قاسم: ننشد الحوار الجاد... وتسميم جو المدارس بالكراهية والنزاع الطائفي جريمة شنيعة
الدراز- محرر الشئون المحلية
قال الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبة الجمعة أمس بجامع الإمام الصادق (ع) بالدراز تحت عنوان «كلمة في الوضع المحلي» إن «أي حوار على خلاف رغبة الشعب وخارج إرادته ويأتي بعيداً عن طرحه لا قيمة له، ولا يؤدي إلى حلٍ أو تهدئة».
وفي سياق الحوادث المدرسية ذكر قاسم أن «على كل أطراف الداخل أن تلتفت إلى أن تسميم جو المدارس أو الساحة الاجتماعية العامة بالروح الطائفية والكراهية والحقد والفتنة والنزاع الطائفي، جريمة شنيعة، وفاجعة كارثية، ترتكب في حق الأجيال القادمة والوطن في حاضره ومستقبله»... وهذا نص الخطبة:
كلمة في الحوار
كلامي ليس في الحوار وعدمه، ولا في سقف الحوار ومستواه، وإنما كلامي من حيثية آخرى. هناك طرفان متقابلان، مُطالِبٌ وهو الشعب ومُطالَبٌ وهو النظام، ومن يقرر الحوار أو عدمه هما الطرفان لا طرف ثالث، والحوار يحتاج إلى موافقة الطرفين، ويعطله عدم الجدية أو عدم الوثوق من احدهما، وأي حوار على خلاف رغبة الشعب وخارج إرادته ويأتي بعيداً عن طرحه لا قيمة له، ولا يؤدي إلى حلٍ أو تهدئة، وهو من نوع عقد الفضولي الذي يحتاج إلى إمضاء الشعب ومباركته، فالحوار بين الطرفين المختلفين، والاختلاف هنا بين النظام وبين الشعب، ولا يمكن أن يحاور عن أحدهما أحدٌ من غير إذنه.
وعن النواب الموافقين في الرأي لسقف الحكومة في الحوار، وفيما تريد أن تعترف به وتعطيه، وما تريد أن تتنكر له وتستكثره، بما أنهم يتوافقون مع الحكومة كل هذا التوافق، فلو كانت المسألة مسألة تصويت فلا شك في حقهم في التصويت، لأنهم مواطنون كسائر المواطنين. أما وأن المسألة مسألة حوار بين مختلفين ـ بين الحكومة ومن يختلف معها في الرأي ـ فلا موضوع عند أولئك النواب مع الحكومة للحوار. وإذا عدُ طرفاً فيه، فهم الطرف الحكومي نفسه لا انهم طرف ثالث. وفي المقابل يكون كل الممثلين في الحوار للشعب طرفاً واحداً لا أكثر، فلو اشتركت عشرون مؤسسة في الحوار بوجهة نظر موحدة، فهم طرف واحد، وكذلك لو اتحدت وجهة نظر واحدة واجتمع فيها مع الحكومة عشرون طرفاً، فهم طرف واحد لا غير.
ومسألة التصويت مسألة أخرى، فذلك حق لكل الشعب، لا لهذه المؤسسة وحدها أو تلك المؤسسة، ولا لهذه الطائفة وحدها ولا لتلك الطائفة، ولا لهذا الحزب أو غيره، ولا لنواب دون غيرهم.
استعمال القوة
استعمال القوة في وجه أي تظاهر أو اعتصام، أو أي نوع من الاحتجاج السلمي، ولمجرد أن الناس يطالبون بحقوقهم، هو عدوان سافرٌ ظالمٌ مدانٌ عقلاً ودينا، ومن منطلق الضمير الإنساني وحقوق الإنسان ومقررات الأمم المتحدة.
ماذا يحكم التحرك؟
ما يحكم التحرك وهدفه إنما هو حلال الله وحرامه، وما يجوز وما لا يجوز في شرعه، والعدل الذي قضى به حكمه، ومصلحة الوطن التي يجب الحفاظ عليها والوحدة الوطنية التي تجب مراعاتها. هذه ضوابط التحرك وقيوده، وما له الحاكمية عليه.
وليس من الصحيح أن يسمع لأية لغة طائفية وشحنٍ طائفي شيعيٍ أو سنيٍ من الداخل أو الخارج، وفي الوقت الذي نرحب فيه بالدعم الإعلامي العالمي لقضايا هذا الشعب وتحقيق مطالبه المشروعة ـ على حد الدعم للشعوب الأخرى في قضاياها ـ نطالب الداخل والخارج، من قريب أو بعيد، ومن مناصر لهذا أو ذاك، بالتخلي عن اللغة الطائفية والشحن الطائفي الذي من شأنه أن يضر ولا ينفع، ويفسد ولا يصلح.
