دعا إلى خلق حالة من الأمن يكون فيها كل طرف حارساً للآخر
قاسم: سياسة الإصلاح والصدق توفر الجهود وتعطي تلاحماً بين الشعب والحكومة
اعتبر إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبته أمس الجمعة (13 مايو/ أيار 2011)، أن «سياسة الإصلاح والصدق والإخلاص للشعب ومصالحه، واحترام رأيه ووجهة نظره، والعمل على رفع مستواه وتوحيد صفوفه وتلاحمه سياسة تعطي تلاحماً بين الشعب، وتلاحماً بينه وبين حكومته، وتوفر كل الجهود لتصب في صالح الوطن كله وإثرائه وارتقائه وتقدمه، وتخلق حالة من الأمن المتبادل، وأن يكون كل واحد من الطرفين حارساً للآخر، محافظاً على أمنه الذي هو من أمن نفسه وعلى مصلحته التي لا تنفصل عن مصلحتها».
واستعرض قاسم فروضاً في العلاقة بين الشعوب وحكوماتها، موضحاً أن «هناك سياسة القمع والشدة والعصا الغليظة وما يدعمها من قوانين تعسفية جائرة، وهي سياسة لابد لها من توليد ردود فعل ساخطة مبكرة أو متأخرة، وقد تنتهي إلى تفجرات خطيرة كما شهده أو يشهده عدد من الساحات العربية هذه الأيام، إذ الشعور بالذات لا يموت، وصوت الحرية في الكثيرين وعند الكثيرين لا يقبر».
وأضاف «كما توجد لدى الحكومات سياسة المراوغة والوعود الحالمة الكاذبة والتسويفات المستمرة والتسويقات الزائقة، وهذه سياسة إن خدعت بعض الوقت فإنها تسحب الثقة في الأخير، وتنتهي إلى النتيجة نفسها التي تنتهي إليها السياسة الأولى».
وبيّن قاسم أن «كثيراً ما تتعرض علاقة الحكومات بشعوبها إلى الاهتزاز والمشاكل المعقدة، وذلك ليس من فراغ، وإنما في الأكثر لأسباب موضوعية موجبة تتمثل في الأغلب في التوجهات السياسية غير العادلة، والتعملق والتمدد في الثروة والقوة على حساب الشعوب وامتصاص جهودها، وسوء التعامل، والقوانين الجائرة التي تنتصر للقوي على الضعيف، وعلى المظلوم للظالم».
وفي جانب آخر من خطبته، وتحت عنوان لا استكبار ولا استضعاف، أشار قاسم إلى أنه «تنتشر في المجتمع العالمي حالة الاستكبار والاستضعاف، وهي ليست ظاهرة وليدة في وقت قريب، إنها ظاهرة مرضية صاحبت تاريخ الإنسان في كل عصوره وبقيت ملازمة له، وهذه ظاهرة ذات شقين متلازمين ما كان استكبار إلا وكان معه استضعاف».
ورأى أن «ما يدفع لهذه الحالة أساساً هو حب الظهور والسيطرة، وما يغري بها اختلاف ميزان القوى في الناس، وما تعمل عليه روح السيطرة من أجل التمكين لحالة التفوق الخارجي والاستعداد والإذلال للآخر هو المزيد من الاستضعاف للمستهدف وتجفيف منابع قوته وممانعته حتى يتم إحكام السيطرة وضمان استمرارها».
وأضاف «يعمل طالب السيطرة على الغير واستعباده على أن يزيد مستوى قوة نفسه، وتجميع كل ما استطاع من أسبابها بيده، وأن يسد كل منابع القوة التي تصب في صالح مستهدفه ومنع مناشئها، وتتجه عملية استضعافه له في كل الأبعاد من سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وأمني ونفسي وديني وصحي، وأي بعد آخر يمكن أن يكون سبباً للنهوض والقوة والقدرة على الممانعة».
وأضاف قاسم «لا تنشأ ظاهرة الاستكبار والاستضعاف في ظل عقيدة التوحيد وحضورها في نفس الإنسان، لأن في استكبار العبد تنكراً واضحاً لعبوديته وتمرداً على حق الله في الخضوع له، وإرادته في المساواة بين عبيده في واقع العبودية وإذعانهم لها، والاستسلام للاستضعاف منافٍ هو كذلك لقضية التوحيد لأن فيه تشجيعاً على دعوى الربوبية الكاذبة من المستكبر، واستجابة لرغبة الإشراك بالله سبحانه ومنافاة لإخلاص العبودية له»