دعا الطلبة والطالبات لمراعاة حقوق الأخوّة ونهى عن معاداة المجنسين
قاسم: لا تكن قابيل تقتل أخاك السني أو الشيعي فتدخل بقتله النار
الوسط - محرر الشئون المحلية
قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ عيسى أحمد قاسم، في سياق ما يحدث من فتنة طائفية «لا تكونن قابيل، تقتل أخاك المسلم ـ وكلكم مسلمون ـ فتبوء بإثمك وإثمه وتصبح من الخاسرين. لا تكن قابيل تقتل أخاك السني فتدخل بقتله النار أو تقتل أخاك الشيعي فتدخل بقتله النار، وأنت في الوقت نفسه تقتل نفسك».
وأضاف قاسم: «أؤكد على أن يقف كل الشيعة ضد أي عدوان على إخوانهم السنة، وأن يقف السنة ضد أي عدوان على الشيعة». وشدد على «أن أي شيعي يستبيح من أخيه السني قطرة دمٍ يكون قد أباح دم إخوانه من الشيعة، وإن أي سني يستبيح من أخيه الشيعي قطرة دمٍ يكون قد أباح دم إخوانه من السنة. وهكذا يكون الجاني جانياً على الجميع».
وعلى الصعيد السياسي ركز قاسم على أن «الإصلاح والتغيير لا يمكن تحقيقه من غير ثمن وخسائر، وأن كلفة الإصلاح والتغيير تتضاعف كلما طال عمر الظلم. ورأى قاسم في خطبته أمس أن «كل المتاعب التي تتطلبها عملية الإصلاح وإن عظمت وألمت، لا تكاد تساوي شيئاً من المتاعب والخسائر والكوارث التي يجر إليها استمرار الفساد والانحراف».
ورأى أنه «بمبادرة المسئولين بالإصلاح والاستجابة السريعة له تتوقف كل المتاعب والخسائر، فالضغط كل الضغط إنما يجب أن يوجه إلى هذا الطرف بالخصوص، لأنه الطرف الذي يملك مفاتيح الحل، وبيده إمكانات حلحلة الأمور، ولم يؤخذ منه شيءٌ حتى يطالَب الآخرُ له بإرجاعه إليه. الشعوب لم تأخذ شيئاً، الأنظمة هي التي تأخذ من الشعوب، وهي المدينة بالحقوق للشعوب»... وهذا نص الخطبة:
ضريبة التحرك السياسي
الفساد وضعٌ شاذ، والظلم والفساد وانحراف الأوضاع وتراكم الخطأ والاستمرار في البغي طريق الهلاك، وهو منتهٍ حتماً بالمجتمعات إلى الهاوية. ولذلك انصب صوت الشرائع السماوية العادلة، والأخلاق المنبثقة من خط السماء، وكل الشرائع المتعقلة على المناداة بالعدل ومحاربة الظلم والفساد. وكلما طال عمر الظلم والفساد تعمقت الأزمة، وتجذرت، واتسع نطاقها، وزادت في شقاء المجتمعات، وصعُب الإصلاح وكلّف الكثير.
ولا إصلاح ولا تغيير من غير ثمنٍ وخسائر، والمسئولية في ذلك إنما هي مسئولية الظلم والفساد الذي لابد من مواجهته وإلا محق الحياة محقا، بعدما يحولها إلى شقاء.
وتصعب كلفة الإصلاح والتغيير وتتضاعف كلما طال عمر الظلم، ويرجع استمرار الخسائر والمتاعب التي ترافق عملية الإصلاح إلى عدم الإستجابة إليه على ضرورته والتمسك بخيار الظلم والفساد. والخسائر والمتاعب المرافقة للإصلاح لا تمثل إفرازاً لطبيعته، وإنما هي من إفرازات الظلم الذي يراد معالجته ومن عطاءاته الصديدية السيئة، وبسبب البنية المتردية للأوضاع والنفوس والمصالح الضيقة والحسابات الأنانية التي تعطي رد فعلٍ معاكس من جنس طبيعتها في مقاومة شرسة للإصلاح لا تعرف شيئاً من الدين والخلق القويم.
وكل المتاعب التي تتطلبها عملية الإصلاح وإن عظمت وألّمت، لا تكاد تساوي شيئاً من المتاعب والخسائر والكوارث التي يجر إليها استمرار الفساد والانحراف. كلف الإسلام كثيرا، ولكن كان الإسلام ضرورة ويبقى الإسلام ضرورة، وقد وقى البشرية من هلاكٍ محتم.
وطالبو الإصلاح الحقيقيون يتحاشون أية خسارة وأي تعب لأي إنسان في مجتمعاتهم تضيفها حركة الإصلاح فوق ما تتسببه وضعية الانحراف التي يسعون لتخليص المجتمع منها، وإلا انحرفوا بما يضيفونه من خسارة عن خط الإصلاح.
