قاسم: لا تنازل عن الإصلاح... والقطان: الأمن في الأوطان مطلب عزيزٌ وأساس الحضارة المدنية
الوسط - محرر الشئون المحلية
شدد خطيب جامع الإمام الصادق في الدراز الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس الجمعة (16 ديسمبر / كانون الأول 2011) على أن لا تنازل عن الإصلاح، وقال: «إلى اليوم لا جديد هنا على الأرض ولا تغيير في الأوضاع، لا شيء من الانفراج، لا أثر للجان التحقيق وكثرة الوفود، ولكن الجديد آتٍ والإصلاح لا بد منه، والمطالب لا بد من تحقيقها، وإرادة الخيري لا بد أن تنتصر، والله لا يضيع عمل عامل».
وتحت عنوان «مساران»، أوضح قاسم أنه «ما تعطل الإصلاح في أي منهما بقيت الأزمة، وساءت الأمور من دون تراجع لإرادة التغيير عند الشعب وإن عظمت منه التضحيات، المساران هما المسار السياسي، والمسار الحقوقي، المسار الحقوقي ولما أصابه من تدهور خطير في الحقوق لدرجة فظيعة، يستحق الاهتمام والتركيز الشديد وتفرض الضرورة المطالبة المكثفة بإصلاحه، ومع أهمية المسار الحقوقي يبقى الفساد والخلل السياسي أساس المشكل ومنبع الفساد كله، فلا تنازل عن الإصلاح في أي من المسارين».
وقال قاسم: «لا، لن يكون المدافعون عن الظلم والفساد خوفاً على مصالحهم الشخصية وامتيازاتهم الظالمة القائمة على آلام المحرومين أشد حماساً وتضحية من المكتوين بنار الوضع الظالم والمتطلعين إلى الخروج من العذاب، على الذين يتمنون بقاء الأوضاع السياسية المنحرفة في البلاد العربية ومنها البحرين على ماهي عليه من صورة سيئة تتنافى وحقوق الإنسان؛ حرصاً على ما يستفيدونه من امتيازات محرمة ترتبط بهذه الأوضاع أن ييأسوا من ذلك، وليس لهم يوم يأتي نصر الله للؤمنين إلا أن تتقطع قلوبهم حسرات».
إلى ذلك، أكد إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أهمية الأمن في الأوطان، مبيناً أن الأمن في الأوطان مطلبٌ عزيزٌ، وكنزٌ ثمينٌ، هو قِوام الحياة الإنسانيّة كلّها، وأساس الحضارة المدنيّة أجمعها، تتطلّع إليه المجتمعات، وتتسابق لتحقيقِه السُّلطات، وتتنافس في تأمينه الحكومات، تُسخَّر له الإمكانات الماديّة، والوسائلُ العلميّة، والدراسات الاجتماعيّة والنفسيّة، وتُحشَد له الأجهزة الأمنيّة والعسكرية، وتُستنفَر له الطاقات البشريّة».
وذكر القطان، في خطبته يوم أمس (الجمعة)، أن «الأمن في الأوطان لا يُشتَرى بالأموال، ولا يُبتاع بالأثمان، ولا تفرضه القوَّة، ولا يُدرِكه الدهاء؛ وإنما هو منَّة ومنحَة من الملك الديَّان». واصفاً الأمن في الأوطان مع العافية والرِّزق بأنه هو الملك الحقيقي، والسعادة المنشودة.
وقال القطان إن مطلب الأمن يسبق طلبَ الغذاء، لافتاً إلى أنه «بغيرِ الأمن لا يُستساغ طعام، ولا يهنَأ عيش، ولا يلذُّ نوم، ولا يُنعَم براحة»، مؤكداً أنه «في ظلِّ الأمن تحفَظ النفوس، وتُصان الأعراض والأموال، وتأمن السبل، وتُقام الحدود، ويسود العمران، وتنمو الثّروات، وتتوافر الخيرات، ويكثر الحرثُ والنّسل، وينتعش الاقتصاد، وتتحقق التنمية. في ظلّ الأمن تقوم الدعوة إلى الله، وتُعمَر المساجد، وتُقام الجُمَع والجماعات، ويسود الشّرع، ويفشو المعروف، ويقلُّ المنكَر، ويحصل الاستقرار النفسيّ، والاطمئنان
الاجتماعيّ».
