قاسم: الاستقرار يتطلب العدل واحترام حقوق الشعب... القطان: صبح العدل والحرية سينبلج مهما طال أمد الظلم
الوسط - محرر الشئون المحلية
قال الشيخ عيسى قاسم، في خطبته يوم أمس الجمعة (24 فبراير/ شباط 2012): «صار من الضروري لاستقرار أي حكم، وللتعايش معه من غير توترات حادة مستمرة، أن يعدل، أن يحترم حقوق الشعب، أن يعترف له بحقه في تقرير المصير، بحريته، بإنسانيته، بكرامته».
وبيّن قاسم أن «لا حكم اليوم يريد لنفسه البقاء وأن ينال ثقة شعبه أو سكوته عليه على الأقل، يسعه أن يتعامل التعامل الجافي القاسي مع الشعب، ويدير ظهره لمصالحه، ويتنكر لحريته».
وأوضح قاسم في خطبته أن «كلما ظلم حكم شعباً استشعر بغضاء مظلومه، وفقد ثقته فيه، واشتد حذره منه، وفتح الأعين على كل حركاته وسكناته، واستبدت به الهواجس من كل تصرفاته، ورأى فيه عدوه الذي لابد أن يضعفه ويقهر إرادته».
وأَضاف «ذلك على عكس حكم عادل مع شعبه، ساهر في خدمته، مخلص له، جاد في رقيه، عامل على راحته وسعادته، هذا السلوك يبني ثقة بالشعب، واطمئناناً له، واعتماداً على تعاونه، ودعمه للحكم وحرصه على قوته واستمراره».
وبيّن قاسم «يأتي في حياة الناس وعلى مستوى الأفراد أن يسيء إليك من تحسن إليه، وإذا أتى هذا فإنما يأتي من إنسان فقد إنسانيته، ولكن المحسن يبقى مع ذلك مستمراً في إحسانه، لما يفرضه الإحسان من اطمئنان عند العقلاء بمن أحسنت إليه وعدم توقع الإساءة منه لانتفاء السبب المعقول، إلا من خبث نفس خاصٍ يعاني منه من يقابل الإحسان بالإساءة، حتى ليفاجأ المحسن وكل الآخرين حين تأتي الإساءة من شخص لآخر أحسن إليه، ويكون هذا الأمر مثلاً في السوء والانحدار عن الخلق الكريم».
وأوضح «أما على مستوى الشعوب والحكومات فينذر ذلك نذرة تكاد تلحقه بالمستحيل، فلا يمكن عادة أن يفقد شعبٌ في غالبيته ضميره وخلقه ورؤيته، ويتعامل مع صدق الحكم وإخلاصه وتفانيه في صالح الشعب وعفة يده التعامل مع الإساءة ويعاقبه على إحسانه وتعاونه».
ورأى قاسم أن «لا يفقد حكم ثقته بشعبه إلا من ظلم شديد مارسه في حق هذا الشعب، والخطأ كل الخطأ، أنه بدل التراجع عن هذا الظلم، والأخذ بالعدل، وتصحيح الوضع لبناء الثقة من جديد، وترميم الأوضاع النفسية، وتدارك الخطأ، يعمد إلى مزيد من الظلم والتعسف والإمعان في إيقاظ الفتنة، وأذى الشعب وتهميشه، والإصرار على الاستبداد والإذلال، وتبعية الأغنام لرعاتها مما يعلم من الشعوب كلها اليوم الوقوف في وجهه بأي ثمن كان ومهما كلفها ذلك».
القطان: صبح العدل والحرية سينبلج
من جهته، أكد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن صبح العدل والحرية سينبلج، مهما طال أمد الظلم والظالم، مبيناً أن الظلم لا يدوم، ولكل ظالم نهاية، هكذا نطقت آيات القران الكريم، فمهما طال ليل الظلم، فإن صبح العدل والحرية سينبلج، تنام عين الطاغية الظالم، وعين الله لم تنم، ينام كالجيفة على أرائكه ومفارشه، وما علم أن هناك أرجلاً قد وقفت في ظلمات الأسحار، وأكفاً مقهورة، ترفع ظلامتها للملك الجبار».
