قاسم: منطق القوة يسد منافذ حل الأزمة ولا مناص عن السلمية في المطالبة بالحقوق
رأى الشيخ عيسى أحمد قاسم أن "منطق القوة الباطشة، المنفلتة، المستبيحة، المسرفة (...)هي لغة الغاب التي لا مكان لها في العالم اليوم". وقال: "لا يمكن لهذه القوة الاستمرار وأن يستعاض بها عن الاعتراف بالحقوق والكرامة، هذه اللغة تزيد في استحكام الأزمة وتتصاعد بها، وتسد كل منافذ الحل الذي لا يحتاجه طرفٌ دون طرف، ولا بديل عنه لأحدهما".
وبيّن قاسم في خطبته بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز أمس الجمعة (25 مارس/ آذار 2011) أن "التحرك في البحرين وعلى رغم كل الآلام والضحايا والانتهاكات لم يغادر خط السلم، وهو مصرٌ على التزامه السلمي، ولا يصح له غير ذلك".
الحياة اختبار
وبدأ قاسم خطبته في الحديث عن الحياة واختباراتها وابتلاءاتها: "تجلينا الحياة بمختلف ابتلاءاتها، بشدتها ورخائها، بسرائها وضرائها، بالألوان المختلفة من امتحاناتها وفتنها على حقيقتنا، ومن هو أحسن عملاً وأسوأ عملاً، ومن هم الصادقون ومن هم الكاذبون، ومن هم أهل الجنة ومن هم أهل السعير".
وتابع أن "الشدائد لا تبقى، والعسر لا يدوم، والأيام لا تثبت على حال، والأزمة لابد أن تنفرج، وكلما تضيق حلق البلاء قرب الفرج، وليس أنس للنفس المستوحشة من العسر المتأزمة للضيق".
وذكر أن "قد جاء ضيق كل أزمة لتنفرج، وإذا كان البلاء لابد منه فلابد من الصبر، ولا يعفى أحدٌ من الناس من البلاء، لا مؤمن ولا كافر، ولكن، يتفاوتون في الربح والخسارة، ولا سبيل للنجاح في الامتحان إلا بالصبر والاستقامة على منهج الدين، والأخذ بالشريعة والتقيد بأحكامها، وإخلاص القصد لله والرضا بما حكم".
كيف نكون؟
وتحت عنوان كيف نكون، بيّن قاسم أنه "في الناس منصف وغير منصف، وعادلٌ وظلوم، وفي المسلمين جميعاً مدركٌ وغير مدرك، ومُشفقٌ على الأمة ووحدتها وغير مُشفق، وحريصٌ على عزتها وكرامتها وغير حريص، ومن يحب الخير لكل أبنائها ومن لا ينظر إلا إلى مصلحته، ومن لا يفرق في الحقوق والواجبات الاجتماعية بين أهل مذهبٍ ومذهب، وبلدٍ وبلد، وقوميةٍ وأخرى، ومن يؤمن بالتفريق ويصر عليه".
وأكد أن "علينا أن نجاهد أنفسنا، لنكون المسلمين الواعين المخلصين لدين الأمة وأبنائها ووحدتها وعزتها وكرامتها، لا ندعو لفرقة ولا نستجيب لها، ولا تغيرنا الخطوات المستفزة على طريقها".
وأردف "إذا قلنا هيهات منا الذلة، علينا أن نقولها نفياً لها عن كل مسلم، وطلباً للعزة والكرامة له. فنحن لا نقول هيهات منا الذلة لنثبت الذلة لمسلمٍ آخر، وعلينا أن نكون طلاباً للعزة والكرامة والخير لأنفسنا ولكل مسلمٍ ولكل إنسان".
رؤيتنا
واستطرد قاسم في خطبته بالقول إن "رؤيتنا أن أي إرادةٍ بشريةٍ لا يصح أن تتحكم في إرادةٍ بشريةٍ أخرى، وأن الناس إما مُسلمٌ لحكم الله سبحانه وإما غير مُسلم، والأول مذعنٌ لحكم ربه حاكماً كان أو محكوماً، والثاني شخصاً كان أو قبيلة أو حزباً، أو من أهل دينٍ معين أو مذهبٍ معين، أو كان قطراً أو قومية، لا يكون حكمه في الناس إلا برضا وتوافقٍ وتعاقد".
وأوضح أن "لا يصح حكم الغاب وأن تمضي الإرادة البشرية، بما هي إرادةٌ بشرية، ورأيٌ متسلطٌ، بما هو رأيٌ متسلط على الآخرين".
وأفاد بأن "لو كانت إرادة الرسول (ص) إرادةً بشرية، ما كان له الحق أن يفرضها على إرادةٍ بشريةٍ أخرى، وإنما لأن إرادته من إرادة الله ولأن رأيه من حكم الله كان على الناس أن يستجيبوا لطاعته".
وتساءل قاسم: "كم فرح الشعب البحريني لفرح الشعوب المسلمة الأخرى، وكم تألم لألمها، لا يفرق بين شعبٍ وشعب، وبلدٍ وبلد، وأهل مذهبٍ وآخر؟". وشدد في قوله "شعبٌ هذا شأنه، حق له أن تفرح الشعوب لفرحه، وتحزن لحزنه، وتتألم لألمه، وأن تكون له في الحق لا عليه، وأن تضم صوتها إلى صوته المطالب بحقوقه".
ولفت قاسم إلى أن "كل حركات الساحة العربية سجلت درجةُ عاليةُ من السلمية، وإن أخرج بعضها عنف السلطة وقسوتها إلى أسلوبٍ آخر يواجه القوة بالقوة".
واعتبر أن "التحرك في البحرين وعلى رغم كل الآلام والضحايا والانتهاكات لم يغادر خط السلم، وهو مصرٌ على التزامه، ولا يصح له غير ذلك، وهذا يزيد في وجوب تأييد هذا الشعب، ودعم هذا الشعب، وتأييده والوقوف معه، لا أن يكون الآخرون عليه أو يقفوا موقفاً غير مبالٍ من محنته".
التكافل الإجتماعي
وختم قاسم خطبته بالدعوة إلى "كونوا مجتمعاً متكافلا، يتحسس بعضه حاجة بعض، ولا يترك للحاجة أن تفترس بعضه، أو تضر به، أو يقع في ذلها، وتنهش من صحته أو دينه أو نفسيته، أو تنال من عزته وكرامته، وبهذا تكونون محل نظر الله ولطفه ورحمته"