قاسم: الشعب يحرّم على نفسه سفك الدم والاعتداء على أي مواطن أو مقيم
الوسط - محرر الشئون المحلية
أكد إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم أن: «هذا الشعب يحرِّم على نفسه أن يسفك دماً حراماً. أن يتسلف فلساً واحداً من ثروة هذا الوطن. أن يُضرَّ ظلماً بأي إنسان. هذا الشعب آخذٌ على نفسه أن يحترم الإنسان، ألّا يعتدي على أحدٍ مِمَن يضمُّه هذا الوطن من مواطنٍ ومقيمٍ وعابر. أن يحافظ على الأخوَّة الإسلامية والوطنية. أنْ يتجنَّب العنف والإرهاب. ألَّا ينزل إلى اللغة الهابطة وغير المُؤدبة. ألَّا يتجاوز الحقيقة».
وقال قاسم، في خطبته يوم أمس الجمعة (4 يناير/ كانون الثاني 2013): «لا يملك منصفٌ أنْ ينكر على شعب مطالبٍ بالإصلاح، ملتزمٍ بالسلميَّة، ولا يملك أنْ يلتمس عذراً لمن يضادُّ المطلب الإصلاحيّ ويواجهه بالعنف والإرهاب والتنكيل والقسوة، ولكن قلَّ المنصفون في العالَم وحتَّى في هذه الأمَّة...».
وبيّن أن «العامَين 2011 و2112، انقضيا وعشنا بداية هذا العام الجديد والبحرين تعيش مشكلتها السياسيَّة التي أطلقت شرارة الحراك الشعبي في دورته الجديدة للتخلُّص من المشاكل. وقد انطلق الحراك سلمياً بهدف الإصلاح، وبقي في مجمله، وبغضِّ النظر عن بعض التفاصيل، محافظاً على سلميَّته مطالباً بالإصلاح».
وأضاف أن «مواجهة الحراك ومطلبه الإصلاحي وأساليبه السلميَّة جاءت بعنف السلطة الذي تصاعد مع الأيَام، وخلَّف خسائر شعبيَّة بكمّ هائلٍ على مستوى الأرواحِ والأعضاءِ والأموال النقدية وسائر الممتلكات...».
وأضاف: «وفي أول يومٍ من العام الثالث عشر الميلادي بعد الألفين -وهو عامنا هذا- تجسَّدت المعادلة على أرض الواقع في صورتها الثابتة، إذ عمَّت الاعتصامات السلميَّة بصورةٍ واسعة، كما عمَّ أسلوب القمع في مواجهتها، ووثَقت الصور الحية عدداً من مشاهد هذا القمع».
وذكر أن «المعادلة الثابتة بوضوح: أوَّلاً: مطالبةٌ بالإصلاح يقابلها رفضٌ قاطع، ثانياً: أسلوبٌ سلمي يُواجَه بالعنف والقمع، ثالثاً: نفسٌ طويلٌ في المطالبة، وفي الطرف الآخر تصاعدٌ في التنكيل».
وتحت عنوان «توديعُ عام واستقبال عام»، أوضح قاسم أنه «ليس من المهم في واقع الحياة والإنسان أن تنقضي سنة من تاريخ الأرض وتدخل أخرى، أن يُودَّع عامٌ ويُستقبل عام. لا جديد ولا مهمَ في ذلك إذا كان الظلم هو الظلم، والاستخفاف بالقيَم الخلقيَّة والمبادئ الحقَة وإنسانيَّة الإنسان وحقوقه وكرامته على ما هو عليه وربَّما ازداد سوءاً ؛ ليزيد الاضطراب والفوضى، ويعمَّ التيه والضياع».
وتابع «عالَمٌ أُشبع ظلماً على يد الطغاة من بني الإنسان في كل مكان، ولا يُنتظر له إلَّا الانفجار العام الذي يدمّر ما يدمِّرُ عسى ولعلَّ يفيق هذا الإنسان. تغيُّر الأعوام، وتجدُّد السنين، لا يجدِّد الحياة ولا يغيِّر الأوضاع».
وأردف قائلاً: «ما يعطي الحياة جدَّةً وما يهبها واقعاً إنسانيَّاً متقدِّماً، وما يصحِّح أوضاعها، ويقوِّم علاقاتها، أن يتغيَّر الإنسان، أن ينتصر على نفسه، أن تتغيَّر نظرته للكون والحياة ونظرته لنفسه وقيمته وهدفه وما يضمن له سعادته، أن يغادر نظرته الماديَّة ورؤيته الأرضيَّة الهابطة ويلتحم فكره وشعوره بالرؤية السماويَّة النابعة من الفطرة، المُبرهنة من العقل، فهي القادرة على إطلاق هذا المخلوق من زنزانته الماديَّة المغلقة المظلمة، وتحرير رؤيته ومشاعره، والخروج به من أفقه الخانق المسدود، وجعله ينظر إلى نفسه باحترامٍ فلا يقف بمستواه عند حدِّ المادَّة ويسجد لها ولا يرضى لها أن تعبد الطاغوت، وينظر إلى أخيه الإنسان بالنظرة المحترمة نفسها فلا يضحِّي بإنسانيَّته وحياته من أجل لذَّةٍ ماديَّةٍ عابرة ومشتهىً رخيصٍ من المشتهيات الدونيَّة في هذه الحياة».
ورأى أن «هذا العالَم يحتاج لكي يخرج من نفقه المظلم ودجى ليله المقيم إلى حيويَّة عقل، وحيويَّة وجدان، وانبعاثة ضمير، إلى أن يتخلَّى عن نظرته المكبَّة على الأرض، أن تتخفَّف مشاعره من أَوْضَارِهَا، أنْ يمتدَّ بنظره إلى السماء، أن ينشدَّ بفكره وضميره وشعوره إلى الله سبحانه ويطلب هداه ويعيش على موائد وحيه ورسالته. ومن دون ذلك سيبقى العالَم نهب المحن، وأسير الشقاء، ورهن الفتن».