وأضاف «فبينما الظالم في ظلمه سادر، وفي ملكه قاهر، إذ أتاه ما لم يكن بالحسبان، فأذاقه الله لباس الخوف بعد الأمن، وجرَّعه الجبار كأس الذل بعد العز، وأراه مرارة الفقر بعد البطر والغنى، وإذ استفحل ظلم الظالمين وعم، وتمادى طغيانهم، فالعقوبة والهلاك لا تخطئهم ولو بعد حين».
وذكر القطان «من تأمَّل في سِير الظلمة، وعاقبة الظُّلم، رأى في مصرعهم أعظمَ العِظات، وفي نهايتهم أسوأَ الخاتمات، كانتْ عقوبتهم معجَّلة؛ للعِبرة والادِّكار، وقال الرسول (ص): (ما مِن ذنبٍ أجدر أن يُعجِّل الله تعالى لصاحبه العقوبةَ في الدنيا مع ما يَدخِّره له في الآخرة مِثل البَغْي وقطيعة الرَّحِم)، هذه نهاية كل ظالم في دنياه، وأمَّا في أُخراه فيا ويل كل ظالم من قوارعِ ربِّهم ووعيده».
وقال القطان إن: «الظلم مرتعٌ وخيم، وخُلُق ذميمٌ، يأكُل الحسنات، ويمحَق البركات، ويجلب الويلات، ويُورث العَداوات، وهو مَهْلكة للدِّيار، مَفْسدة للأمصار، مَسْخطة للجبار».
وبيّن أن «أهل الظلم مبغوضون في الأرض والسماء، ولا غرْوَ في ذلك؛ فالله لا يحبُّ الظالمين، ومَن أبغضه ربُّه، كتَب بُغضَه بين خلْقه، والظالمون بعيدون عن ولايةِ الله وحِفْظه؛ وعن التوفيق والفلاح، والهداية والنجاح، أبواب مُغلَقة في وجهِ كلِّ ظالِم وظالمة».
وأفاد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي «إننا في زمن كثرت فيه الفتن، وتعاظمت المحن، وتوالت علينا النذر، بلدان مضطربة، وقتل مستعر، وعدسات الإعلام تنقل لنا صور الدماء والجثث والأشلاء في بلاد متفرقة، ناهيكم عن تخوف عام لأحوال الاقتصاد العالمي قد يؤدي إلى تغييرات لا يعلمها إلا الله تعالى»، معتبراً أن «كل هذه نذر لمن اتعظ وتأمل واعتبر، لا كاشف لها إلا الله، ولا مفر منها إلا إلى الله، ولا نجاة إلا بإصلاح السيرة، وتصحيح المسيرة ، والتواصي بالحق والصبر، وإصلاح كل فساد يغضب الملك الجبار».
وشدد القطان على أن «العدل هو ميزانُ الأرض، والظلمُ والجور ما هما إلا مِعوَل هدمٍ وخراب لكلّ دابة تدبّ عليها. وأعظمُ المظاهر العملية للظلم هو العدوان والقهر، وأشنعُ صور العدوان وأغلظُها ما كان فيه سفكُ الدماء، والإفسادُ في الأرض، والعلوُ فيها وجعلُ أهلها شيَعاً، ضعيفهم نهباً لقويِّهم على صورة صراع أهل الغاب والجاهلية».
وتابع «العدل في الحضارة المعاصرة ذات البريق اللامع كغيره من القيم الأخلاقية، تُحدِّده النسبيةُ مع القابلية لأن يوزَن بميزانين أو يُكال بمكيالين، عند من لم يؤمنوا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً».
