قاسم: نحن ضد سفك الدماء ولا نفرّق بين الدم الحكومي والشعبي...والمفتاح يحذر من زج الأمة في المحذور الطائفي والمذهبي
الوسط - محرر الشئون المحلية
أكد إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى قاسم أنه يقف ضد العدوان وسفك الدماء، وضد التفريق بين «الدم الحكومي والدم الشعبي»، مشدداً في الوقت ذاته على «المطلب الإصلاحي الذي لانراه إلا ضرورةً من ضرورات هذا الوطن لأمنه واستقراره».
وقال قاسم، في خطبته أمس الجمعة (26 أكتوبر/ تشرين الأول 2012): «نحن مع المطلب الإصلاحي الذي لا نراه إلا ضرورةً من ضرورات هذا الوطن لأمنه واستقراره ومصلحته، وأخوة أبنائه، وازدهاره وتقدمه، (هو) مطلب لا غنى عنه ولا يمكن رفع اليد عنه».
وأضاف «نحن مع الأسلوب السلمي الذي هو أسلم الطرق إليه، وأقلها كلفة وأحفظها لمصلحة الوطن وأخوته، وهذ الأمر ليس رأي الكثرة فحسب، بل هو رأي كل المعارضة ويتحد الرأي كذلك في الأمور الآتية: مع الأخوة الإسلامية والأخوة الإنسانية والأخوة الوطنية، ومع احترام نفس كل مواطن ومقيم، ومع التساوي في الحقوق والواجبات الوطنية لكل المواطنين، ومع عدم تأجيل الإصلاح ولو ليوم واحد، وعدم وضع العراقيل في طريقه من قبل السلطة وهي التي تملك قراره الفوري ولا تحتاج إلى إطالة الطريق».
وتابع قاسم «نحن ضد إعلام الفتنة وتأجيج الوضع ومحاربة الإصلاح، وبث روح البغضاء والحقد بين أبناء الشعب الواحد خدمةً للمصالح الخاصة».
وشدد على أنه «ضد العدوان وسفك الدم، وأي عدوان أثبته الدليل الشرعي الذي تتعبدنا به الشريعة الإسلامية وترضاه، فهو مدان كل الإدانة ومرفوض كل الرفض، ولا يمكن أن نوافق عليه، وتبقى القضية قضية قيام هذا الدليل وعدمه، هل هناك دليل شرعي على ما يقال؟ أو ليس هناك دليل شرعي على ما يقال؟».
وأردف قائلاً: «نحن ضد التفريق بين الدم الحكومي والدم الشعبي، فهذه النسبة في حد ذاتها لا تمثل فرقاً في نظر الإسلام في حرمة الدم، وليس لنا نظر على خلاف نظر الإسلام، فليس هنا من دم أزرق بهذا العنوان ودم أسود للعنوان الآخر، ولا فوقية لدم من حكومي أو غير حكومي ولا امتياز على دم الآخر».
وأوضح أن «حرمة الدم واحدة، هناك احترام عام للإنسان وهناك احترام خاص للإنسان المسلم بين المسلمين، والدم لا يسترخص إلا بإذن شرعي، إلا بسبب شرعي، إلا في حالات محددة والحالات المحددة هذه؛ إنما تؤخذ من الشريعة، وما يسقط حرمة الدم في الشريعة معروف عند المسلمين ولا يجوز تعديه على الإطلاق».
وتابع «حرمة الدم في الإسلام من أعظم الحرمات، ولا تعدي عن العدل ولا أخذ بالعدوان مع مسلم ولا كافر، لكن المفارقة واسعة والمسافة شاسعة في تعامل السلطة مع قضية الدماء».
وفي سياق خطبته؛ قال قاسم إنه عندما «يقتل رجل أمن، ونحن لا نسترخص دم أحد، تحدث العواصف والزلازل والبراكين، وتحاصر المناطق وينشر الرعب والهلع، وتتسع الاتهامات وتدق طبول الحرب، ويزج بأعداد المواطنين في السجون ويستمر التحقيق بأساليبه القمعية الخاصة، التي تحدثت عنها التقارير من لجنة تقصي الحقائق والمنظمات الحقوقية حتى تتوافر كل الاعترافات المطلوبة».
وبين أن «والطوق المشدد على قرية العكر، لحادث قتل الشرطي والذي استمر كل المدة التي استمرها، صورة جلية من صور الفرق الهائل في التعامل الرسمي بين دم أبناء الشعب، ودم منتسب من منتسبي السلطة، دم لا يطال العقاب حتى شخص من اعتدى عليه مع معرفته، ودم تنزل العقوبة بآلاف المواطنين بحثاً عن المتهم به بل خارج دائرة هذا البحث».