والكل يتمنى أن يكون التحرك السياسي الإصلاحي بلا أي أثرٍ سلبيٍ اقتصاديٍ أو اجتماعيٍ أو غيرهما، ولكن كما تقدم إن حركة الإصلاح وهي تصطدم بإرادة الوضع المنحرف لابد أن تتسبب في شيءٍ من الصداع للمجتمعات، وهو الشيء الذي تفرزه أوضاع الانحراف ومقاومتها الشرسة ومكرها السيئ وألاعيبها وحيلها الملتوية، وإن حرص كل المصلحين على النأي بالمجتمع عن كل الخسائر.
وبالإمكان أن يتقلص حجم الخسائر ويقل جداً وأن يتخلص منها نهائياً وبسرعة لو بادرت كل الفئات بالانضمام إلى صوت الإصلاح، والوقوف مع العدل، ومناهضة الظلم، والقول عما هو حقٌ بأنه حق، وعما هو باطل بأنه باطل من غير مواربةٍ أو لفٍ ودوران.
وبمبادرة المسئولين بالإصلاح والاستجابة السريعة له تتوقف كل المتاعب والخسائر، فالضغط كل الضغط إنما يجب أن يوجه إلى هذا الطرف بالخصوص، لأنه الطرف الذي يملك مفاتيح الحل، وبيده إمكانات حلحلة الأمور، ولم يؤخذ منه شيءٌ حتى يطالب الآخرُ له بإرجاعه إليه. الشعوب لم تأخذ شيئاً، الأنظمة هي التي تأخذ من الشعوب، وهي المدينة بالحقوق للشعوب.
نعم عليَّ وأنا أطالب بالإصلاح أن أُحسِن الخطاب، أن أُحسِن التصرف، أن اتجنب الإساءة، ألا أثير غيبة، ألا أخالف حكماً شرعيا، ألا أسيء النية، ألا أضمر ظلم أحد، أن أحسن الخلُق، ثم لا لوم بعد ذلك على من رفع صوته يطالب بالإصلاح واسترجاع الحقوق.
الجماهير مُطالِبة وليست مُحارِبة
ثم إن الجماهير المحتشدة والمتظاهرة ما هي إلا مُطالبة بالحقوق الوطنية وليست مُحاربة، وقد أبدت انضباطاً عالياً كل هذه المدة، وينبغي لها أن تتمسك بهذا الانضباط والنأي بنفسها عن العدوانية والشراسة، وعدم الاستجابة للاستفزاز. وهي بذلك لا تسجل إلا عقلانيةً وتدينا، وحرصاً على الأخوة الإسلامية والمصلحة الوطنية مما يُحسب لها ولا يُحسب عليها. وبذلك تُسدُ الذرائع أمام كل المشككيين وكل المتقولين.
والمحاولات لن تكف عن قسمة هذا الشعب، وإدخاله في حلبة الصراع الجاهلي البغيض حتى الحرب الطائفية، ليتفرج المستربح من هذا الصراع والحرب ويستثمر جراحات الشعب وآلامه وآهاته لصالحه.
المطالبة بالحقوق السياسية أو غيرها مفصولةٌ تماماً ـ أيها المواطنون الكرام ـ عن الدعوة الطائفية، ولا علاقة لها بها على الإطلاق، والربط بينهما ـ كما يحاول البعض ـ بعيد كل البُعد عن الموضوعية والتعقل. فما علاقة المطالبة بالديمقراطية بالناحية المذهبية؟.
إن الديمقراطية لا سنيةٌ ولا شيعية. وقد أكدنا أن الديمقراطية المستهدفة لا تحمل معها تغوّلاً لطائفةٍ على حساب الطائفة الأخرى، ولا تستبطن إقصاءً أو تهميشاً لفئةٍ على حساب فئة.
خطر الإعلام الرسمي
هناك مطالب سياسية وطنية إذا تحققت، تحققت للشعب كله، وربحها الشعب كله، وإذا أحبطت خسرها الشعب كله، ولن تكون الديمقراطية المطلوبة خاصة بطرفٍ دون طرف، فضلاً عن أن تكون لطرفٍ على حساب آخر، والرابح في إبقاء ما كان على ما كان أو إبقاؤه ليس بعيداً عما كان هو النظام وحده لا غير.
ولا يوجد سببٌ موضوعيٌ للصراع الطائفي المذهبي أو السياسي، وإذا وجد أي لونٍ من ألوان هذا الصراع فهو صراعٌ مفتعل، مارس الإعلام الرسمي ولايزال يمارس التحضير الجدي له، وفي هذا جريمةٌ اضافية تُسأل عنها الحكومة. وتشير بعض الأحداث إلى أن ما حُضِّر له قد يكون بدأ تدشينه على الأرض.