وأشار القطان في خطبته إلى ما يجري في سورية، قائلاً: «إن ما ينقل إليكم من أخبار المذابح اليومية، والعذاب الأليم الذي أصاب أهل الشام ليس إلا جزءا صغيرا من الصورة الحقيقية، وما خفي فهو أعظم وأشد وأنكى... وما في أقبية السجون من العذاب لعشرات الآلاف لا يعلمه إلا الله تعالى... عذاب وأي عذاب، ومذابح بالجملة لأناس عزل في حضارة الحرية وحقوق الإنسان، والشعارات الكاذبة الخادعة التي لا يصدقها إلا الأغرار...».
ووصف القطان الحكومة السورية بأنها «حكومة طائفية حاقدة تدك شعبها الأعزل بالصواريخ والدبابات والمدفعية الثقيلة... فتهدم البيوت على ساكنيها، وتسحل الناس في الشوارع، وتذبح الجرحى في المستشفيات، إن سياسات القمع والانتهاك التي تجاوزت في قسوتها كل حد، وإن أعداد الشهداء المتزايدة من الشباب والنساء والأطفال، وإصرار العصابة المتحكمة في سورية على الاستهتار بأمن الناس ودمائهم؛ إن كل أولئك يخرج قضية الشعب السوري اليوم من الإطار السياسي إلى إطارها الإنساني والأخلاقي الذي تلتقي في رحابه العقول والقلوب».
العصفور: لا مجال للتطور دون الأمن والاستقرار والإصلاح الشامل
من جانبه، رأى إمام وخطيب جامع عالي الكبير، الشيخ ناصر العصفور، أنه لا مجال لتطور وازدهار الدول والمجتمعات، دون أن يكون فيها إصلاح شامل، وشعور بالأمن والاستقرار والطمأنينة فيها، مؤكداً على ضرورة الاهتمام بالتنمية البشرية، والبرامج الكفيلة، بزيادة الإنتاج وتنوعه. وأوضح العصفور، في خطبته يوم أمس الجمعة (24 فبراير/ شباط 2012)، أن «من أعظم النعم الإلهية على الإنسان، هي نعمة الأمن والأمان، فإن الشعور بالأمن والطمأنينة، والاستقرار، نعمة كبيرة، أشار إليها القرآن الكريم في مواضع عدة، في مقام الامتنان على العباد، ومنها سورة الإيلاف في قوله تعالى «فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف».
وأضاف «الحاجات الأساسية للإنسان، لا يمكن الاستغناء عنها بحال، وفي مقدمتها الغذاء أو الطعام، فهو كالهواء والتنفس، وكذلك الأمن، فهما مرتبطان لا يمكن الفصل بينهما، او الاستغناء عنهما، فلو افترضنا أن إنساناً يعيش الغنى والرفاهية، وتتوافر له كل سبل العيش ومستلزمات الحياة الرغيدة، ولكنه يعيش خائفاً قلقاً، على نفسه وأهله، فلا يمكن لهذا الإنسان أن يهنأ بحياة. وكما في الحديث (الخائف لا عيش له)».
واعتبر العصفور أن «الاستقرار والأمن أساس رخاء المجتمعات وتقدمها، ونموها وتطورها، وبدون ذلك لا يمكن لمجتمع أن يزدهر أو يتطور، ولا يتحقق لديه رخاء اقتصادي، فمجال التجارة والاقتصاد والأعمال، لا يمكن أن تنمو وتتطور وتزدهر دون استقرار، كما في الحديث (رفاهية العيش في الأمن)، باعتبار أن الأمن أساس وركيزة لكل تطور ونماء».
ونوّه العصفور أنه «لابد أن نفهم الأمن بمفهومه الكامل والشامل، في كل مجالات الحياة ومتطلباتها، والذي يعني تحقق الأمن النفسي والاجتماعي والمعيشي».
وأفاد «في الحديث أيضاً جاء أنه (ثلاثة أشياء يحتاج إليها جميع الناس، الأمن والعدل والخفض)، فالحديث يؤكد على ثلاثة محاور أساسية وضرورية لابد من توافرها في المجتمع لتحقيق أي تقدم، الأول الأمن، وبدونه فإن وظائف الحياة تتوقف وتتعطل».
