الحرب في لبنان تشكل مصير أولمرت
القدس المحتلة - دان وليامز
كانت الرسالة التي يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت توصيلها إلى حزب الله هي أن الجيش سيكشف عن آلاته العسكرية الجبارة في مواجهة الجماعة ردا على الكمين الذي نصبته.
كان أولمرت يحاول الظهور بمظهر القوة بهدف هز المنطقة وتحذير سورية وإيران اللتين تدعمان حزب الله بعد العملية التي قام بها عبر الحدود يوم 12 يوليو/ تموز والتي أسر فيها جنديين وقتل آخرين. وكان هناك كذلك مكسب شخصي بصورة اكبر. إذ ينظر لاولمرت الذي عمل مسئولاً حكومياً طوال سنوات عمره على أنه يسعى لرفع أسهمه في المجال العسكري في أية مواجهة مستقبلية مع الفلسطينيين بشأن الضفة الغربية. ولكن مع ارتفاع عدد القتلى المدنيين اللبنانيين بشكل متزايد تراجع التأييد الخارجي لـ «إسرائيل». وتثور شكوك بشكل غير معلن في الداخل بشأن استراتيجية أولمرت في ظل الهجمات الصاروخية التي يطلقها حزب الله على شمال «إسرائيل» وعدم وجود أي اثر للجنديين الأسيرين. وقال مصدر أمني كان مقربا من التخطيط للحرب إنه يتصرف بشكل أهوج.
وخلال غالبية فترة الأسابيع الثلاثة الماضية ظل أولمرت مصرا على مواصلة الهجوم. ومما عزز موقفه التأييد الواسع بين المواطنين وصناع القرار الإسرائيليين إلى جانب موافقة ضمنية من الولايات المتحدة وبعض الحلفاء الأوروبيين.
وتغير ذلك بعد أن قتل قصف إسرائيلي 54 مدنياً في قرية قانا بجنوب لبنان يوم الأحد. وتحت ضغوط من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس وافق أولمرت على الحد من تلك الهجمات الجوية من دون التشاور مع كبار القادة العسكريين أولا فيما يبدو.
وتوقعت إحدى الصحف أن أولمرت سوف «يتوقف» ما يعيد للأذهان كيف أن رئيس الوزراء السابق شمعون بيريز ألغى هجوما مماثلا ضد حزب الله في العام 1996 بعد أن ضربت قذيفة مدفعية إسرائيلية قانا فقتلت أكثر من مئة لاجئ. ولكن أولمرت ظهر في اليوم التالي بكلمة ألقاها ونقلها التلفزيون مؤكداً فيها أن «إسرائيل» ستواصل الحرب «جواً وبحراً وبراً» إلى حين القضاء على حزب الله. ولمح بعض المعلقين نبرة إصرار مماثلة لما كان يتسم به رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في الحرب العالمية الثانية. ولكن آخرين لم يتأثروا كثيرا بهذه الكلمة.
قال يوسي فيرتر من صحيفة «هآرتس» ذات التوجهات اليسارية «كانت كلماته قوية، ولكنها حملت قدرا من الغموض بشأن أهداف الهجوم، مازال الشعب والحكومة وراءه، ولكن هناك علامات استفهام تبرز طوال الطريق وهناك تغيير ملحوظ في المناخ العام». تولى أولمرت السلطة بشكل مفاجئ في يناير/ كانون الثاني عندما أصيب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ارييل شارون بجلطة في المخ.
وخلال الشهور الأولى التي قضاها أولمرت في منصبه ربما كان يسأل نفسه عند مواجهة أزمات بسيطة «ما الذي كان سيفعله اريك في هذه الموقف» في إشارة إلى شارون. وعاد هذا السؤال يطارده بقوة بسبب الحملة على لبنان. قال جيرالد ستاينبرغ من جامعة بار ايلان الإسرائيلية إن شارون ربما كان سيأمر باجتياح بري للبنان لتوجيه ضربة قاصمة لحزب الله منذ البداية في حين أن أولمرت اعتمد بشدة على القوة الجوية حتى لا يظهر في صورة الجيش المحتل. وقال ستاينبرغ «أعتقد أنه في الوقت الراهن يبدو اولمرت في موقف ضعف وإذا لم ينته الموضوع على ما يرام فسيواجه تحديات صعبة» مضيفاً أن من غير المرجح أن يكون شارون متفقا مع خليفته في إيمانه بقوة حفظ سلام مقترحة للبنان.
وقال ستاينبرغ «لم يكن لدى شارون أية قناعات بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي». ولكن بن كاسبيت وهو مراقب محنك آخر لعصر شارون وهو من صحيفة «معاريف» اتخذ موقفاً مختلفاً. وقال إن رئيس الوزراء السابق كان من الممكن أن يبرم صفقة إدراكا منه لحدود القوة العسكرية في مواجهة جماعة رجال حرب عصابات لبنانية محلية. كما أن شارون واجه معوقات دبلوماسية لكونه دبر غزو لبنان عندما كان وزيرا للدفاع في العام 1982 والذي انتهى باستقالته بعد الخزي الذي أحاط به عندما قتل أفراد ميليشيا مسيحية لاجئين فلسطينيين.
وأشار كاسبيت إلى أن مثل هذه الصفقة حدثت فعلاً بوساطة ألمانية بين «إسرائيل» وحزب الله في العام 2004 خلال تولي شارون رئاسة الوزراء. ولكن كاسبيت توقع أن ينجح الهجوم الذي يقوده اولمرت في إضعاف حزب الله وتحسين الوضع الاستراتيجي لـ››إسرائيل›› في مواجهة إيران وسورية. ويصر هذان البلدان على أن دعمهما لحزب الله معنوي أكثر منه عسكريا