ولا جرح يحدث ولا روح تزهق في هذا المجال إلا وتتحمل الحكومة مسئوليتها، ويجب أن تتوجه المحاسبة لها من غير دخول في أية مواجهة طائفية ينكرها الإسلام، وترفضها المصلحة الوطنية، وحق الأخوة والجوار، والمصير الواحد والتاريخ المشترك.
لا يغرين أحدٌ سنياً على شيعي
أقول: لا تكونن قابيل تقتل أخاك المسلم ـ وكلكم مسلمون ـ فتبؤ بإثمك واثمه وتصبح من الخاسرين.
لا تكن قابيل تقتل أخاك السني فتدخل بقتله النار أو تقتل اخاك الشيعي فتدخل بقتله النار، وأنت في الوقت نفسه تقتل نفسك.
إن أي شيعي يستبيح من اخيه السني قطرة دمٍ يكون قد أباح دم اخوانه من الشيعة، وإن أي سني يستبيح من اخيه الشيعي قطرة دمٍ يكون قد أباح دم اخوانه من السنة. وهكذا يكون الجاني جانياً على الجميع.
فليقف كل الشيعة ضد أي عدوانٍ على السني كما اوجب الدين أصلا، ولأن لا يُشرِّعوا القتل لأنفسهم. وليقف كل السنة ضد أي عدوانٍ على الشيعي امتثالاً لأمر الله أساساً، ولأن لا يشرِّعوا القتل لأنفسهم. ولا يغرين أحدٌ سنياً على شيعي ولا شيعياً على سني فإن نار الفتنة العمياء لن تستثني هذا المحرض على الشر بالخصوص.
لا نستبيح من المجنس ما لم يحله الله
وأنتم يا طلاب المدارس سنة وشيعة أخوة، وأنتن يا طالبات المدارس أخوات، أخوتكم جميعاً إسلامية ووطنية، وأخوة رفقةٍ وزمالة، ولكل هذه الأخوّات حقٌ فارعوا حقوقها، ولا يكن بينكم شقاق. ومناقشة التجنيس ورفضه شيء، ومعادات المجنسين شيءٌ آخر، فلا عداوة ولا تعدي ولا جدال. صحيحٌ أننا ننكر ظاهرة التجنيس ونحارب التجنيس، وعلينا أن ندرأ عن البلد شر التجنيس، لكن لا يعني هذا على الإطلاق أن نستبيح من المجنس ما لم يحله الله وكل المسلم على المسلم حرام. هذا بالنسبة للكبار فكيف لصبيةٍ أو صبي؟.
انظروا إلى المطالب نظرة مجردة
ولي كلمةٌ لكل العقلاء والمشفقين على وضع الوطن، والحريصين على مصلحته، والساعين للخروج به من الأزمة بسلام، والمنادين بالصلح من مختلف الشرائح والتوجهات أن يستحضروا قوله سبحانه: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب». وأن ينظروا إلى مطالب الشعب بنظرة مجردة، ويروا أنها أقرب إلى الحق أو الباطل، والعدل أو الظلم، والصلاح أو الفساد، ليكون ضغطهم من منطلق صادق الدين والضمير مع المنادين بها أو ضدهم ومعها او عليها. كن ضدي إذا كانت مطالبي باطلة، وكن معي إذا كانت مطالبي حقة، نريد من كل المنصفين أن ينظروا في هذه المطالب أقرب لدين الله أو هي بعيدة عن دين الله عز وجل؟ قريبة من حق الشعوب أم غريبة على حق الشعوب؟!، المسألة ليست مسألة طائفية أبداً، المسألة سياسية. وإلا الشيعي الذي يُصادق النظام سني، والسني الذي ينكر على النظام ظلمه شيعي، المسألة ليست مسألة سني وشيعي، المسألة ظلم سياسة ووقوف في وجه هذا الظلم.
كلمة إعجاب للمرابطين في الدوار
وكلي إعجاب وتقدير لكل شرفاء من الرجال والنساء الحريصين على التواجد في دوار اللؤلؤة والمرابطين منهم بالخصوص خدمةً للمطالب الشعبية العادلة النبيلة، وحرصا على تحقيق مصلحة الوطن لكل أبنائه وبناته وأجياله القادمة، وعلى التزامهم الأسلوب السلمي الصبور، وتحررهم من ضيق الأفق الطائفي، وانضباطهم وترفعهم على ردود الفعل الانفعالية المرتجلة، مشدداً في مطالبتي لهم بعدم التفريط في هذا الأسلوب والتخلي عنه أو عن مرابطتهم ومصابرتهم مع إخلاص النية لله وطهارة القلوب