لن نزرع أية نبتة لحقد طائفي في البحرين
قاسم: الخيار الأمني لا يمكن أن تقوم عليه حياة والحل في الإصلاح الشامل
رأى الشيخ عيسى أحمد قاسم أن «الخيار الأمني في معالجة الأزمة السياسية التي تمر بها البحرين لا يمكن أن تقوم عليه حياة أو يبنى عليه مجتمع أو تستقر (معه) الأوضاع، مؤكداً أن «الحل الأمثل يمكن في الإصلاح الشامل، وفيه الدواء وراحة الجميع وربح الوطن، وسيبرهن الحل الأمني على أنه ليس الحل، وأنه لا يصح التعويل عليه، وأن الحل له مخرجٌ آخر».
وقال قاسم في خطبة الجمعة بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز يوم أمس الجمعة (1 أبريل/ نيسان 2011): «إن الحل الأمني يعني في بعض صوره وتطبيقاته العملية وانتشاره وتفاقمه، عزل كل شيءٍ آخر جانباً، وتحكيم أسلوب القوة الباطشة بكل مفرداته. ويتناول العزل القيم الدينية والإنسانية، والأعراف الاجتماعية، وكل المواثيق والدساتير والقوانين، والشرائع السماوية، وخلق الفطرة، وضوابط السلوك، ومقدرات الإنسان».
واعتبر أن «هذا المنطق يمكن له أن يهدم حياة، وأن يحطم أجساداً، وأن يرهق أعصاباً، وأن يهدم مجتمعاً، وأن يبعثر بناء، وأن يقلق نفوساً، وأن يخيف ويرعب ويفزع، وأن يزرع بغضاء، وأن يولد أحقاداً. ويستحيل عليه أن يبني ائتلافاً، وأن يجمع شتاتاً، وأن ينعش اقتصاداً، وأن يكسب مودة، وأن يؤسس لحياةٍ مريحة وأمنٍ مقيم وشرعيةٍ على الحقيقة».
وأضاف أن «هذا المنطق يمكن له أن يخفض الصوت الآخر أو يسكته إلى وقتٍ قصيرٍ أو طويل، لكنه يعمق المشكل، ويوسع الفجوة، ويبعد الشق، ويكثف من أسباب الانفجار، ويؤلب على صاحبه بفعل حكومة الضمير».
وأكد أن «هذا المنطق لا يمكن أن يُسقط قيمة الحقوق، ولا يملك أن ينسيها أو يلغيها، أو يعالج مخاطر التنكر لها وإهمالها، أو يُقبر إلى الأخير الصوت المجاهر بها».
وأردف أن «الحاجة إلى الإصلاح ومقتضيات الإصلاح تبقى على ما هي عليه، والمطالبة بها لا تسقط، والمزيد في التدهور والفساد لابد أن ينتهي إلى نتيجته الحتمية من السحق والدمار للجميع، كما في كل الدنيا وكل التاريخ»، موضحاً أن «يستحيل أن تستوي نتائج الفساد والصلاح، والخطأ والصحيح، والاستقامة والانحراف، والأخذ بما هو حق وما هو باطل، فكلما افترق الطريق والاتجاه من دون لقاء لابد أن تفترق النهاية».
وواصل حديثه «للبغضاء التي يشتريها شخصٌ أو دولةٌ ثمن، ولشراء المودة ثمنٌ آخر. الإساءة والظلم ثمنٌ تشترى به بغضاء الخلق، والإحسان والعدل ثمنٌ للمودة»، مبيناً «قد يكلف ثمن البغضاء يزرعها مشتريها في نفوس الآخرين أضعاف ما يكلفه ثمن المحبة، والعديد من الناس العاديين والعديد من الحكومات يكثر الخطأ عنده في هذا المجال».
وأشار قاسم إلى أن «هناك أمرين لا يفوت عاقل إدراكهما؛ أولهما أن سياسة العنف والإرهاب من أية حكومةٍ مع شعبها تخلق حالة عداءٍ بين الطرفين. وثانيهما أن هذه العلاقة العدائية لا يستقيم معها أمر شعب ولا حكومة، ولا تبقى راحة لأيٍّ من الطرفين، وتنزع الأمن من كل ربوع الوطن».
ونوّه إلى أن «الصراع في أي وطنٍ يكون من ورائه ظلم، وهو مكلِّفٌ لكل أطرافه، ولكن تزيد محنة الصراع وكلفة الصراع وخسائر الصراع، عندما يكون صراعاً بالوكالة عن طرفٍ أو أكثر من خارجٍ لا تهمه مصلحة الوطن على الإطلاق».
وقال: «أما عن الوضع الأمني المحلي بخصوصه، فإن الحالة المعاشة من أعلى درجات حالات الطوارئ، وفيها انفلات في المقاييس، وتمثل زيادة في تعقيد الوضع، وتباعداً عن طريق الحل».
وشدد في قوله: «أما عن الطائفية، فلن نزرع في هذه الأرض أية نبتة لحقدٍ طائفي، قد أخذنا على أنفسنا هذا، ونحن ملتزمون به دائماً. وأهم ما يجعلنا كذلك وأن نعمل في صالح وحدة المجتمع والأمة، هو إيماننا بالإسلام، ووعينا لأهدافه، واحترامنا للحكم الشرعي، الذي لا يسمح بالدعوة والتأسيس لفرقة الأمة، ويدعونا ويلزمنا بالعمل على تثبيت وحدتها، وهذا حقٌّ ثابتٌ على كل مسلم، والمتخلي عنه إنما هو مفرطٌ بالإسلام».
وختم خطبته بقوله: «أما المطالبة بالحقوق بالأسلوب السلمي فهي أمرٌ آخر لا مساس له بالوحدة الإسلامية، وإنما ينسجم معها، ولا يعترض عليها مسلمٌ ولا عاقل»