، حوصر الناس داخل منازلهم ومنعوا الماء والكهرباء، والغذاء والدواء، إنها جرائم قتل وإبادة جماعية منظمة، لأنفس بريئة معصومة، وسرى الظلم حتى بلغ بيوت الرحمن، ومحاريب القرآن، فضربت المساجد بالمدافع، واستهزئ بالخالق جلّ وعلا جهارا نهارا».
وتساءل: «كم من طفل يتم؟ وكم من أم فجعت؟ وكم من امرأة عفيفة اغتصبت؟ وكم حرمات انتهكت؟ شرد الضعفاء وأخرجوا من ديارهم، فارين بدينهم وأرواحهم من هول ما رأوا، فأصبحوا لاجئين في مواطن الشتات، فأي ضمير بعد ذلك يسكت؟».
وقال: «لقد اجتمع على إخوانكم في بلاد الشام، قوى حاقدة على الإسلام وأهله، تاريخهم مليء بالجرائم الوحشية والعداوات الهمجية».
وبيّن أنه «في بلاد الشام يعيشون منذ عامين في شدة وكرب وحاجة، وجوع وخوف لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد تآمرت قوى الظلم والاستكبار عليهم، لما رأت بوادر نصرهم؛ ولا ناصر لهم إلا الله تعالى، فأكثروا لهم من الدعاء آناء الليل واطراف النهار، ومدوا لهم يد العون بما تستطيعون؛ فإن الله تعالى سائلنا عنهم يوم القيامة، وإنهم في رقابنا ونحن نرى صورهم كل يوم».
كما أكد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي أنه «لو حكمت الأرض بشريعة الله تعالى لما كان هذا الخوف والقتل في الناس، ولما سفكت هذه الكميات الكبيرة من الدماء، ولما تعذب البشر في كثير من الأقطار، لكن الإنسان بلا دين يضبطه، ولا خوف من الله تعالى يردعه، يعود إلى نزعته في الظلم والجهل والإفساد في الأرض وسفك الدماء».