وعلى كل أطراف الداخل أن تلتفت إلى أن تسميم جو المدارس أو الساحة الاجتماعية العامة بالروح الطائفية والكراهية والحقد والفتنة والنزاع الطائفي، جريمة شنيعة، وفاجعة كارثية، ترتكب في حق الأجيال القادمة والوطن في حاضره ومستقبله.
ومن أراد أن يغتال أمن الوطن واستقراره ويشقي الأجيال القادمة من أبنائه، فليفعل ذلك، وإنه لإثم كبير، وسوء من أعظم السوء، وضرر من أبلغ الضرر، ضرر بالوطن في حاضره ومستقبله.
دوار اللؤلؤة
يكتسب دوار اللؤلؤة أهمية كبرى في سير التحرك الشعبي في اتجاه أهدافه، بحكم واقع التجمع الجماهيري الحاشد فيه ومرابطته، وهو ينعكس بكل ما يتوافر عليه من إيجاب وما يعتريه من سلب على تحقيق هذه الأهداف. ولابد أن نرتقب من الذين يعادون هذا التجمع وأهدافه ألا يتركوا وسيلة لإفشاله وتشويهه والإساءة إليه إلا وظفوها في هذا السبيل، وإن كانت من أقذر الوسائل وأخبثها. ومن ذلك، إحداث النزاعات الداخلية المفتعلة بين أبناء الدوار وفصائله، بواسطة المندسين والعملاء وبعض الجهلة، ودفع بعض العناصر الساقطة أخلاقياً لإحداث بعض الظواهر الشاذة لتلويث الجو النظيف لهذا التجمع، وتشويهه، والتنفير منه.
وعلى التجمع العام الكبير من شرفاء هذا البلد وغياراه وصادقيه ومناضليه، أن يكونوا على نباهة تامة واحتياط كامل لمثل هذه الأمور التخريبية المتعمدة، وأن يعملوا بحكمة ووعي واتزان على إنجاح تجمعهم بالوقاية من هذه المشوهات وعلاجها بالطرق المدروسة.
وعلى عموم الشعب أن يعي لهدف هذه الدسائس، ولا يعمم أية ظاهرة سلبية على التجمع، ولا يصرفه ذلك عن المشاركة النافعة لتقويته وإنجاحه.
دعاة الديمقراطية العالمية
هناك دول تتزعم الدعوة إلى النظام الديمقراطي على مستوى العالم كله، وتراه ضرورة للسياسة العادلة في مختلف المجتمعات، وتشن حروباً باسم الدفاع عن قدسية هذا المبدأ، لكنك تجد من هذه الدول أنها تبرد في دعوتها اللفظية للأنظمة الصديقة، أو حتى في دعوتها اللفظية للأنظمة الصديقة بالتزام الديمقراطية الحقيقية، وتضغط على الشعوب عند تحركها للمطالبة بهذا المبدأ في اتجاه القبول بأرباع الحلول، أثمان الحلول، أعشار الحلول وما هو أقل مما قد يُعيد الشعوب إلى حالة الصمت والتسليم للأمر الواقع، وحالة الهيمنة والتصرف المطلق للأنظمة الحاكمة التابعة. وهذا ما يجعل أساس دعوة تلك الدول إلى النظام الديمقراطي في العالم متهماً عند الشعوب المختلفة بأنه لأغراض سياسية، ومصالح ذاتية خاصة بتلك الدول ورؤوس السياسة فيها.
السجناء المحكومون
هناك سجناء محكومون مازالوا يقبعون في السجون، والمعروف أن حكمهم لم يأتِ طبقاً لمقتضيات الشرع والقانون، ولم يثبت ما يجرمهم بالنظر إلى هذه الموازين، ولبُّ ما اعتمدت عليه إدانتهم الاعتراف تحت الإكراه، وبذلك يكون بقاؤهم في السجن معلماً من معالم الخلل السياسي، وشاهداً صارخاً على التمسك بأخطاء الماضي وتوجهاته السيئة.وأما تغيّب محمد بوفلاسة لإبداء رأي سياسي، فهو شاهد جليٌّ على حرية التعبير السياسي عن الرأي وترسّخ قيمته عند الحكومة في الوقت الحاضر، وعلى شفافية التعامل مع مختلف القضايا للمواطنين، تفهم هذا أو تفهم العكس.