وتساءل: «ماذا بعد القبض على العدد الذي قبضت عليه السلطة، وهي تخضعه لما تسميه بالتحقيق؟ وبعد مضي كل هذه الأيام على الحادث، حتى يستمر حصار القرية ما استمر عليه من مدة، لولا أن العقوبة يراد لها أن تكون جماعيةً وخارج الشرع وحتى القانون؟، وأن يقدم من خلالها درس عام قد تكثرت الصور والنماذج المتنوعة من مثله على المدى الطويل من عمر الأحداث، ما زاد الطين إلا بلة وما أعقب الوضع إلا تعقيداً وما خلف إلا توتيراً في الأجواء وتصاعداً في الأحداث وتسعةً في الهوة».
واعتبر أن «هذا التفريق على خلاف العدل، وهذه العقوبة الجماعية التي عطلت حياة قرية بكاملها أياماً، ونالت من مرضاها وذوي الضرورات منها ما نالت، خارج لغة القانون ومنافية لمصلحة الوطن».
وأشار إلى أن «النظر الصائب في هذا الوطن أنه يحتاج إلى انتشال سريع من المحنة، وانتشاله إنما هو بالإصلاح، والإصلاح؛ إنما يملكه طرف الدولة وهو لا يحتاج مع صدق النية والجدية والميل إلى العدل إلى تطويل مدة، ولا إلى كثرة حوار ومقدمات. كل الحاجة إلى سماع صوت الدين والعقل والحكمة، الرضوخ للحق والرضا بالعدل والتخلي عما يدعو إليه الشيطان».
وأضاف «كل ما تتمناه حكومة متعقلة من شعبها أن تهدأ ثائرته، أن يعود لمجرى حياته الطبيعية، ألا يشتغل بالمسيرات والاعتصامات والاحتجاجات، وأن يتعاون مع المشاريع الصالحة لو أتت على يدها، وكل ذلك لا شك أنه سيأخذ طريقه إلى الواقع العملي، وستنتهي الأزمة لو فعِّلت لغة الإصلاح وحلت محل لغة البطش والفتك والتنكيل».
وختم قاسم خطبته بالقول: «طريق واحد للخروج بالبلد من الأزمة، ليس دونه طريق، فتشوا كثيراً عن طريق آخر، لن تجدوا... هذا الطريق الواحد هو طريق الإصلاح السريع الجدي الشامل الذي يقدم حلاً كفوءاً».
المفتاح يحذر من زج الأمة في المحذور الطائفي والمذهبي
من جانبه ، حذر إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ فريد المفتاح من زج الأمة في المحذور الطائفي والمذهبي، داعياً إلى أن تسود ثقافة الحب والمودة والتعاون والتكافل والتعايش.
وقال في خطبته أمس الجمعة (26 أكتوبر/ تشرين الأول 2012): «إن الأمة مدعوة وبكل قوة وصدق إلى أن تضع خلافاتها وتجاذباتها جانباً، وأن تلتفت إلى بناء الشخصية والإنسان، الإنسان الأخلاقي، وأن تطلب الإصلاح بطرقه المشروعة، والتوافق بين الجميع، لا بالعنف والقوة».
وأضاف «كفانا حروباً وخلافاً، وانشقاقاً طائفيّاً، ونزاعاً دينيّاً، وتنافساً عرقيّاً، وكفانا تفككاً وترهلاً وانحلالاً، وتعادياً، وتراجعاً، وكفانا انحباساً في وقائع التاريخ».
وتابع أن الإصلاح يُطلب بالطرق المشروعة، وليس بالعنف والقوة، وتعطيل مصالح الناس، وتعريض حياتهم للخطر، مطالباً بـ «الضرب بيد من حديد» على «مثيري العنف والفوضى».
ورأى أن «الموقف الصحيح والتحدي الحقيقي، هو التحدي التنموي والانطلاق التنويري، وصناعة الحاضر والاستعداد للمستقبل. ينبغي أن تهتم مجتمعاتنا، ولا تبقى في صراعات التاريخ، فذلك لا يبني ولا يطور».
واعتبر أن «أعظم البلاء أن تؤتى الأمة من داخلها، فيجب على الأمة أن تستكمل بناء نهضتها بالقضاء على أسباب الخلاف والتشرذم، والضرب بيد من حديد على مثيري العنف والتخريب وإثارة القلاقل، والذين يستغلون الفساد والإفساد من أجل تحقيق مصالحهم. أولئك الذين تجردوا من الأخلاق والقيم».
وقال: «ما تمر به الأمة من هموم، لا يمنع من الفرح والسرور، فالعيد فرح وابتهاج وسرور وسعادة، وفرصة لتدفق الأمل. والأعياد وأيام التشريق والمناسبات الدينية العامة تمثل وسطية الدين، وهذه الأيام فيها بهجة النفس مع صفاء النفس».
وذكر أن «الأمة الإسلامية بأمسِّ الحاجة إلى النهوض والنشاط، والسعي والعمل بإيجابية وحيوية وتفاؤل، نحو البناء والإعمار والتنمية، وتقوية علاقاتها»، وقائل: «من حكم العيد ومنافعه العظمى، التواصل والتصالح والتصافي وتلاقي القلوب».