وتابع «المحور الثاني هو العدل، وبدونه لا يستحق الاستقرار الطبيعي المطلوب، فبالعدل تصان الحقوق، وتكفل الحريات، ويأمن الإنسان على نفسه وماله ودينه أيضاً. وبدون ذلك تكون الحياة ناقصة أو منقوصة، أما المحور الثالث فهو الخَفض، وهو الرخاء الاقتصادي والمعيشي، بتوافر الحاجات الأساسية والضرورية، لما يحقق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي للمجتمع، من زراعة وصناعة وغير ذلك، بحيث يكون البلد مستقلاً ومكتفياً».
وذكر العصفور أن «الواقع أن العالم العربي، ورغم الإمكانات، وتوافر المقومات الأساسية للنماء، والاكتفاء الذاتي في بلدانهم، إلا أنها متأخرة جداً، في مجالات كثيرة، كالزراعة والصناعة، مضافاً إلى ضعف الإنتاجية، كما جاء في تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية».
وبيّن أن «هذا يرجع إلى انعدام التخطيط، وفقدان الرؤية المستقبلية بهذه البلدان، بحيث أصبحت تستورد أكثر من نصف احتياجاتها الرئيسية، رغم توافر المواد الطبيعية، من مياه وأراضٍ زراعية، وموارد بشرية، كما أن ضعف مجال الصناعة أو غيرها، أدى إلى انتشار البطالة والفقر، وتزايد هجرة العقول العربية إلى الخارج، مما فاقم المشكلات، وخلق الأزمات، فلا سبيل للخروج من هذه الأوضاع إلا بالإصلاح الشامل، والاهتمام بالتنمية البشرية، والبرامج الكفيلة، بزيادة الإنتاج وتنوعه».
مطر يدعو إلى التفاؤل بنصرة المسلمين على الغرب
على صعيد آخر، دعا إمام وخطيب مسجد أبي بكر الصديق، الشيخ علي مطر، إلى التفاؤل وعدم فقد الأمل بنصرة المسلمين على أعدائهم، مشيراً إلى أن ذلك يحتاج إلى التمسك بالله عزّ وجل، وبالشريعة الإسلامية.
وقال مطر في خطبته يوم أمس الجمعة (24 فبراير/ شباط 2012): «يكثر حديث الناس هذه الأيام عن أعداء الأمة وتسلطهم على بلداننا وتدخلهم في شئوننا، وخططهم ومحاولاتهم المتكررة لإثارة الفتن وتفريقنا وتمزيقنا وإضعافنا، هذا فعلهم وهذه هي مؤامراتهم، فيجب علينا أن نحسن الظن بالله تعالى، ونثق بوعده بنصر المسلمين، وأن المستقبل للإسلام، طال الزمان أم قصر، وألا نيأس ولا نفقد الأمل أبداً، ويجب علينا ألا نخاف، وألا يصيبنا الإحباط من قوة أعداء المسلمين والعرب، وما يكيده أعوانهم من المنافقين والخونة». وأوضح مطر أن «البلاد الغربية كم بذلت من جهد لحرب المسلمين، ولكن يشاء الله تعالى، أن تلك الدول الغربية تغزى من فئات مسلمة مسالمة هاجرت لطلب الرزق والعلم وغير ذلك، ثم ما لبثت حتى نشرت الإسلام في تلك الدول وأقامت المساجد والمراكز الإسلامية، حتى دخل في دين الله تعالى الملايين من البشر، فهم يحاربون الإسلام، والإسلام ينبع من بلدانهم».
ورأى مطر أن «إذا أردنا العزة والكرامة والانتصار والغلبة، علينا أن نرجع إلى الله تعالى، وأن نتمسك بشرعه وصراطه المستقيم، ونحقق التوحيد الخالص، والعبادة الحقة له جل شأنه، والبعد عن كل ما يسخطه سبحانه، والأخذ بأسباب النصر، والتمكين في الأرض»