في خطبة الجمعة التي شهدت حضور حشد كبير من المصلين
قاسم: راجعوا أكثر من 450 خطبة جمعة وسأقبل النتيجة بكل ترحاب
شدد إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى أحمد قاسم، على أن الإصلاح السياسي والعام، حق ثابت، لا يمكن التراجع عنه، ولا وجود لحل يغني عن الإصلاح السياسي، الذي هو بداية الإصلاح العام.
وتحدث قاسم عن مفهوم «منبر الجمعة منبر رسول الله (ص)»، مشيراً إلى أن «منبر الجمعة أصلا إنما هو منبر رسول الله (ص) ثم أوفيائه، وليس لأحد أن يعتلي هذا المنبر في غيبتهم فضلاً عن حضورهم، إلا بإذن صاحب المنبر الأصلي في الشريعة الكاشفة عن إذن الله مالك الأمر كله.. . ومما لا يمكن أن يعترض عليه مسلم يحسن شيئاً من الإسلام أن وظيفة هذا المنبر في سيرة رسول الله (ص) الإسلام كما يريد الله عز وجل، لا كما يهوى الناس، وبعث روح التوحيد لله عز وجل في العقول والأرواح والنفوس، وإخلاص العبادة والطاعة له بلا شريك، والتمكين للعدل في الناس، ومطاردة الظلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستنهاض الأمة للعمل بدين الله وتطبيق منهجه في الأرض، والتوحد في سبيله، والتعاون على البر والتقوى، ومواجهة المنكرات والمظالم، والعمل على إحقاق الحق وإبطال الباطل».
وأضاف أن «منبر الجمعة في الإسلام راصدٌ ومراقبٌ أسبوعيٌ لحركة المجتمع بكل أبعادها، لتدارك أخطاء هذه الحركة، وما قد يعرض عليها من انحراف أو قصور أو تقصير أو تذبذب أو تردد، وتصحيح كل المسارات، ورد الأمور إلى نصابها، لا يستثنى من ذلك أمر اقتصاد أو اجتماع أو سياسة أو غير ذلك. ومن كان يقوم بكل ذلك وبصورة بعيدة عن الخلل والخطأ نهائيا... نعم، منبر الجمعة منبر رسول الله (ص) وهو لكل ذلك، وليس منبراً سلبياً لا يهمه من أمر المسلمين شيء، ولا ما يعتري الدين من سوء، والأمة من خلل، وما يحدث فيها من مظالم، وما يتهدد وجودها من أخطار، وما يراد بها من شر. وهو ليس لعون الظالم على المظلوم، وإقرار البغي وأي لونٍ من ألوان الفساد في الأرض أو الإخلال بموازين القسط في الناس، ثم إنه ليس للفوضى وتأجيج الفتن، وإثارة النعرات، وتفتيت المجتمع، وافتعال الأزمات، وإحداث المشاكل، وبغي الكلمة، وسلاطة اللسان، ولغته ليست لغة الشتم والسب والنيل من كرامة الناس بالباطل. لغته أحق لغة، وأكرم لغة، وأنزه لغة، وأعف لغة، وأزكى لغة، وأقوى لغة في الهداية والإرشاد والإصلاح».
وأضاف «أما عن هذا المنبر من منابر الجمعة، فلتراجع خطبه المتقدمة التي زادت على 450 خطبة فيما أظن، فلتراجع هذه الخطب وقبلها خطب أخرى في الجماعة، وكلمات تضاف إلى ذلك في المناسبات، فليراجع كل ذلك بدقة وأمانة وموضوعية ونزاهة للحكم له أو عليه بمقاييس الإسلام لا بغيرها، وعلى مدى محاولة اقترابه أو ابتعاده عن هدى دين الله وهدى رسول الله (ص)، وأنا أقبل النتيجة بكل ترحاب... هذا المنبر ومنذ أن كان منبراً للجماعة، ومنذ افتتاح هذا المسجد المبارك، قد أخذ على نفسه أن يكون للدين لا إلى أي جهة أخرى، وللإصلاح لا الإفساد، والوحدة لا التفرق، والحق لا الباطل، والهدى لا الضلال، وهذا العهد لا يمكن رفع يد عنه إلا بالتخلي عن قيم الدين وحكم الشريعة، ولا يفعل ذلك إلا خاسر».
وعقـَّب «ولا أظن أن شيئاً من خطب هذا المنبر تسجل شهادةً على خلاف ذلك، وأعجب كيف يقال إن هذا المنبر للفتنة والتأزيم، وتفريق صفوف المسلمين، وهو الذي ما فتئ يدعو بقوة لوحدة المسلمين وتراحمهم، ونصرة المسلم أياً كان مذهبه، واحترام الآخر، ورعاية حق الإنسانية لأي إنسان، ومقابلة الكلمة الهابطة بالكلمة المترفعة، وعدم هدر قطرة دمٍ من غير حق، أو إتلاف ما هو بمقدار فـَلـْسٍ واحدٍ من ثروة الوطن، والحرص على حقوق أهل كل الطوائف ومختلف أطياف هذا الوطن، وتركيز الشعارات على القضايا دون الأشخاص والذوات، وعدم الاستبدال عن الخط السلمي بأي خطٍ آخر».
وقال «أمورٌ ثلاثة سيبقى هذا المنبر بعيداً عنها كل البعد وكذلك كان: أن يحقق رغابات السياسة، أن يكون شيطاناً اخرس، أن يكون فتنة وفوضى... أمرٌ واحدٌ فحسب يلتزمه هذا المنبر، وهو أن يكون للدين وصالح المسلمين والوطن، ثم إن مرجعيتي فيما يجوز وما لا يجوز في أمر الجمعة وفي كل أمر آخر، هي مرجعية كل مسلم اليوم فيما يجب، وذلك أن يكون المرجع هو الكتاب والسنة بصورة مباشرة أو عن طريق أهل الفتيا من العدول على ما هو التفصيل في بابه، ولا أعرف أن لي أو لأحدٍ من المسلمين مرجعاً غير ذلك من وزارة أو غيرها في تلقي أمر الدين وحكم الشريعة».
وفي شأن آخر قال «أقولها نصيحةً جلية لا غبار عليها، وأعلنه حقاً ثابتاً لا مراء فيه، أن لابد من إصلاح عام وسياسي بالخصوص يرضي الشعب، وهو أوله ـ والإصلاح السياسي أول الإصلاح العام - إذ لا حل يغني عن هذا الحل، ولم يعد بالإمكان التنكر له، ولا مهرب لأي نظامٍ سياسيٍ يبحث عن البقاء في الأرض اليوم بدونه، وكل محاولة للهروب منه يائسة، والتبكير واقٍ، والتأخير مجازفة»