وأشار إلى أنه «إذا اضطرب الأمن ظهرت الفتَن، وتزلزلت الأمّة، وتخلخَلت أركانُها، وكثُر الخبث، والتبَس الحقّ بالباطل، واستعصى الإصلاح على أهلِ الحقّ».
وأضاف «إذا اختلَّ الأمن حكم اللّصوص وقطّاع الطريق، وسادت شريعةُ الغاب، وعمّت الفوضى، وهلك النّاس».لافتاً النظر إلى بلدان اختلَّ فيها الأمن، حيث «هلك فيها الحرث والنّسل، وسُلِبت الأموال، وانتُهكت الأعراض، وأزهقت الأرواح، وفسد المعاش».
واعتبر إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح أن «مسئولية حفظ أمن البلاد والعباد عظمى، فالجميع في سفينةٍ واحدة، ومَن خرقها أغرقَ الجميع»، مؤكداً أن «التهاونَ والتساهلَ في أمن الوطن، يؤدِّي إلى انفلاتٍ وفوضى، لا يمكِن ضبطها أو السيطرةُ عليها. إنّ هذا الإحساس الجادَّ بالمسئوليّة، وعِظم النتائج وخطورتِها، هو الذي يحمِل كلَّ عاقل وكل غيور على مصلحة وطنه، على رفضِ كل الأعمال الغوغائية والعبثية التي تقوم بها بعض الفئات، وعدم قبول أيّ مسوّغ لها، ولزوم فضح آثارها ونتائجها».
ودعا القطان كل مواطن ومقيم إلى أن يكون «رجل أمن، وأن يكون صالحًا مُصلحًا، يجمع الشّمل ويوحِّد الكلمة، يقوم على الحقّ، ويتخذ الحكمة له سبيلاً ومنهجاً في إسداء النصح والتوجيه، ويلتفّ حولَ ولاّة الأمر وطاعتهم في المعروف».
وتحدث القطان في خطبته عن حب الأوطان، معتبراً أن «المحبة للأوطان، والانتماء إلى الأمة والبلدان، أمر غريزي، وطبيعة طبع الله النفوس عليها، وحين يولد الإنسان في أرض وينشأ فيها فيشرب ماءها، ويتنفس هواءها، ويحيا بين أهلها، فإن فطرته تربطه بها فيحبها ويواليها، ويكفي لجرح مشاعر إنسان أن تشير إلى أنه لا وطن ولا مأوى له».
وبيّن القطان أن «البشر يألفون أرضهم على ما بها حتى ولو كان قبراً مستوحشاً، وحب الأوطان غريزةٌ مستوطنةٌ في النفوس تجعل الإنسان يستريح للبقاء فيه، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجم، ويغضب له إذا انتقص».
وأفاد القطان «عندما يفكر الإنسان في طبيعته، فسيجد أن له محبةً وولاءً وانتماءً إلى أسرته وعشيرته وأهل قريته، كما يحس بانتمائه الكبير إلى الأمة المسلمة باتساعها وتلون أعراقها ولسانها، إنه لا تعارض بين هذه الانتماءات، ولا مساومة عليها، بل هي دوائر يحوي بعضها بعضاً».
وقال إن «من حق بلادنا البحرين علينا أن نكون لتحقيق مصالحها سعاة، ولدرء المفاسد عنها دعاة، ولأمنها ورخائها واستقرارها حماة، ولوحدة صفوفها وشرائحها وطوائفها رعاة، من حقها علينا أن نسعى لرفعة شأنها في شتى الميادين، وأن نتعاون في مواصلة بناء صرحها الشامخ بإخلاص وهمة عالية». وتابع «ومن حقها علينا أن نتحلى بأفضل الأخلاق وأحسنها في داخلها وفي خارجها، حتى نعكس صورة جميلة عن هذا الوطن الحبيب الطيب في أذهان من نلتقي بهم في داخله وخارجه، ومن حق هذه البلاد علينا أن نتصدى لكل من يسعى في إفسادها، أو إفساد أهلها، وعلينا أن نتصدى لكل من يريد شق الصفوف، وإثارة الفتن، والإخلال بالأمن والاستقرار، بكل ما أوتينا من قوة البنان أو البيان، وأن ندافع عنها، ونذود عن حماها بالغالي والنفيس، بالكلمة والفعل في كل ميدان، وهذه هي الأمانة العظيمة التي يجب علينا أن نؤديها بإخلاص»